د. واثق الزبيدي
هذا مقطع من مقولة للبريطاني توماس لييل في كتابه the ins and outs of Mesopotamia الذي اصدره عام 1923 وهو يقول فيه ( اني مقتنع اقتناعا قويا نتيجة اطلاع شخصي ان الدين الاسلامي ليس تقدميا وانه ذو اثر مضعف للشخصية ... وقد دفعني هذا الاقتناع الى القول بان الرجل المسلم ، وخاصة الرجل الشيعي لابد ان يبقى لسنوا عديدة غير لائق تماما للحكم الذاتي وهو انما يطلب الحكم الذاتي لانه يجد فيه فرصة لكي تخلص من القانون والنظام ) ولعل في هذا المقطع الصغير ما اقتنع به الانكليز وتاسس عليه راي الدول الغربية الى الان فقد استغرب العالم الغربي ان تتطور الدولة الايرانية التي تحكم باسم الدين والتشييع
كما اذهلها ان ينجح العراقيون في تاسيس دولة يحكمها الشيعة على راي الكثيرين وربما كانت نظرة بوش مستغربة من قبل الكثير من الدول الغربية ومستهجنة من الدول العربية التي في غالبيتها سنية فالجميع لايريد للشيعي ان يحكم وفي عودة للمقطوعة يجب علي الاشارة الى ان هذه المقولة اطلقت تماما على اثر الثورة العراقية الكبرى عام 1920 وهذه المقولة كانت رسالة من موظف عمل في العراق الى اقصاء الشيعة وكانت امريكا وفي سابقة خطيرة خرجت عن الاجماع الغربي والعربي قد فتحت المجال للشيعة للحكم وكانت واثقة من النجاح على خلفية معرفتها بنجاح الشخصية الشيعية الاسلامية في الحكم في ايران لان ايران ليست دويلة صغيرة بل هي دولة كبيرة يحسب لها اليوم الف حساب بفضل النظرية التي تحكم من خلالها وان نجاح ايران في اخراج نموذج اسلامي يحاكي النموذج الغربي بل يتفوق عليه هو سبب كل الاثارة والمحاولات التي تحاول النيل من ايران فنجاح الشخصية الشيعية هو امر غير مستساغ وكان الغرب ينتظر سقوط ايران قبل اكثر من عشرين سنة وكانت النظرة التي تلقي بظلالها على مخيلة الكثيرين ان ايران كان من المفترض ان تسقط في السنوات الاولى من حرب الخليج الاولى وان تعاون القوى العالمية الامبريالية وغير الامبريالية عليها ودفع الدول العربية لاستعداءها كان عاملا اضفى قوة لمشروع الحكم الشيعي الاسلامي فرغم سنوات الحرب الثمان تخرج ايران قوية باضعاف مما دخلت الحرب وما ان شرعت امريكا بمشروعها في تحرير العراق حتى قامت قائمة الدول الغربية والعربية لاسقاط التجربة العراقية لانها تعلم ان نجاح التجربة العراقية يعني تعميم النموذج الشيعي على باقي الدول وربما شعر العرب السنة بذلك
فبادروا لحرب العراق عن طريق المفخخات لمحاولتهم اسقاط الهلال الشيعي الذي زعم العرب انه مخطط شيعي يريد اسقاط العرب السنة وتحويلهم الى شيعة لذا نرى ان الشيعة في مصر محاصرون ومضطهدون ولا يمنحون الجنسية رغم انهم مصريون قبل ان ينتمي الرئيس المصري الى مصر ثم علينا ان نذكر بمحاولات الامير القطري تقليل الشيعة في قطر عن طريق طردهم من قطر رغم انهم يحملون الجنسية القطرية ومحاولات الملك البحريني منح فدائئي صدام الجنسية البحرينية للاخلال بالتركيبة البحرينية التي تشير احصائيات رسمية بحرينية على انهم اكثيرية ساحقة في البحرين ولعلنا لا ننسى ان نظرية تسليم الحكم للسنة في العالم العربي ارتكزت على مقولة توماس هذا الذي اصدر مقولته هذه لكرهه للشيعة بعد ان اثبت الشيعة ولائهم للوطن فبريطانيا احست ان المواطن العراقي الذي يمتاز بولاءه للوطن لان تعاليمة الدينية تفرض عليه ذلك سيجعل من الصعب على الدول المستعمرة ان تستمر في حكم العراق او غير العراق سواء بطريقة مباشرة كما حدث من قبل او بصورة غير مباشرة كما يحدث اليوم لاغلب الدول العربية التي تحكم من قبل السفارات الاجنبية على اراضيها ،
ويبدو ان ما احدثته ايران في اتجاه ابراز الشخصية الحاكمة سيكون هو النتيجة الحتمية والنموذج الانسب ففي كلا الدولتين التي يحكم فيها الشيعة في ايران والعراق يحكم الحاكم الشيعي بتفويض الجماهير او تفويض صناديق الاقتراع اما في باقي الدول التي تهيمن عليها الشخصية السنية فيحكم الجميع بقانون الرواثة والقسر والاذلال وهو في حده عامل ايجابي بالنسبة للشيعة لان المواطن العربي وخاصة بعد التجربة العراقية ورغم ما القاه الاعلام من سموم وتشويهات على التجربة العراقية لكن الجميع في العالم العربي اليوم يشعر ان النموذج الشيعي الحاكم هو الشخص الانسب في هذه التجربة وفي تعاطيه والاسلوب الحديث مع الحكم وهو اسلوب الانتخاب والشرعية الجماهيرية وليست الشرعية الحراسوية التقليدية (كلب الحراسة ) التي تقوم على تملق الرئيس والحاكم للغرب على شعبه ليقلد مقاليد الحكم وليعزل متى ما شاءت الارادة الغربية رغم الارادات الشعبية .
https://telegram.me/buratha
