بقلم:محمد التميمي
شخص قضى احلى سنوات عمره رازحا في سجون البعث الصدامي، وفاتته معظم او كل فرص الحياة الطبيعية كبناء الاسرة واكمال الدراسة والحصول على الوظيفة، ومازال بعد ستة اعوام من سقوط الصنم، وانتهاء عصر جلاديه يطرق الابواب عله يحصل على شيء يعوضه عن جزء صغير مما فقده وفاته.ويسمع هذا الشخص ويقرأ كثيرا في وسائل الاعلام عن حقوق السجناء السياسيين والمتضررين من نظام البعث الصدامي وعن قانون اجتثاث البعث وقانون المساءلة والعدالة، ويسمع ويقرأ في كل يوم وعودا وردية بالنسبة له ولامثاله. لكنه في كل مرة يسمع ويقرأ شيئا من هذا القبيل يضحك مليء شدقيه، لا فرحا وسرورا واستبشارا وانما من باب شر البلية ما يضحك، ولسبب بسيط هو ان ما يلمسه على ارض الواقع يتناقض تماما مع ما يسمعه ويقرأه.فحقوق السجناء والمفصولين السياسيين والمتضررين وقوانين اجتثاث البعث والمساءلة والعدالة ليست الا حبرا على ورق، في الوقت الذي لا نذهب الى اية مؤسسة حكومية الا ونجد فيها البعثيين الصدامين متربعين على الكراسي الفارهة وماسكين بزمام المواقع المهمة، ومتنعمين بالامتيازات، ومتسلطين على العباد. واهم جدا من يعتقد ان القتلة والمجرمين الصدامين قد انتهوا بعد سقوط الصنم، بل على العكس، وان ما حصل هو انهم ابتعدوا قليلا عن الواجهة تفاديا للخطر ليس الا.وهذه ليست مدعيات وافتراءات، بل انها ارقام وحقائق دامغة موثقة، وتقرير لجنة المساءلة والعدالة التابعة لمجلس النواب الصادر مؤخرا يعد واحدا من اقوى الادلة وابلغها، البعثيون الصداميون موجودون على نطاق واسع في وزارات الدفاع والداخلية والامن الوطني، وفي جهاز المخابرات، وفي وزارات التعليم العالي والخارجية والمالية وفي مكتب القائد العام للقوات المسلحة وفي كل مكان، بل وحتى في مجلس النواب. ووجود اغلبهم ليس بعنوان موظفين بدرجات وظيفية عادية، بل بدرجات وظيفية خاصة ورتب عسكرية عالية، وهو ما يتيح لهم ان يأمرون وينهون، ويقررون ويحكمون ويتحكمون.وللامانة والموضوعية فأن ضحايا البعثيين الصداميين من السجناء والمفصولين السياسيين وذوي ضحايا المقابر الجماعية هم موجودين ايضا، ولكن اين؟.في صالات الانتظار في المؤسسات الحكومية للحصول على شيء ما.. في بيوت خاوية تفتقر الى ابسط مقومات الحياة الكريمة.. يعانون من البطالة والحرمان والاهمال والتهميش والتغييب.. اي انهم كانوا ضحايا ومازالوا ضحايا.. وجلاديهم في الامس تربعوا اليوم على المقاعد الوثيرة الناعمة، وحصلوا على الرواتب العالية، وعادوا بعد فترة انقطاع قصيرة ليكونوا جلادين من جديد ولكن بثوب واسلوب جديدين، بحسب ما تتطلبه الظروف والاحوال... وانا لله وانا اليه راجعون ...اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha
