بقلم : سامي جواد كاظم
نعم من ينظر الى الشيعة الامامية بانصاف فلابد لعقله وهواه ان ينقاد للفكر الامامي واهم ما يميز الانصاف التمعن بما طرحه الائمة الاطهار عليهم السلام من ثقافة بمحتلف مجالاتها وعند ذلك اجزم بانه ينقاد الى الفكر الامامي عقلا اما اعتقاداته الدنية من حيث العبادة قد تبقى على حالها .في منتصف الستينات اشتهر المؤلف اللبناني المسيحي في كتابه علي صوت العدالة وكان مجلد بخمس اجزاء يتناول سيرة الامام علي عليه السلام وعلاقتها بواقعنا حيث ربط بين افكاره عليه السلام ومنظمة حقوق الانسان مثلا والثورة الفرنسية مثلا ، واستخلص نتائج اشاد بها الغير قبل اهل المذهب .
في حينها اتذكر ذهبت مجموعة من المتطرفين الى عبد السلام عارف المشهود له بطائفيته حتى انه تبرع لسوريا لاعمار قبر معاوية الا ان انتكاسة حزيران انكست مشروع عارف وقبر معاوية معه ، هذا الطائفي طلبوا منه منع كتب جورج جرداق فقال لهم لو منعته فان الطلب عليه سيزداد ولكن لو اردتم اطلبوا من المؤلف كتابة كتاب عن الخليفة الثاني على غرار كتاب علي وانا اساهم في مبلغ الطبع والنشر . والتاريخ رائع فصورة جورج جرداق كان لها مثيل بالامس واليوم ،
بالامس عندما كتب النسائي عن فضائل علي عليه السلام اواخر الدولة الاموية فاغاظ الناصبيين مما طلبوا منه الكتابة عن معاوية فقال لهم ماذا اكتب عنه ولا اعرف عنه الا انه ياكل ولا يشبع حسب دعاء النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم فقتلوه من خصيتيه .
واليوم الصورة كررها مبعوث الامم المتحدة دي ميستورا وحيث ان صورته التي اظهرت تضرعه امام ضريح الامام علي عليه السلام لها مدلولات رائعة ، هذا الرجل ليس بالرجل العادي الذي لايبالي بما يرى او يقرأ ، هذا الرجل لديه اطلاع على سياسة الشيعة في الامور التي تعترضهم وبالذات ازمات الشرق الاوسط ، هذا الرجل يتابع السياسية الايرانية عن كثب ، نعم قد لا يفصح عما في داخله لا لانه يخشى ولكن ليطمأن قلبه للنتائج اذا ما قال .
قبل العراق هل تعلمون اين كان يعمل ؟ انه كان ممثل لكوفي انان في جنوب لبنان ومن هذا الموقع لابد انه استقى الدروس وتابع العمل في حزب الله وكيفية ادارتهم للعملية السياسية والعسكرية في جنوب لبنان ومن هناك ولدت له فكرة من هم الشيعة ؟ ولان الرجل على درجة عالية من الثقافة فانه نظر الى ثقافة وافكار اهل البيت عليهم السلام قبل النظر الى ثقافة اتباعهم لانه قد يكون هنالك من لا يحسن ترجمة مبادئ اهل البيت عليهم السلام على ارض الواقع بشكل سليم لهذا نظر الى النبع ولم ينظر الى الفروع . بالامس عندما تحدثنا عن جورج جرداق فانه قد قام بزيارة النجف خلال مرجعية السيد محسن الحكيم قدس سره ومن النجف كان لابد له ان يطل على ضريح من يتغنى به ويعشق افكاره ويبجل شجاعته وينحني الى عظمته فكانت زيارته ، هنا ماذا جرى وراء الكواليس لا نعلم ولكن الذي نعلمه انه وقف امام المرقد خارج الصحن والقى كلمة بحق امير المؤمنين عليه السلام واصفا شعوره اياه وهو يقف امام مرقده فابكى الحاضرين صدقوني ابكى الحاضرين أي كلمات قالها هذا المسيحي الرائع الذي يشرف الف ، الفين ، بل كل الناصبيين .
واليوم جاء دي ميستورا الى النجف الاشرف التي ابى ان يغادر العراق من غير الالتقاء بالاحبة وهذه الزيارة عميقة جدا بمدلولاتها حيث ان دي ميستورا كثيرا ما يتردد على السيد السيستاني للاستئناس بارائه وافكاره فيما يخص معضلات العراق وهذه الزيارات كونت فكرة تامة عن من يمثل فكر الامام علي عليه السلام من شيعته ،وحالما خرج من بيت السيد حفظه الله من كل مكروه توجه صوب ضريح الامام علي عليه السلام ، هنا الاستفهامات فدخوله الضريح وما يترتب على ذلك من ابعاد لدينا الشيعة الامامية فهل يمكن ان دي ميستورا بقي على ما هو عليه من ديانة ؟ ام انه تغير ولا يريد البوح ؟ ام ان للسيد السيستاني بعد فكري فسمح لان يدخل الضريح ويقبله ؟ كل الامور جائزة ولكن المحصلة النهائية ان زيارة السيد دي ميستورا اثلجت صدور واحرقت قلوب ،فالمحب نظر الى الزيارة نظرة رائعة تمثل العرفان بحق الشيعة وامامهم والناصبيون اكتوت قلوبهم لما راوا اثر التضرع على وجه دي ميستورا وهو ينحني امام الضريح المقدس.
لا ننسى ان نؤدي التحية الى الشاعر المسيحي بولس سلامة والكاتب اللبناني انطوان بارا فمحبينا يكفينا فخرا بهم ان محبتهم نابعة من قلوبهم وعقولهم كما ان الوهابية بغضهم لمحمد وال بيت محمد عليهم السلام ولشيعة ال محمد نابعة من عقولهم وقلوبهم .
https://telegram.me/buratha
