بقلم:فائز التميمي
على الرغم أنّ ذاكرتي أصابها الضعف والضبابية ولكن لازلت أتـذكر أول قرآءة في العصر الجمهوري أيام قاسم للصف الثالث الإبتدائي.ومن عمق تلك الـذاكرة المثقوبة تـذكرت قصة في تلك القرآءة هي صلاح وفلاح وهما على ما أتخطر أخوان أحدهما مجتهد ومستقيم في حياته فيتوفق والآخر سيء ومنحرف ويتخبط في حياته ويفشل. وعلى الرغم من أن هـذه القصة الآن ليس لا واقع ملموس فأصبح السيء يصل والمستقيم يتعثر.
ولكن في ذاكرة الطفولة ترسخت هـذه المفاهيم. وكاتب تلك القصة لم يسعفه خياله أو لم يشأ أن يصدم القاريء الصغير أو أراد أن يتحدث بمثالية فصور الأخوين كلٌّ في طريق مخالف وكأنهم في نفق وفي إتجاه معاكس بحيث لا يمكن أن يلتقيان ولا يؤثر أحدهما على الآخر.ولم يضع في خياله أن يمشيان في نفس الطريق واحد منحرف والآخر مستقيم فماذا سيحصل.؟؟
وأخمـّن أن السيد فلاح السوداني هو من جيلنا ولعله قرأ في نفس القرآءة وخدع بتلك القصة وإستقرت في ذاكرته وفي ضميره ولا أشك بأنه الطيب والمستقيم في حياته وأنه لا علاقة له بإنحراف أخيه!! ولكن شاءت الأقدار أنّ أخوه صباح المنحرف ظهر بعد عقود في نفس الطريق فظل فلاح على ماإستقر في ذاكرته من تلك القصة المثالية ولم تسعفه ذاكرته أن يحلّ محلها قصة"علي (ع) وعقيل" وكيف كان علي (ع) مع إستقامته وطيبته حازماً مع أخيه الأعمى وكواه بالنار على الرغم إنّ ما فعله عقيل لم يكن مقارنة بما فعله صباح خطيئة.
والسؤال لماذا يتأثر أكثرنا بنموذج القصة التي ذكرناها ولا نتأثر بمواقف علي (ع) أو الأنبياء أو الصالحين.والجواب على ما أظن أن نظرتنا الى مواقف الأئمة لا تثمر عندنا نتيجة عملية في حياتنا لأننا إستقر في ذاكرتنا وفي ضميرنا أن ما يفعله علي (ع) لا نستطيع فعله لـذلك نُعجب بتلك المواقف ونباهي بها المسلمين من غير أن يكون لها أثر علينا. والأمر الثاني : تبعات موقف علي (ع) والأئمة لا يمكن لكل احد تحملها ، حيث إن عقيل ذهب الى معاوية قائلا له: فررت من عدل علي(ع) الى ظلمك.خلاصة القول: الى سياسيينا لا وقت للمجاملة والطيبة والإستقامة وحدها لا تكفي فالحزم والردع لازمان وخصوصاً للأقربين!!.إنّ لسان حال السيد فلاح السوداني يقول لأخيه صباح: ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين!!.
https://telegram.me/buratha
