أوباما الاختيار الخاطئ .. والرسالة ولدت وهي ميتة!

اسعد راشد

من المنتظر ان يقوم الرئيس الامريكي حسين اوباما بجولة شرق اوسطية يستهلها بزيارة الى "المملكة السعودية" وبعدها مباشرة الى مصر حيث يوجه من جامعتها الازهرية رسالة الى العالم الاسلامي لم يعرف مضمونها بعد !

كان مقررا ان لا تشمل الزيارة "السعودية" الا ان المستشارين "الفطاحل" لحسين اوباما اقنعوه بالقيام بمثل هذه الزيارة كون "ان المملكة لها ثقل ديني في العالمين العربي والاسلامي"!! كما ان اقتصار الزيارة ـ حسب المراقبين السياسيين ـ على مصر سوف تعطي للاخيرة حجما ودورا لا يستأهلها وبالتالي سوف يثير الخصم المنافس لمصر على زعامة المنطقة والعالم السني !!وبغض النظر عما يقوله المراقبون حول تلك الزيارة وتوزيع "المزايا" الدينية وحتى السياسية لتلك الدول فان اصل الزيارة هي "خطأ" وخطأ استراتيجي كما ان الرسالة التي يريد ان يوجهها سوف تكون ميتة لانها تنطلق من موقع لا يستحق مثل هذه الاهمية ولا تلك الرسالة ولا في مستوى يؤهل ذلك النظام كي يوجه عبره ومن خلال اجندته تلك الرسالة والتي سوف يفهمها الكثيرون من المعتدلين والمتطرفين بانها خاطئة وغير موفقة خاصة وان كلا النظامين لا يحظيان بتأييد شعبيهما وان حقوق الانسان في ظل اجهزتهما القمعية تداس بالاقدام وهي مسحوقة وما تزال تسحق سياسيا ومذهبيا كما ان الارهاب والفتاوي الارهابية مصدرهما هما الوهابية والمخابرات المصرية التي تزود المتمردين والمتطرفين والمعادين للديمقراطية باسباب الارهاب وتحرضهم على اعمال القتل في كثير من الدول في المنطقة .

ولعل الاستفتاء الذي اجراه بعض المواقع الاعلامية حول زيارة اوباما حسين للمنطقة والرؤية التشائمية حولها يكشف فقط جانبا من الحقيقة التي تخدم اجندة تلك الدول وليس الشعوب وتطلعاتها حيث المعروف ان تلك المواقع لا تجري استفتاءا الا لتمرير رسائل وتكييف اجندات اقليمية واستخباراتية ‘ الاستفتاء لا يتحدث عن ما يلزم القيام به من قبل الولايات المتحدة للضغط على الانظمة العربية التي تدعم مشاريع الارهاب والعنف ومصادرة الحريات والدكتاتوريات ‘ الاستفتاء بحد ذاته تحريض على الارهاب وعلى الكراهية للغرب والولايات المتحدة وهو بالتحديد ما تريدة الانظمة الكارتونية العفنة في المنطقة وخاصة تلك الانظمة المتهمة بانتهاك حقوق الانسان وبرعاية الارهاب والفتاوي الارهابية ..

ان اختيار اوباما لدول مثل السعودية ومصر لتوجيه رسائل من خلالها الى الشعوب المسلمة هو اختيار خاطئ وفاشل لا يؤدي المطلوب بل سوف يزيد من الكراهية لامريكا ويساهم في تعزيز دور الديكتاتوريات والانظمة القمعية في المنطقة ‘ كما ان اوباما ومستشاروه لم يضعوا في اعتبارهم ان الاسلام لا يمثله السعوديون ـ النظام ـ ولا المصريون ـ حكومة مبارك ـ كما ان المسلمين ليسوا فقط هم "السنّة" بل هناك المئات من الملايين الشيعة الذي لا يرتضون ان يعطى مثل هذا "الامتياز" لدول راعية للقتل والارهاب ومحرضة بفتاويها الارهابية على قتل مواطنيها الذين يختلفون معهم في المذهب او المعتقد او حتى الرأي ..

فهل الاسلام فقط "السعودية" او "مصر" ولماذا لم يختار اوباما مثلا "النجف" و"كربلاء" وحتى "قم" ويضعها في مصاف الازهر والرياض ؟ان زيارة اوباما لبؤرة الفتاوي الارهابية ولمصر الباغية حكومتها لا تكسبه الا عداوة من الضفة الاخرى سواءا كانت شيعية او سنية حيث المعروف ان نظام مصر والسعودية لا يملكان اي رصيدا شعبيا وانهما من الانظمة التي تكرهما الشعوب لاسباب واضحة منها منها غياب الاليات الديمقراطية وافتقادهما لابسط ما تمتلكه البلدان الحرة والديمقراطية كما ان ضلوعهما في دعم المجاميع المسلحة والارهابية في العراق امر لا يحتاج الى دليل .

فهل يعي اوباما ان الخطوة التي يقوم بها سوف تضيع كل مكاسب امريكا من وراء انتخابه رئيسا للبيت الابيض كون انه لاول مرة ينتخب رئيس للولايات المتحدة رجلا من اللون الاسود ومن بيئة هي اقرب للعالم غير الغربي ذلك الانتخاب الذي فتح مجالا وبابا للحوار والتقارب بين الحضارتين ومن خلال رئيس ذو خلفية اسلامية وافريقية في ان واحد !!

اسعد راشد