سيد صباح بهبهاني
بسم الله الرحمن الرحيم(قُل لّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا ) الشورى / 23.والكل يعرف هشام بن عبد الملك هو أحد أقطاب البيت الأموي ، حج البيت وقد حاول أن يستلم (( الحجر)) في طواف البيت وجهد أن يصل إلى الحجر الأسود ليستلمه فلم يقدر على ذلك لكثرة الزحام، فَنُصب له كرسي وجلس عليه ينظر إلى الناس ومعه جماعة من أعيان الشام، فبينما هو كذلك إذ أقبل الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب فطاف بالبيت، فلمّا انتهى إلى الحجر الأسود تنحّى له الناس حتّى استلم الحجر، فقال رجل من أهل الشام لهشام بن عبد الملك: مَن هذا الذي هابه الناس هذه الهيبة؟ فقال هشام: لا أعرفه، مخافة أنْ يرغب فيه أهل الشام .
وكان الشاعر العربي المسلم المعروف الفرزدق حاضراً في ذلك الموقف، فقال بقوّة واعتداد أنا أعرفه، ثم اندفع بهذه القصيدة المشهورة .
ونعم ما قال الفرزدق فيه :هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ... و البيت يعرفه و الحل و الحرمهذا ابن خير عباد الله كلهم ... هذا التقى النقي الطاهر العلمهذا ابن فاطمةٍ إن كنت جاهلهُ ... بجده أنبياء الله قد ختمواو ليس قولك : من هذا ؟ بضائره ... العرب تعرف من أنكرت و العجمكلتا يديه غياثٌ عم نفعهما ... يستوكفان و لا يعروهما عدمسهل الخليقة لا تخش بوادره ... يزينه اثنان حسن الخلق و الشيمحمال أثقال أقوامٍ إذا افتدحوا... حلو الشمائل تحلو عنده نعمما قال : لا ، قط إلا في تشهده ... لولا التشهد كانت لاءه نعمعم البرية بالإحسان فانقشعت ... عنها الغياهب و الإملاق و العدمإذا رأته قريشٌ قال قائلها ... إلى مكارم هذا ينتهي الكرميغضي حياءً و يغضى من مهابته ... فما يكلم إلا حين يبتسمبكفه خيزرانٌ ريحه عبقٌ ... من كف أروع في عرنينه شحميكاد يمسكه عرفان راحته ... ركن الحطيم إذا ما جاء يستلمالله شرفه قدماً و عظمه ... جرى بذاك له في لوحه القلمأي الخلائق ليست في رقابهم ... لأولية هذا أو له نعممن يشكر الله يشكر أولية ذا ... فالدين من بيت هذا ناله الأممينمى إلى ذروة الدين التي قصرت ... عنها الأكف و عن إدراكها القدممن جده دان فضل الأنبياء له ... و فضل أمته دانت له الأمممشتقةٌ من رسول الله نبعته ... طابت مغارسه و الخيم و الشيمينشق ثوب الدجى عن نور عزته ... كالشمس تنجاب عن إشراقها الظلممن معشرٍ حبهم دينٌ و بغضهم ... كفرٌ و قربهم منجىً و معتصممقدمٌ بعد ذكر الله ذكرهم ... في كل بدءٍ و مختومٌ به الكلمإن عد أهل التقى كانوا أئمتهم ... أو قيل : من خير أهل الأرض قيل هملا يستطيع جوادٌ بعد جودهم ... و لا يدانيهم قومٌ و إن كرمواهم الغيوث إذا ما أزمةٌ أزمت ... و الأسد أسد الشرى و البأس محتدملا ينقص العسر بسطاً من أكفهم ... سيان ذلك إن أثروا و إن عدموايستدفع الشر و البلوى بحبهم ... و يسترب به الإحسان و النعم.
وهذا هو الإمام الرابع من أئمة أهل البيت ، وأن أهل البيت هم الشجرة الطيبة المضيئة والمجد الخالد وهم العنوان الشامخ في سماء التاريخ والمجد المتألق في أفق القرآن العظيم ، منذ أن نطق الوحي بهذه التسمية المباركة ومنح تلك الكواكب الرائدة هذه الكرامة في سورة الأحزاب لقوله تعالى : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) الأحزاب / 33 . وبنزول هذه الآية المباركة والتي حددت مسار ومحور وإتجاه داخل الحياة الإسلامية . وأن النصوص القرآنية سلط الضوء على مواقعهم الرائدة والطل يعرف أن دورهم لخدمة الإسلام وأحياء حياة هذه الأمة . وأن القرآن الكريم حدد مركز لحركة التاريخ بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفق المنطق والعرف .. بعد أن وهب هذه الصفوة المباركة صفة التطهير من الذنوب والمعاصي والآثام ، فقد ثبت القرآن لهم الفضل درجات التفضيل ، وأعلى مراتب الأهلية في الاقتداء والقيادة وفق فلسفتها العامة للحياة لقوله تعالى : (أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) الحجرات / 13 . وخصهم الله بأن جعل مودتهم واجبة على هذه الأمة وجعلها حقاً للنبي صلى الله عليه وآله وسلم لقوله تعالى : (قُل لّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا) الشورى / 23 . ولقوله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) الأحزاب / 56. وأن الكتاب والسنة والأحاديث والمناقب والتفاسير والسير وكتب الشعر والأدب التي ألفها المسلمون بمذاهبها الخمسة قدر أظهرت المكانة الخاصة والموقع الهام لأهل البيت عليهم السلام وصفهم هذه الشجرة المباركة .
نسب الإمام زين العابدين عليه السلام : ـــهو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وعليه سلام الله ، وأمه السيدة شاه زنان بنت يزدجرد بن شهريار بن كسرى آخر ملوك الفرس . لقد تزوج الإمام الحسين عليه السلام تلك الفتاة الكريمة ، وبعد شهور عمت الفرحة والبشري في بيت الرسالة ، وساد أهل البيت عليهم السلام الحبور ، حيث اتحفت تلك السيدة بوليدها المبارك (( علي)) في اليوم الخامس من شعبان سنة ثمان وثلاثين من الهجرة . وحين زفت البشرى لأمير المؤمنين علي كرم الله وجهه وعليه السلام ؛ سجد لله شكراً ، وأسماه علياً ، وكان مقدراً له أن يتولى منصب الإمامة المبارك إذ انه الإمام الرابع من سلسلة أهل البيت عليهم السلام . وأن الأحاديث المتوارثة تأيد صحة هذا عن الإمام الحسين بن علي عليه السلام قال : دخلتُ على جدي رسول الله صلى الله عليه وآله فأجلسني على فخذه ، وقال لي : (( أن الله أختار من صلبك يا حسين تسعة أئمة ، تاسعهم ، وكلهم في الفضل والمنزلة عند الله سواء)) . وعن ابن عباس ، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : (أنا وعلي والحسن والحسين وتسعة من الحسين مطهرون معصومون).وحيث أن ذرية الحسين عليه السلام إنما بارك الله فيها ، من خلال ولده علي السجاد عليه السلام وأثمرت به دون سواه من أولاده الذين استشهدوا في مجزرة الطف ـ((( فلم يكن على وجه الأرض حسيني إلا من نسله))). وترعرع علي بن الحسين في مدرسة الرسالة ، وتفيا ظلال الإمامة ، ودرج في حضانة الهدى ، فمال العلم والتعاليم الإسلامية حتى عاد صورة حية منه .وأنشئ إنشاء من خلال مدرسة الهدى الذي كان جده علي عليه السلام وعمه الحسن وأبوه الحسين عليهم السلام جميعاً ، ومن خلال هذه الرعاية والمنشئ تحت إشرافهم . ويذكر التاريخ أن وأمه الجليلة ، قد أجابت نداء ربها أيام نفاسها ، فلم تلد سواه .
وأن إمامة علي بن الحسين عليه السلام للأمة الإسلامية بعد أبيه عليه السلام ، لم تأت من كونه وريث أبيه ، أو أنه البقية من ولده عليه السلام ، وإنما جاءت إمامته للأمة ، من خلال تعليمات رسالة الله تعالى في هذا المضمار . فالرسالة الإسلامية ، هي التي تبنَّت تسميته إماماً للأمة ، لحِكَم إلهية ، ولمواصفات ومؤهلات متوفرة فيه دون سواه من الخلق في عصره . والرسالة بدورها أبلغت أتباعها بذلك الاصطفاء ، من خلال تصريحات وأوامر ومرتكزات فكرية ، وردت على لسان الرسول القائد صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام من بعده ، أذكر منها :
1 ـ* روي أحمد عن مسروق قال : ( كنا جلوسا عند عبد الله بن مسعود وهو يقرئنا القرآن ، فقال له رجل : يا عبد الله هل سألتم رسول الله ـ ص ـ كم يملك هذه الأمة من خليفة ؟ فقال عبد الله : ما سألني أحد منذ قدمت العراق قبلك ، ثم قال : نعم ولقد سألنا رسول الله ـ ص ـ فقال : أثنى عشر كعدّة نقباء بني إسرائيل ).
2 ـ روي جابر بن يزيد الجعفي قال : سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول : ( لما أنزل الله على نبيه محمد صلى الله عليه وآله (( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )) قلت يا رسول الله ، عرفنا الله ورسوله فمن أُولي الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك؟ فقال صلى الله عليه وآله : (( هم خلفائي ، يا جابر ، وأئمة المسلمين من بعدي ، أولهم علي بن أبي طالب ، ثم الحسن والحسين ثم علي بن الحسين الخ..)2*.
3 ــ وفي حديث طويل نذكر منه مقتضى الحاجة ، أن جابر بن عبدالله الأنصاري قال : يا رسول الله ، ومن الأئمة من ولد علي بن أبي طالب ؟ قال : صلى الله عليه وآله :( الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، ثم سيد العابدين في زمانه علي بن الحسن ثم الباقر ..الخ)3*
4 ــ وعن عبد الله بن جعفر الطيار قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : (أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ثم أخي علي أولي بالمؤمنين من أنفسهم ، فإذا استشهد فأبني الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم ،ثم أبني الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فإذا استشهد فابنه علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم...الخ)4*
5 ـــ حين حضرت الوفاة أمير المؤمنين علي عليه السلام كانت وصيته للحسن السبط عليه السلام بالنص التالي : ( .. يا بني أنه أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن أوصي إليك وأدفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصي إليّ ودفع إليّ كتبه وسلاحه ، وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين ، ثم أقبل على أبنه الحسين عليه السلام فقال : وأمرك رسول الله صلى الله عليه وآله أن تدفعها إلى أبنك هذا ، ثم أخذ بيد علي بن الحسين وقال : وأمرك رسول الله صلى الله عليه وآله أن تدفعها إلى أبنك محمد بن علي فأقرئه من رسول الله ومني السلام) 5*
6 ــ روي الكليني عن الإمام الصادق عليه السلام : (( أن الحسين عليه السلام لما سار إلى العراق ، استودع أُم سلمة رضوان الله عليها الكتب والوصية فلما رجع علي بن الحسين عليه السلام دفعتها إليه))6*
7 ــ وفي إنسانيته وحلمه التربوي الإسلامي الرائع التي تلقاها الإمام عليه السلام ، والمناخ الرسالي الذي أعدَّ لتوجيهه وصنع شخصيته الكريمة بجميع جوانبها جعل منها تجسيداً لرسالة الله تعالى في الفكر والعمل والمتبنيات ، ومن هنا أنطلق رجال المسلمين ، ومفكروهم كلهم ، يصرحون بعظمة الإمام عليه السلام ويشيدون بذكره ، بناء على ما قطعه من شوط بعيد في مضمار الفضل والعلم والتقى : فعن الزهري قال : ( لم أدرك أحداً من أهل البيت ــ بيت النبي صلى الله عليه وآله أفضل من علي بن الحسين عليه السلام .، وعن سعيد بن المسيب يخاطب فتى من قريش ، سأله عن الإمام عليه السلام فأجاب : ( هذا سيد العابدين عيى بن الحسين بن علي بن أبي طالب ...) ..وعن حازم وسفيان بن عيينة ، كان كل منهما يقول : ( ما رأيت هاشمياً أفضل من علي بن الحسين ولا أفقه منه ، وقال الإمام مالك : ( سمي زين العابدين لكثرة عبادته) .
8ـــ قيادة حركته الإصلاحية ،وضمناً كان الإصلاح منهج أئمة أهل البيت عليهم السلام وكانت تختلف في الزمان واظرف في حركتها وأساليبها في قيادة حركة الإسلام الإصلاحية من إمام لآخر ، فالإمام الحسن عليه السلام قد بين مرارا أ، هدنته مع معاوية كانت الخط الطبيعي للمسار الإسلامي الصائب ، وأن أي أسلوب سواه إنما هو تجاوز للمعقول : كقوله عليه السلام : ( يا أبا سعيد علّة مصالحتي لمعاوية ، علّة مصالحة رسول الله صلى الله عليه لبني ضمرة ، وبني أشجع ، ولأهل مكة حين أنصرف من الحديبية) وقوله لبشير الهمداني : ( ما أردت بمصالحتي إلا أن أدفع عنكم القتل ) 8*، والإمام الحسين عليه السلام ، قد أجلى الغموض المحيط بأسباب ثورته المظفرة بقوله : (( شاء الله أن يراني قتيلا))8* حيث أوضح أن الخط السليم لمواجهة الانحراف إنما هو بالعمل المسلح الذي يفضي إلى استشهاده واستشهاد أتباعه ، الأمر يريده الله سبحانه لا سواه.وتوجد قصيدة للشاعر السوري محمد مجذوب وهو يقارن الإمام الزاهد أبو الأيتام علي بن أبي طالب عليه السلام و الماكر الذي كان يعيش في القصر الأخضر وجواريه وخدمه .. وهذه المقارنة قالها شعرا عندما شاهد الأنوار الإلهية في مرقد الإمام القصيدة تحت رقم 8*، والإمام السجاد علي بن الحسين عليه السلام قال له عبادة البصري ؛ وهو في طريق مكة : ـــ تركت الجهاد وصعوبته ، وأقبلت على الحج ولينه و((إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم)) فأجابه الإمام عليه السلام : ( أقرأ ما بعدها (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) التوبة/112.
ثم قال عليه السلام : (( إذا ظهر هؤلاء ـــ يعني المؤمنين حسب مواصفاتهم في الآية ــــ لم تؤثر على الجهاد شيئاً)).8* ،وبهذه الإجابة المركزية يحدد الإمام السجاد عليه السلام ، بشكل صارم سياسته ، ولون كفاحه ، ووجهة الحركة الإصلاحية بالذات في عصره ، ومن ثم الأسباب الموجبة لذلك المسار .... فأن عدوله عن الكفاح المسلح ، ومواجهة الثورية للحكم الأموي ، لم تأت حباً في الحياة ونعيمها ، وكما تصور ــــ عباد البصري ــــــ وإنما جاء ذلك لأن مستلزمات العمل العسكري الناجح غير متوفرة أبداً ولأن النتائج من أي تحدّ للسلطان في تلك الظروف تكون عكسية تماما... وهكذا سار الإمام عليه السلام طريقاً جديداً في العمل الإصلاحي. منها تكريسه على العلم والفقه واستكماله الشوط الرسالي الذي بدأه الحسين عليه السلام : وقد حقق الحسين وأتباعه ما عليهم من مسؤولياتهم الرسالية على أتم وجه ، بيد أ، بني أمية والضالعين في ركابهم مدركون تماما ما للحسين عليه السلام وآل البيت من مكانة لا تضاهيها مكانة في نفوس المسلمين ، ومن أجل ذلك خططوا للتعمية ، وبذلوا كل وسعهم لإثارة الضباب حول القضية ،لكي يمتصوّا أي رد فعل متوقع ، لا سيما في بلاد الشام ، حصنهم القوي ، وهكذا سخروا أجهزة أعلامهم المتاحة يومذاك ، حتى أوصلوا الناس إلى حد القناعة أن الحسين عليه السلام وصحبه إنما من الخوارج !!، فظفر بهم السلطان !
وقد كان مقدر لتلك الدعاية أن تنجح في الشام إلى أقصى حد ممكن ، وأهدافها المسعورة ، ويكشف بحزم عن أهداف ثورة الحسين عليه السلام ، وعن مكانته بالذات في دنيا المسلمين وهكذا كان .. فقد تبنى الإمام زين العابدين عليه السلام ، وكرائم أهل البيت ، كالحوراء زينب وأم كلثوم وغيرهما ، سياسة إسقاط الأقنعة التي يغطي الأمويين وجوه سياستهم الكالحة الخطيرة بها ، وتحميل الأمة كذلك مسؤوليتها التاريخية ، أمام الله والرسالة ، ومن هنا فأن المتتبع يلحظ بشكل لا غبار عليه أن الخطب والتصريحات التي مارسها الإمام ، وعقيلات أهل البيت عليهم السلام قد انصبت في العراق علي مخاطبة ضمائر الناس كمجموع ، وذلك بسبب أن العراقيين يعرفون من هو الحسين عليه السلام ، ولكنهم لوهن في نفوسهم ، وخضوعاً لعنصري الخوف والطمع .. وهي مشكلة الناس اليوم أيضاً .. ونرجع للموضوع ..نكصوا عن نصرته ، حتى أن بني أمية لم يقولوا ب (( خارجية)) الحسين وأصحابه في العراق لعلمهم أن هذا اللون من الدعاية لا يأخذ نصيباً من النجاح في بلد يعرف الحسين عليه السلام . ومن هنا كان دور اسارى آل محمد صلى الله عليه وآله ََ منصّباً على ألفات الناس إلى جسامة الخطر الذي أحاق بهم ، بعد شهادة الإمام الحسين عليه السلام ، وإلى حجم الجرم الذي أرتكبه بنو أمية بحق رسالة الله تعالى ، وهذا ما نلمسه في كافة الخطب التي ألقيت في الكتل البشرية الهائلة ، التي استقبلت أسارى آل محمد صلى الله عليه وآله !! ـــــ حباً أو استطلاعاً أو شماتة ــ. وهنا نصغي إلى الإمام زين العابدين عليه السلام يخطب في جموع أهل الكوفة في العراق : ( .. أيها الناس من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا علي بن الحسين بن أبي طالب ، أنا أبن من انتهكت حرمته ، وسلبت نعمته ، وانهب ماله ، وسبي عياله .. زتوجد خطبة أخرى كاملة من خطبة الإمام السجاد ( عليه السلام ) في الكوفة
وبعد أن خطبت أم كلثوم (عليه السلام) أومأ زين العابدين (عليه السلام) إلى الناس أن اسكتوا فسكتوا، فقام قائماً فحمد الله وأثنى عليه، وذكر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم قال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أنا ابن المذبوح بشط الفرات من غير ذحل ولا تراث أنا ابن من انتهك حرمه، وسلب نعيمه، وانتهب ماله، وسبي عياله، أنا ابن من قتل صبراً وكفى بذلك فخراً؛ أيها الناس ناشدتكم بالله هل تعلمون إنكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه، وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق والبيعة ثم قاتلتموه وخذلتموه، فتباً لكم لما قدمتم لأنفسكم وسوأة لرأيكم، بأية عين تنظرون إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ يقول لكم: قتلتم عترتي، وانتهكتم حرمتي، فلستم من أمتي .فارتفعت أصوات الناس بالبكاء من كل ناحية ويقول بعضهم لبعض: هلكتم وما تعلمون.فقال (عليه السلام): رحم الله امرءاً قبل نصيحتي، وحفظ وصيتي في الله وفي رسول وأهل بيته، فإن لنا في رسول الله أسوة حسنة.
فقالوا: بأجمعهم: نحن كلنا يا ابن رسول الله سامعون مطيعون، محافظون لذمامك، غير زاهدين فيك، ولا راغبين عنك، فمرنا بأمرك يرحمك الله، فإنّا حرب لحربك، وسلم لسلمك، لنأخذ ترتك وترتنا ممن ظلمك وظلمنا .فقال (عليه السلام): هيهات هيهات أيها الغدرة المكرة، حيل بينكم وبين شهوات أنفسكم، أتريدون أن تأتوا إلي كما أتيتم إلى آبائي من قبل؟ كلا ورب الراقصات إلى منى، فإن الجرح لما يندمل، قتل أبي بالأمس وأهل بيته ومن معه، ولم ينسني ثكل رسول الله وثكل أبي وبني أبي، ووجده بين لهازمي، ومرارته بين حناجري وحلقي، وغصصه تجري في فراش صدري، ومسألتي أن لا تكونوا لنا ولا علينا .
ثم أنش: (عليه السلام)قــد كــان خيــراً من حسين وأكرمالا غــرو أن قــتل الحسين وشيخهأصيــب حــسـين كــان ذلـك أعظماولا تـفرحوا يـا أهل كــوفان بالذيجـــزاء الـذي أرداه نار جهنما))قــتـيل بشـــط النــهر روحي فداؤهخطبة الإمام السجاد ( عليه السلام ) في مسجد دمشق
ورد في كتاب فتوح ابن اعثم 5 / 247 ، ومقتل الخوارزمي 2 / 69 : إنّ يزيد أمر الخطيب أن يرقى المنبر ، ويثني على معاوية ويزيد ، وينال من الإمام علي والإمام الحسين ، فصعد الخطيب المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، وأكثر الوقيعة في علي والحسين ، وأطنب في تقريض معاوية ويزيد ، فصاح به علي بن الحسين : ( ويلك أيها الخاطب ، اشتريت رضا المخلوق بسخط الخالق ؟ فتبوأ مقعدك من النار). ثمّ قال : ( يا يزيد ائذن لي حتى أصعد هذه الأعواد ، فأتكلم بكلمات فيهن لله رضا ، ولهؤلاء الجالسين أجر وثواب ) ، فأبى يزيد ، فقال الناس : يا أمير المؤمنين ائذن له ليصعد ، فعلنا نسمع منه شيئاً ، فقال لهم : إن صعد المنبر هذا ، لم ينزل إلا بفضيحتي ، وفضيحة آل أبي سفيان ، فقالوا : وما قدر ما يحسن هذا ؟ فقال : إنّه من أهل بيت قد زقوا العلم زقا.
ولم يزالوا به حتى أذن له بالصعود ، فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : ( أيها الناس ، أعطينا ستاً ، وفضلنا بسبع : أعطينا العلم ، والحلم ، والسماحة والفصاحة ، والشجاعة ، والمحبة في قلوب المؤمنين ، وفضلنا بأن منا النبي المختار محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، ومنا الصدّيق ، ومنا الطيار ، ومنا أسد الله وأسد الرسول ، ومنا سيدة نساء العالمين فاطمة البتول ، ومنا سبطا هذه الأمّة ، وسيدا شباب أهل الجنة ، فمن عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي : أنا ابن مكة ومنى ، أنا ابن زمزم والصفا ، أنا ابن من حمل الزكاة بأطراف الرداء ، أنا ابن خير من ائتزر وارتدى ، أنا ابن خير من انتعل واحتفى ، أنا ابن خير من طاف وسعى ، أنا ابن خير من حج ولبّى ، أنا ابن من حمل على البراق في الهواء ، أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، فسبحان من أسرى ، أنا ابن من بلغ به جبرائيل إلى سدرة المنتهى ، أنا ابن من دنا فتدلى ، فكان قاب قوسين أو أدنى ، أنا ابن من صلّى بملائكة السماء ، أنا ابن من أوحى إليه الجليل ما أوحى ، أنا ابن محمد المصطفى ، أنا ابن من ضرب خراطيم الخلق ، حتى قالوا لا اله إلا الله ، أنا ابن من بايع البيعتين ، وصلّى القبلتين ، وقاتل ببدر وحنين ، ولم يكفر بالله طرفة عين ، يعسوب المسلمين ، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ، سمح سخي ، بهلول زكي ، ليث الحجاز ، وكبش العراق ، مكّي مدني ، أبطحي تهامي ، خيفى عقبي ، بدري أحدي ، شجري مهاجري ، أبو السبطين ، الحسن والحسين ، علي بن أبي طالب ، أنا ابن فاطمة الزهراء ، أنا ابن سيدة النساء ، أنا ابن بضعة الرسول)...
قال : ولم يزل يقول : أنا أنا ، حتى ضج الناس بالبكاء والنحيب ، وخشي يزيد أن تكون فتنة ، فأمر المؤذّن يؤذّن ، فقطع عليه الكلام وسكت ، فلمّا قال المؤذّن : الله أكبر . قال علي بن الحسين : ( كبرت كبيراً لا يقاس ، ولا يدرك بالحواس ، ولا شيء أكبر من الله ) ، فلمّا قال : أشهد أن لا اله إلا الله ، قال علي : ( شهد بها شعري وبشري ، ولحمي ودمي ، ومخي وعظمي ) ، فلمّا قال : أشهد أن محمداً رسول الله ، التفت علي من أعلا المنبر إلى يزيد ، وقال : ( يا يزيد محمد هذا جدّي أم جدّك ؟ فإن زعمت أنه جدّك فقد كذبت ، وان قلت أنه جدّي ، فلم قتلت عترته) ؟ قال : وفرغ المؤذّن من الأذان والإقامة ، فتقدّم يزيد ، وصلّى الظهر ، فلمّا فرغ من صلاته ، أمر بعلي بن الحسين ، وأخواته وعماته ( رضوان الله عليهم ) ، ففرغ لهم دار فنزلوها ، وأقاموا أياماً يبكون ، وينوحون على الحسين عليه السلام.
خطبة الإمام السجاد ( عليه السلام ) في المدينة المنوّرة
ألقى الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) خطاباً في أهل المدينة المنوّرة لدى عودته من الشام والعراق ، حيث جمع الناس خارج المدينة قبل دخوله إليها وخطب فيهم قائلاً :(الحمد لله ربّ العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ، بارئ الخلائق أجمعين ، الذي بَعُد فارتفع في السماوات العُلى ، وقَرُب فشهد النجوى ، نحمده على عظائم الأمور ، وفجائع الدهور ، وألم الفجائع ، ومضاضة اللواذع ، وجليل الرزء ، وعظيم المصائب الفاظعة الكاظّة الفادحة الجائحة أيّها القوم : إنّ الله وله الحمد ، ابتلانا بمصائب جليلة ، وثلمة في الإسلام عظيمة ، قُتل أبو عبد الله الحسين ( عليه السلام ) ، وسُبي نساؤه وصبيته ، وداروا برأسه في البلدان من فوق عامل السنان ، وهذه الرزية التي لا مثلها رزيّة. أيّها الناس : فأي رجالات منكم يسرّون بعد قتله ؟! أم أيّ فؤاد لا يحزن مِن أجله ؟! أم أيّة عين منكم تحبس دمعها وتضنّ عن انْهمالِها ؟! فلقد بكت السبع الشداد لقتله ، وبكت البحار بأمواجها ، والسماوات بأركانها ، والأرض بأرجائها ، والأشجار بأغصانها ، والحيتان ولجج البحار ، والملائكة المقرّبون وأهل السماوات أجمعون يا أيّها الناس : أيّ قلب لا ينصدع لقتله ؟! أم أيّ فؤاد لا يحنّ إليه ؟! أم أيّ سمع يسمع هذه الثلمة التي ثلمت في الإسلام ولا يصمّ ؟! أيّها الناس : أصبحنا مطرودين مشرّدين مذودين وشاسعين عن الأمصار ، كأنّا أولاد ترك وكابل ، من غير جرم اجترمناه ، ولا مكروه ارتكبناه ، ولا ثلمة في الإسلام ثلمناها ، ما سمعنا بهذا في آبائنا الأوّلين ، إنْ هذا إلاّ اختلاق. والله ، لو أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) تقدّم اليهم في قتالنا ، كما تقدّم اليهم في الوصاية بنا ، لما زادوا على ما فعلوا بنا ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون ، من مصيبة ما أعظمها ، وأوجعها وأفجعها ، وأكظّها وأفظعها ، وأمرّها وأفدحها ، فعند الله نحتسب فيما أصابنا ، وأبلغ بنا ، فإنّه عزيز ذو انتقام ). وأن المضامين التي اتسمت بها خطب الإمام عليه السلام وأحاديثه فكل من الكوفة والشام والحجاز كانت جوهر الخطب والأحاديث التي أدلت بها زينب وأم كلثوم وفاطمة بنت الحسين ، لانبثاقها من مشكاة واحدة .. وفيض واحد . وأنا أكتفي بهذا القدر وإنشاء الله سوف أكتب المزيد لأني قررت أن أكتب عن الإمام زين العابدين وأنشر في كل حلقة الأدعية اليومية ، وأبدأ بدعاء يوم السبت لأنه أول أيام الأسبوع .
والدعاء كما هو : بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله كلمة المعتصمين ومقالة المتحرزين وأعوذ بالله تعالى من جور الجائرين وكيد الحاسدين وبغي الظالمين واحمده فوق حمد الحامدين اللهم أنت الواحد بلا شريك والملك بلا تمليك لا تضاد في حكمك ولا تنازع في ملكك اَساَلُك أن تصلي على محمد عبدك ورسولك وأن توزعني من شكر نعمائك ما تبلغ بي غاية رضاك وأن تعينني على طاعتك ولزوم عبادتك واستحقاق مثوبتك بلطف عنايتك وترحمني بصدي عن معاصيك ما احييتني وتوفقني ما ابقيتني وأن تشرح بكتابك صدري وتحط بتلاوته وزري وتمنحني السلامة في ديني ونفسي ولا توحش بي أهل أنسي وتتم إحسانك فيما بقى من عمري كما أحسنت فيما مضى منه يا أرحم الراحمين.هذا هو الإمام الرابع علي بن الحسين عليه السلام الملقب بالإمام السجاد .ألفت أنظار الأخوة القراء حسن الظن بالله تعالى خير من المنافع الشخصية الدنيوية الفانية . لأن الحديث الشريف يقول : أن الله خلق خلقاً من رحمته لرحمته وهم الذين يقضون حوائج الناس فمن استطاع منكم أن يكون منهم فليكن.والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين.
المحب سيد صباح بهبهانيbehbahani@t-online.dePostfach :240122 – 85039 – Ingolstadt- Germanyالمصادر .. والقصيدة ترجع للمقارنة بين إمام المتقين وبين قائد المكر والمنافقين (8)* مناقب آل أبي طالب ج3 (( علمه وحلمه)) ومن لا يحضره الفقيه / للشيخ الصدوق ج 2 ص 141 (( فضائل الحج)).(7) * الإرشاد / الشيخ المفيد (( فضائله ومناقبه)) ص 240/ و تذكرة الخواص ((ذكر علي بن الحسين عليه السلام ))، ونور الأبصار ص 200.(6)* أعلام الورى ( النصوص الدالة على إمامته ) / ص 252 ، مناقب آل أبي طالب /ج4 / ص 172.(5)* أعلام الورى / للطبرسي / ط ـ 1379 ه / طهران ( النصوص الدالة على إمامة الحسن)/ص207، بحار الأنوار /ج 42/ ص 250 ، وغيرها لا يسع مجال للكتابة وسوف أنشرها في كتابي الجديد حول الإمام زين العابدين).(4)* كمال الدين / ص 157، الخصال /ج2/ 77و78 ، عيون الأخبار / ص 28و29، بحار الأنوار / ج 36/ ص 231. المصادر الأحاديث:(1)* ـ مسند أحمد /ج1/ ص398، وروايات أُخرى كثيرة بمضمونه في صحيح البخاري /ج9/ص81، وصحيح مسلم /ج6/ ص 4وج 3/ص4،وبحار الأنوار ، ج 36/ص230.(2)* بحار الأنوار /ج36/ ص250، كمال الدين /ص 146، كفاية الأثر/ص 7.(3)* كمال الدين / ص 252، بحار الأنوار / ج36/ ص 252، الاحتجاج / للطبرسي /ص42.عن كتاب كشف الغمة في معرفة الأئمة للاربلي /ط 1385هج/ج2/ ( تاريخ علي بن الحسين ) ص 285 و أهل البيت / توفيق أبو علم / (أولاد الإمام الحسين). وكتاب ينابيع المودة / البلخي القندوزي /ج2/ص105 /ط2/،بحار الأموار / ج 6/ص255 كمال الدين/ص157. وينابيع المودة / البلخي القندوزي /ج2 /ص 105/ ط 2 ، بحار الأنوار / ج36/ص 243،كفاية الأثر /ص 19 ، كمال الدين / ص 163، عيون الأخبار /ص38، للشاعر محمد مجذوب السوري(8)*الذي زار العراق بعد تأسيس الملكة العراقية في العشرينيات وكان هو أحد ضيوف العراق بالمناسبة المفرحة آن ذاك .ورأى قبر الإمام علي عليه السلام الحاف بالنور والزوار ، الذي عاش حياته عاش حياته عيش الزاهدين وجالس الفقراء ولبس الخشن ، وأخذ يقارنه بقبرمعاوية ساكن الخضراء ولابس الحرير وفي قصره الجواري والمغنين.. سابقاً.. واليوم قبره شبه مزبلة . ولكن مع الأسف الدولارات دفنت هذه القصيدة.
أين القصور أبا يزيد ولهوها ........ والصافنات وزهوها والسؤددُ اين الدهاء نحرت عزته على ....... أعتاب دنـــيا زهوهــــا لا ينفدُ آثرت فانيها على الــحق الذي ...... هو لو علمت على الزمان مخلدُ تلك البهارج قد مضت لسبيلها ..... وبقيت وحــــدك عبرة تتجــــددُ هذا ضريحك لو بصرت ببؤسه ...... لأسال مدمعك المصير الأسودُ كتل من الترب المهين بخربــــةٍ .......... سكـــر الذباب بها فراح يعربدُ خفيت معالمـــــها على زوارهــا ......... فكـــأنها في مجهــل لا يقصــدُ والقبة الشمــــاء نكـــس طرفهــا ........ فبكــــل جزء للــــفناء بهـــا يدُ تهمي السحائب من خلال شقوقها .......والريح فـــي جنـــباتها تــترددُ وكذا المصلى مظـــــلم فكــــــأنه ........ مــــذ كان لم يجـــتز به متعـــبدُ أأبا يزيد وتلك حكـــــمة خالق ...... تــــجلى على قلب الحكيم فيرشدُ أرأيت عاقبة الجــــــموح ونزوة ........ أودى بـــلبك غّــــيها الترصــــدُ تعدوا بها ظلما على من حــــــبه ...... ديــــن وبغضتــه الشقاء السرمدُ ورثت شمائـــــله بـــــراءة أحمد ....... فـــيكاد من بريــــده يشرق احمدُ وغلــــوت حتى قد جعلت زمامها ...... إرثــــا لكــــــل مـــدمم لا يحمدُ هتك المحــــارم واستباح خدورها ....... ومضى بـــغير هــــواه لا يتقيدُ فأعادها بعد الــــهدى عصــــــبية ...... جــــهلاء تـــلتهم النفوس وتفسدُ فكأنـــما الأســـلام ســــلعة تــاجر ....... وكــــــأن أمــــته لآلــــك أعـــبدُ فاســــأل مرابض كربلاء ويثرب ....... عن تــــلكم الــــنار التي لا تخمدُ أرسلت مارجـــــها فـــــماج بحره ..... أمـــــس الجـــدود ولن يجّنبها غدُ والزاكـــيات من الدمــــــاء يريقها ...... بــــــاغ على حرم الــــنبوة مفسدُ والطاهرات فديــــــتهن حواســـرا ...... تـــنــثال من عـــبراتهن الأكـــبدُ والطــــيـبـيـن من الصغار كـــأنهم ...... بـــيض الزنابق ذيد عنها الموردُ تشـــــكو الظــــــمأ والظــــــالمون أصمهم.... حقد أناخ على الجوانح موقدُ والذائــــــدين تبعـــثرت أشـــلاؤهم .... بــــــدوا فثمة معصــــــم وهنا يدُ تطأ السنابـــــــك بالظــــــغاة أديمها .... مثــــل الكتاب مشى عليه الملحدُ فعلــــــى الرمــال من الأباة مضرج ...... وعلى النــــياق من الهداة مصفدُ وعلى الرماح بقّـــــية من عابـــــــد .... كالشمس ضاء به الصفا والمسجدُ أن يجهــــــش الأثــماء موضع قدره .... فـــلقــد دراه الراكـــــعون السّجدُ أأبا يزيد وســـــــــاء ذلك عـــــــثرة .... ماذا أقول وباب سمعــــك موصدُ
قم وارمق النجف الشريــــف بنظرة ....يرتد طرفك وهو بـــــــــاك أرمدُ تلك العظــــــــام أعز ربك قــــدرها ... فتـــــكاد لولا خــــــوف ربك تعبدُأبدا تباركــــــــها الوفــــــود يحثــها ...... من كــــــــل حدب شوقها المتوقدُ نازعـــــتها الدنـــيا فـــفزت بوردها .... ثم انقــــضى كالحــــلم ذاك الموردُ وسعت إلى الأخــــــرى فخلد ذكرها ... في الخالديــــن وعطف ربك أخلدُ أأبا يزيد لتـــــلك آهــــــــــــة موجع .... أفــــــــــضى إليك بها فؤاد مُقصدُ أنا لســـــــــت بالقالي ولا أنا شـامت ...قـــــــلب الكريم عن الشتامة أبعدُهي مـــــــــــهجة حرى أذاب شفافها ....حــــــزن على الإسلام لم يك يهمدُذكرتـــــــــــــها الماضي فهاج دفينها ..... شمل لشعب المصــــــــطفى متبددُ فبعـــثته عتـــــبا وان يـــــك قاســـيا ..... هــــــــو في ضلــوعي زفرة يترددُ لم اســـــتطع صـــــبرا على غلوائها ..... أي الضلـــــوع على اللضى تتجلدُ
https://telegram.me/buratha