عباس المرياني
عصفت الأيام والحوادث من جديد في حاضرة الدنيا ولم تعد حكايات إلف ليلة وليلة مصدر انس وفرح لشهريار وعادت إلى تاريخها المليء بالمتناقضات والحروب والأزمات وميزة بغداد أنها كلما اجتمعت عليها الحوادث والفتن والمشاكل تعود أقوى مما كانت عليه لاتنزوي بين ملفات التاريخ وصفحاته المنسية لأنها تاريخ ومجد لم يكتمل بعد ويأبى الأفول.
وقصص وتسميات عاصمة الرشيد ومدينة السلام لن تنتهي فصولها حتى قيام الساعة وكلما جاءها جبار أو متمرد منحها استحقاقا وكلفها فوق طاقتها ويبقى المقبور صدام الاسوء بين الجميع لأنه هدم فيها أكثر مما بناه الآخرين فعلى مدار ثلاثة عقود ونصف هي فترة حكم البعث الدموي توقفت الحياة بين حرب الشمال والثمان العجاف مع ايران وكارثة غزو الكويت التي لاتزال فصولها متواصلة مع الوهابي الطباطبائي ومجلس الأمة الكويتي والبند السابع وتداخل بين طياتها ملف نزع أسلحة الدمار الشامل مع حصار فاق حصار شعب أبي طالب.
وامتدت يد الخبث والجريمة لتهلك الحرث والنسل والطير والقصب والبردي ومواويل أحزان الجنوب بأموال الشعب العراقي في قصص وحكايات تنسجها بغداد دائما لكن هذه المرة على أسوء ماتكون فلم يحدث أن روت شهرزاد في قصصها لشهرياء عن جريمة قتل وإبادة جماعية لكل مايمت إلى الحياة في جنوب العراق من اجل دفع أخطار المد ألتغييري القادم من اهوار ميسان والحويزة والجبايش لكن زبيبة صرحت أن الملك صدام لن يرحم حتى الطير في السماء والقصب في الاهوار من اجل المحافظة على كرسي الشؤم والهوان فاستعان بذلك مع الأتراك في صفقة لم يحلم بها أتاتورك وهو في قبره الفتان فتدفقت مليارات الدولارات إلى أنقرة واسطنبول من اجل إقامة السدود وتجفيف الاهوار في بادرة أخوية من اجل إطالة حكم صدام والمعروف إن تركيا دولة مفلسة خاوية خزائنها لاتجد غير العراق والدعارة مصدر لميزانيتها فانتهزت الفرصة على أكمل وجه وفتحت لها أبواب استغلال السدود مجدا ومالا واقتصادا مهما تمثل في استثمار السدود لتوليد الطاقة الكهربائية وتوسيع المساحات الخضراء وتسمين العجول؟ وحذت سوريا الأسد حذو تركيا في إقامة القلاع الحصينة على نهر الفرات نهر الجنة سائغ الشراب لكن من نفقتها الخاصة لان علاقاتها مع صدام لم تكن في برج سعدها فأحست بخطر فعل الإمبراطورية العثمانية العجوز وأدركت أن خطر حرب المياه قادم لامحالة ومن حقها ان تحمي أرضها واقتصادها وبيئتها وطيورها المهاجرة.
ان مافعله صدام مع تركيا يعد جريمة بحق الإنسانية والبيئة والطير والشجر وعلى المتصدين لزمام الأمور ان لايتغافلوا عن حقيقة المشكلة التي تواجه العراق في السنوات الاخيرة من التصحر والجفاف وانخفاض مناسيب المياه في دجلة والفرات ادت الى قلة المساحات الخضراء وكذلك توقف الكثير من المزارعين من الاستمرار في الحصول على دخل مناسب كانوا يحصلون عليه من امتهان مهنة الزراعة وتربية الحيوانات وصيد السمك. ان المطالبة بحق تقاسم المياه المشتركة امر كفله القانون الدولي والغاه صدام وعلى البرلمان والحكومة التعامل بجدية مع هذا الملف المهم وان يكون الفيصل في اقامة وتحسين العلاقة مع تركيا .
اما اذا لم يكن باستطاعة الدولة حل مشكلة المياه واعادة الاهوار والمساحات الخضراء فعليها التوسع في بناء المستشفيات الخاصة بامراض التنفس وتوفير البخاخ الجيبي وكمامات الانف وتوزيعها مع الحصة التموينية المتردية لان بغداد ستحصل على اسم مدينة الغبار بدل من مدينة السلام
https://telegram.me/buratha
