المقالات

الغـــاز العـــراقــــي... بيــن الـواقــع والطــموح


علي غالب بابان وزير التخطيط والإنماء

بدأت الأنظار تسلط بصورة متزايدة على الغاز العراقي وأصبح في بؤرة الإهتمام الإقليمي والدولي بعد أن توالت الأنباء عن إكتشافات غازية جديدة خلال الأعوام الماضية كما أشارت التقارير إلى وجود مشاريع عدة لتصدير هذا الغاز إلى تركيا واوروبا وكذلك ربطه بشبكة أنابيب نقل الغاز العربي, ومع بقاء الخلاف بين إقليم كردستان والحكومة المركزية وأستمرار الجدال الداخلي حول العقد الموقع بين وزارة النفط العراقية وشركة شل وكذلك بروز خلاف حول سبل إستثمار حقل (عكاز) في محافظة الأنبار يصبح ملف إستثمار الغاز العراقي وإستخراجه (مُعلقاً) شأنه شأن العديد من الملفات الأخرى في عراق اليوم بأنتظار معجزة ( توافق وطني ) تحسم الوضع وتنجز بنجاح المهام المطلوبة فيما يتصل بهذه الثروة الوطنية الهامة.هنالك حقائق ينبغي للرأي العام العراقي أن يعرفها أو يضعها في حسابه عند التعاطي مع هذه المسألة وفي غياب هذه المعرفة لا يتاح للمواطن أن يتبنى الموقف المناسب أو أن يحتشد لتأييده فيما يظل الباب مفتوحاً للمقصرين والمفرطين أن يمضوا في خططهم بما يؤدي إلى إهدار هذه الثروة الوطنية وإلى ضياع فرصة أخرى على الشعب العراقي تضاف إلى الفرص العديدة التي ضاعت والتي كان يمكن أن تشكل ركيزة لتخفيف معاناته والنهوض بمستوى معيشته ورفاه مواطنيه...لعل أول هذه الحقائق وأهمها هو أن الغاز الطبيعي هو من أكثر عناصر الطاقة نظافة للبيئة... ومن أهمها لتحريك عجلة الصناعة وأوسعها إستخداماً لتوليد الطاقة الكهربائية والإستعمال المنزلي ولذلك نجد تلهف الأمم الصناعية عليها وحرصها على ضمان إمداداتها ونشوء المشاكل والصراعات بسبب هذا الإهتمام كما حدث مؤخراً بين روسيا والدول الأوروبية.لقد صار الغاز الطبيعي وإمداداته في عالم الجغرافية السياسية اليوم أحد عوامل الصراع والتنافس بأعتباره سلعة غالية تتنافس عليها الدول الصناعية لتدوير عجلة إنتاجها وضمان نقاوة بيئتها.ليس مستغرباً أن نجد الإهتمام التركي والاوروبي بالغاز العراقي وسعي تلك الدول لعقد صفقات مع العراق لضمان مصالحها في هذه الثروة ولكن المستغرب أن تسقط الحسابات الوطنية العراقية من هذه الصفقات وأن لا يشار بكلمة واحدة إلى الإحتياجات المحلية وإلى حاجة الصناعة العراقية في المستقبل لتلك الثروة الهامة وكأنه كتب على العراق أن لا يمتلك اية صناعة وطنية لا في الحاضر ولا في المستقبل هذا فيما تباع ثروته الغازية لتشغيل المصانع في تركيا والدول الاوروبية...كأن العراق قد استوفى حاجته من الطاقة الكهربائية واستكمل بناء محطاته ولم يعد بحاجة للغاز المستخرج من باطن ارضه لتغذية تلك المحطات هذا في الوقت الذي يؤكد فيه الخبراء أن المحطات الغازية لتوليد الكهرباء هي الأكفأ والأفضل والأقل تلوثاً للبيئة, كأن العراقي اليوم ينعم بخدمة متواصلة للكهرباء التي اصبحت من ألف باء الحياة العصرية وليس هو ذلك العراقي الذي يحصل على ثلث حاجته منها ويقبع في الظلمات مكابداً حر الصيف وبرد الشتاءتقارير شركة شل تؤكد أن العراق ينام على بحيرة من الغاز وأنه سيصبح في مقدمة الدول المصدرة في العالم قياساً لإحتياطياته العملاقة خصوصاً في منطقة البصرة وهذا يدفعنا إلى لفت إنتباه الرأي العام العراقي لذلك...لسنا ضد تصدير الفائض من هذه الثروة للخارج ولكن ليس قبل تغطية الإحتياجات الوطنية... من صناعة... وتوليد كهرباء... وإستخدام منزلي, فأذا كانت الصناعة العراقية تملك ميزة نسبية تمكنها من البقاء والمنافسة والوقوف على قدميها فأن هذه الميزة هي... إمدادات الطاقة الرخيصة والمتوفرة.. فأذا ما فقدنا هذه الميزة وقمنا بتصدير الغاز للخارج فأي فرصة للصناعة الوطنية..؟ وأية ميزة نسبية أو قدرة على المنافسة...؟؟.لنمض قدماً في تطوير هذه الثروة وحسن إستغلالها مستخدمين أفضل التقنيات المتاحة دولياً.... لنحل الخلاف مع إقليم كردستان في أسرع وقت وبما يضمن المصالح الوطنية العراقية ففي آخر المطاف لا يمكن أن يكون هناك تعارض حقيقي بين مصلحة الطرفين...لنجعل الغاز العراقي عنصراً من عناصر نهوض الصناعة الوطنية.. وبناء محطات الكهرباء... ورفاه المواطن...وبعد ذلك إذا ما تبقى فائض كبير فيمكن عندها التفكير في تصدير هذه الثروة دونما إمتيازات تفضيلية لأحد.. وبدون كرم لاداعي له على حساب الشعب العراقي.

علي غالب بابان - وزير التخطيط العراقي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
زيد النجفي
2009-06-01
منظور اقتصادي حقيقي وطني , فمن المهم للصناعة المحلية ان تتطور وتنمو على الاقل لتكون تلك القطاعات الصناعية لن لم تكن منتجة ومشاركة في توفير الموارد المالية للدولة (وهو المطلبو ) فعلى الاقل تخفف من عبئها على الدولة من خلال تحمل كلف رواتبها ومستحقات موظفيها..فالى متى هذا التدمير الممنهج للصناعة الوطنية ..فاين التاهيل واين اعادة اعمار المصانع..لاشيء لاشيء فقط خطب وارقام مخيبة للامال..ووزير صناعة فاشل بكل المقايسس لايعرف من الصناعة شيئا لاهو ولامستشاريه..فعدة سنوات مرت ولاحتى خطط عمي لاتنفذون بس خطط
علي بكلوريوس اقتصاد وسياحة ودبلوم ادارة وقيادة
2009-05-31
العراق احرق من الغاز مايكفي سكان الكرة الارضية جميهم مدة 40 سنة فالغاز لو استغل من العراقيون في الصناعة وتصدير الفائض منة لكان العراق لا يحتاج الى النفط او تكون مردودات الغاز توازي النفط والغاز هو الطاقة الناصبة وهدرها يتم بصورة عشوائية ونضامية لكن من الذي يسمع ومن الذي يقراء لا بل ان العراقيون وجدوا لهذا الحرق مصطلح النار الازلية التي تشاهد في الدورة وكركوك والبصرة هذة المليارات التي تحرق وتلوث البئية بدون اي فكرة ان تستغل الى الطاقة والانتاج شكرا لك ايها الدكتور علي بابان على هذا الموضوع
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك