المقالات

خطة خمسية للتنمية.. لماذا...؟؟


علي غالب بابان - وزير التخطيط العراقي

جاء قرار مجلس الوزراء في العام المنصرم بالموافقة على مقترح وزارة التخطيط بأعتماد خطة خمسية للتنمية في العراق للأعوام 2010-2014 ليشكل نقلة نوعية في مسيرة التخطيط الإقتصادي والإجتماعي في العراق وتطوراً هاماً باتجاه الإرتقاء بالأداء الإقتصادي للدولة وتعزيز الجهود الحكومية والخاصة في ميدان الإستثمار.أن إقرار هذه الخطة يعد حدثاً إستثنائياً بكل المعايير... فهي تمثل محاولة جادة للخروج من أطر الموازنات السنوية إلى ممارسة التخطيط متوسط المدى.. ومسعى مبارك للإقتراب من مفهوم التخطيط الإستراتيجي ذي الطبيعة التراكمية وهو مالم يعهده العراق في تاريخه الحديث من تأسيس الدولة العراقية.

لقد أثبتت تجربة الموازنة السنوية والتي طبقت منذ عام 2003 وما قبلها عجزها وفشلها الواضح عن تحقيق اية تنمية فاعلة أو إقامة اية مشاريع إستراتيجية فالموازنات باتت تقر بعد ثلاثة أو اربعة أشهر عن بداية السنة، ووزارة المالية لا تطلق الأموال إلا بعد ذلك وينقضي شطر من السنة دون أن يستطيع الوزير المسؤول أو المحافظ أن يحقق شيئاً أو ينفذ مشروعاً مما يجعله في عجلة من أمره لكي يرفع من نسبة تنفيذ مشروعاته وتحت ضغوط كبيرة لكي يفي بمتطلبات المشروعات التي التزم بها وغالباً ما يصاحب تلك العجالة الكثير من الأخطاء وإتهامات الفساد وسوء التنفيذ، وعندما تكون الحالة على هذا النحو فمن الطبيعي جداً الا يفكر أي مسؤول في أي موقع كان بالإلتزام بمشروعات كبيرة أو إعتماد رؤى إستراتيجية لتطوير القطاع أو المحافظة التي تقع تحت مسؤوليته.. ومن المعتاد تماماً في مثل هذه الحالات أن تغلب النظرة القصيرة الأمد والمعالجات الموضعية على الإلتزامات الطويلة والمشاريع العملاقة وهكذا يتلاشى الطموح... إذ لا يتجاوز اهتمام المسؤول قضية تنفيذ المشروعات الصغيرة وربما اعمال الصيانة المحدودة هنا وهناك

أن مثل هذه الحالة لا يمكن أن تبني بلداً أو تشيد إقتصاداً ولكنها تبقى الدولة والمجتمع يدوران في حلقة مفرغة يكون فيها الوطن والمواطن هما الخاسر الأكبر... من أجل ذلك كله جاءت خطة التنمية الخمسية لتحمل منظوراً مختلفاً فهي تركز على وضع الرؤى والإستراتيجيات موضع التنفيذ..... وتمنح المسؤول فسحة في الوقت والتخصيصات لكي ينجز مشروعاته ولا تجعله تحت مطرقة الزمن... كما تتيح للدولة أن تضع خططاً طموحة لتطوير قطاعاتها ومحافظاتها.

أن الرؤية التي تعتمدها وزارة التخطيط لا تقوم على جعل الخطة الخمسية للتنمية مجرد تسطير للمشاريع الإستثمارية على مدى السنوات الخمس وكأنها تعتمد على منظور شامل للتنمية الإجتماعية والإقتصادية يجعل الإنسان العراقي أولويته المطلقة ومحط إهتمامه وتركيزه ويهدف إلى الإرتقاء بخصائصه النوعية ومستوى معيشته. من الطبيعي جداً أن تواجهنا صعوبات وإشكاليات فنية عديدة فلأول مرة يأخذ المخطط العراقي في إعتباره عناصر مشاركة القطاع الخاص والإستثمار الأجنبي والتمويل الخارجي.. ولأول مرة يتم إعتماد منهجية وضع السيناريوهات في التعامل مع مسائل كتقدير إيرادات العراق النفطية وغيرها وهنا يفترض أن تقوم خبرة المخطط ومهارته الفنية وحسن إستخدامه للتقنيات والمنهجيات الحديثة في التغلب على اية صعوبات نظرية تواجهه.(أن خطة التنمية الخمسية التي تعمل لها وزارة التخطيط بكل مثابرة بالتعاون والتنسيق مع باقي أجهزة الدولة ومحافظاتها تمثل املاً حقيقياً بالمستقبل..) ووعداً بالإزدهار والتغلب على معاناة المواطن العراقي..إنها إستحقاق وطني فعلي يجب أن تتظافر جهود الجميع لإنجازه وفي آخر المطاف فأن نجاح هذا التوجه أو فشله لا سامح الله سيرتبط بمدى تجاوب الجميع معه وإقتناعهم بمصداقيته وجدواه.

أننا في وزارة التخطيط ندرك الصعوبات الإجتماعية والسياسية والإقتصادية المحيطة بالوضع العراقي الراهن.... كما ندرك أن البيئة العراقية الحالية بكل معطياتها ربما لا تكون البيئة الملائمة لمثل هكذا خطط تمتد لأكثر من عام فيما الحراك الداخلي قوي ومتسارع في المجتمع العراقي وفيما العديد من المسائل الأساسية لم يتم حسمها... ولكن على الرغم من ذلك كله لابد من التأكيد على ضرورة إمتلاك الدولة لمشروع مركزي للتنمية والإصرار على تنفيذه لأن بديل ذلك هو أعوام إضافية من الفوضى والهدر وضياع الأموال والزمن مما سيفاقم المعاناة ويزيد من الإحتقان الإجتماعي والسياسي وهو مالا نريده لشعبنا ومواطنينا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك