احمد عبد الرحمن
ان تنفيذ انسحاب القوات الاجنبية من المدن والقصبات يمثل خطوة مهمة للغاية، وهي بقدر ما تمثل نجاحا اخر للعملية السياسية في العراق ودفعا وزخما للمشروع الوطني، فأنها تعني سلامة وصحة السياقات التي انتهجت لبناء الدولة العراقية الجديدة، القائمة على اسس حضارية، بعد عقود من التسلط والظلم والاستبداد.ولاشك ان خطوات واجراءات من هذا القبيل تنطوي على اشارات ودلالات ومعان مادية ورمزية مهمة للغاية، في ذات الوقت الذي تشكل فيه اختبارا وتحديا حقيقيا للدولة العراقية من النواحي السياسية والامنية والعسكرية.اذ سيكون ذلك مؤشرا وبداية حقيقية لاستكمال استعادة مقومات ومستلزمات سيادة الدولة على اراضيها ومياهها واجوائها ومواردها ومؤسساتها ومواطنيها، وخروج البلاد من طائلة البند السابع من ميثاق الامم المتحدة، وتعزيز وترسيخ التجربة السياسية الديمقراطية، ووضع حد للمراهنات البائسة لهذا الطرف او ذاك بأعادة العراق الى الوراء، ومن ثم عودة الاخير بقوة وثقة اكبر ليكون لاعبا فاعلا ومؤثرا بصورة ايجابية في محيطه الاقليمي، وفي الساحة الدولية على وجه العموم.ولاشك انه في المرحلة الجديدة المقبلة، بعد الثلاثين من حزيران، ستكون القوات العسكرية والامنية العراقية، على محك الاختبار، وتفاؤلنا كبير بأنها ستثبت قدرتها وكفاءتها واخلاصها وجديتها ووطنيتها في الاضطلاع بالمهام الكبرى الملقاة على عاتقها، ولاشك
ان الجهد السياسي والجهد العسكري-الامني سيكمل احدهما الاخر، ومعهما الجهد الشعبي، الذي يعد مفصلا مهما وحيويا في تحقيق النجاح. ان مجابهة التحديات الخطيرة والكبيرة خلال الاعوام الستة الماضية، والتغلب عليها، ووضع الاسس والمرتكزات الصحيحة لبناء الدولة، وتحقيق مكاسب ومنجزات على قدر كبيرة من الاهمية بفضل تظافر جهود مختلف القوى والتيارات والشخصيات الوطنية، وافشال كل المراهنات لدفع البلاد الى اتون الصراعات والحروب الداخلية الدموية، كل ذلك فتح افاقا جديدة، وهيأ الارضيات والظروف الملائمة لانسحاب القوات الاجنبية انطلاقا من ارادة وطنية عراقية، هذه الارادة التي من شأنها ان تطوي كل الصفحات المأساوية وتزيل مخلفات واثار الماضي البغيض وتجعل صورة العراق الجديد مشرقة وناصعة الى الابد.
https://telegram.me/buratha