المقالات

هل نملك برنامج حكم في العراق؟


علاء الموسوي

ثمة حقيقة لايختلف عليها اثنان، ان الوجود السياسي لاي حزب يتعلق ببرنامجه السياسي المعلن عند الجماهير، وليس ما يدور في خلجات المنتمين لهذا الحزب في علاقاته الدبلوماسية مع الاخر من الأحزاب السياسية المنافسة له.وعند تتبع مسيرة اغلب الأحزاب السياسية العراقية في زمن معارضتها لنظام صدام البائد، وخلال توليها للسلطة اليوم في العراق الجديد، تجد البرغماتية هي السائدة في العرف السياسي لتلك الأحزاب، بل ان التغيير السياسي هو السمة الوحيدة التي حافظت عليها أحزاب اسلامية ويسارية في العراق... فما كان يعتقده الاسلاميون في الامس القريب، من مفاهيم عقائدية تجاه التعامل مع الغرب والتفاعل مع المفاهيم (العلمانية) ـ بكسر العين ـ من الديمقراطية والتحكم إلى صناديق الاقتراع... وغيرها من الاحكام والقوانين التي تؤمن المضي قدما لتأسيس دولة مدنية حديثة.. اصبحت اليوم علامة فارقة بين ماضيها العقائدي وحاضرها السياسي، بل تجد احيانا ان هناك تغيرا في الثوابت العامة التي انطلقت منها تلك التحالفات لمصاديق الاسلام السياسي، والذي كان يفتقر إلى التعدد في المذهب والتنوع في الاتجاهات الفكرية من التقاء الاسلامي بالليبرالي ـ كما يحدث اليوم ـ .قد يجد البعض ان الجنوح إلى هذا التغيير الشامل لمحتوى المفاهيم والمصاديق التي تتحرك بها تلك الأحزاب.. حالة ايجابية وتستحق الثناء والاطراء، ولكن، يبقى السؤال عن السبب والدوافع الرئيسة وراء اتخاذ تلك الاليات المختلفة عن الامس.. وهل الحالة تنم عن نضج سياسي للبرامج المعلنة سابقا.. أم ان القضية لاتتعدى الكشف والاعتراف عن العجز السياسي الذي تعانيه تلك الأحزاب مسبقا في رؤيتها الاستشرافية للوصول إلى حكم العراق. والذي انعكس عليها اليوم، وهي تزاول الحكم والسلطة من دون تحديد برامجها ونظريتها في ذلك الدهليز الحاكم لارادة الشعب؟.البعض يرى ان الأحزاب في العراق تحاول الحفاظ على مصداقيتها لدى الشعب، الذي كان ينظر اليها بعين المنقذ والمصلح لعراق من دون صدام ــ كما تراه تلك الأحزاب نفسهاـ وحين لم تسنح لها الفرصة في ان تكون الممثل الحقيقي للاصلاح السياسي والاقتصادي، بدأت ترنو إلى التغيير من اجل الابقاء على وجودها السياسي عند الشعب. ولعل استفحال ظاهرة المعارضة وتناميها لدى بعض الأحزاب وهي داخل الحكم نفسه، هو نتيجة اتقانها لذلك الفن السهل، والمحبب عند الجماهير، من دون ان تتقن آلية برمجة ذلك التعارض في الوقت نفسه، إلى واقع يلمسه المواطن العادي في حياته اليومية.لا احد ينكر ان الديمقراطية في العراق مازالت تحبو نحو التخلص من اسوأ تطبيقاتها داخل العملية السياسية، والذي عمل الاستثناء فيها على ترسيخ التوافقية في حل الاشكالات العقيمة داخل المكون السياسي. ولكن الاليات الداعمة في تعزيز قواعد الحكم، وترسيخ مفاهيمه الديمقراطية، من مسؤولية الأحزاب، التي يفترض ان يكون همها الاول والاخير هو رعاية المؤسسة السياسية الوليدة في العراق، بدلا من تناحرها حول تقاسم كعكعة السلطة والمناصب.احيانا نشعر ان هناك خللا بنيويا في تركيب الأحزاب، وفهمها للشأن العراقي وطبيعته المجتمعية، فالشعب يريد ما لاترغبه الأحزاب، والأحزاب تفكر بما يمقته الشعب، ويرفض ان يجعله ضمن خانة التطلعات المستقبلية، وهذا الفارق الفكري وجدناه متمثلا في اكثر من موقف سياسي معلن اتخذته اكبر الأحزاب في البلد، والذي اودى بها إلى خسران ابرز مواقعها التنفيذية، فضلا عن ما يهدد البعض من الأحزاب، التي ما زالت مصرة على برامجها الفاشلة في ادارة الدولة العراقية الحديثة.على الاحزاب الراغبة فعلا في رسم ملامح العراق الديمقراطي ، ان توحد رؤاها وبرامجها السياسية، للوصول إلى آلية توافقية في تعزيز دولة المؤسسات الدستورية ، ضمن برنامج واضح لطبيعة الحكم، وليس التوافق حول تقسيم المصالح الخاصة، التي مازالت ترزح بها داخل الاروقة الحزبية.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك