بقلم:فائز التميمي
يوم الثلاثاء 19.5.2009 قامت قناة العراقية بإستضافة ثلاثة هم السيد سامي العسكري وآخر صدري وآخر السيد العزاوي من التوافق. وكان عدد من الإعلاميين يوجهون أسئلة الى اعضاء البرلمان وكان الموضوع حول الإئتلاف العراقي خاصة والإئتلافات عامة.وأول ما نلاحظه غياب أي عضو من المجلس خلال برامج قناة العراقية ولعل التقصير من أعضاء المجلس الـذين ربما يعتـذرون وربما أمور أخرى واسباب نجهلها. ولو حظر لكان النقاش أنفع. ومع هـذا فسوف نحاول أن تقف على بعض وجهات النظر والتأمل فيها.
وإبتداءً لست في معرض الرد والتنابز مع السيد سامي العسكري ولكن في محاولة لإنضاج الأفكار ولمعرفة مساحة التلاقي لتوسيعها والإختلاف لتضيقيه فليس من مصلحة أحد أن يفترق الأخوة وخصوصاً في ظروف حرجة يستهين البعض بها وبمخاطرها. وأول ما يجب التنبه إليه هو ما يطرحه بعض الأخوة ومنهم السيد العسكري إن الإئتلافات الطائفية لا ضرورة منها الآن!! فالمستمع يفهم أنّ الإئتلاف العراقي أقيم على أساس طائفي متوتر يرفض الآخر بينما هو يقصد أنهم من الشيعة فقط فخانه التعبير أو أخطأ في ذلك سهواً. لأن الإئتلاف الأول في زمن علاوي كان فيه شخصيات سنية ولكنها إنسحبت بعد الفوز بالإنتخابات.فلو جاء أحد في ذلك الوقت وطالب بالإنضمام فلم يكن لديهم مانع من قبوله في إئتلافهم. ولم يصدر خلال الأربعة سنين أي بيان طائفي يحرّض ضد الأخوة أهل السنة بل روجّ لنصائح المرجعية الرشيدة بشأن أخواننا بل أنفسنا أهل السنة.
حينما سأله أحد الصحفيين هل من الممكن أن يلتقي المجلس مع الدعوة في إئتلاف جديد. قال ما معناه أن ذلك ممكن إذا غير الدعوة قناعاته عن فيدرالية تسع محافظات أو المجلس يغير تلك القناعة أو أن المجلس يؤجلها مثلاً وإلا فإنه لايمكن أن يسير برنامجي الجهتين المـذكورتين معاً. والمعنى أن المشكلة الوحيدة هي الفيدرالية فلو جاءت أيّ جماعة أخرى مهما كانت توجهاتها فسيكون السؤال: تتبنى الفيدرالية أم لا؟ وما أفهمه أن الأمور كلها إختصرها السيد العسكري بالفيدرالية.
أولاً: هل الفيدرالية مسألة عقائدية بحيث إذا تبنتها القيادة فعلى القاعدة التعبد بها؟ هل هي ستتم مثلاً بقرار من المجلس أن أقيموا الفيدرالية ففي صباح اليوم التالي تُقام!!؟ ولنفترض جدلاً أن 80 بالمئة قالوا نريد حكماً مركزياً قوياً ومحافظات بلا صلاحيات فهل يستطيع المجلس أن يقيم فيدرالية أو بالعكس إذا أراد 80 بالمئة من المحافظات التسع مثلاً الفيدرالية فهل يستطيع إئتلاف دولة القانون أن يوقف العمل بها.؟؟.
ثانياً: إن الفيدرالية تصور لطبيعة العلاقات بين المحافظات والمركز كما هو تصور إئتلاف القانون حول المركزية.والتصور ليس محل تخطئة أو رفض ما دام لم يجرب ولم يُناقش فيه بحيث تكون القضية حدية: أكون أو لا أكون.
ثالثاً: لنفرض أنه في الإنتخابات القادمة فازت فئتان بمقاعد متساوية تقريباً وحلت المشكلة بتداول رئاسة الوزراء بين الفريقين،وشاءت الصدف أن يكون أحدهما تصوره مركزي والآخر فيدرالي كيف سيحل الأمر, سيقولون نرجع الى الدستور فإن كان في الدستور فسحة لأي نوع من الفيدرالية أخـذوا بهـذا الخيار وإن كانت الفسحة القانونية فقط المركزية أخـذوا بها وأذعن الإثنان للدستور.
رابعاً: لم يسمع الناس أيام كتابة الدستور أي خلاف بين قوى الإئتلاف الموحد حول الفيدرالية أُعلن للناس وصار مدار حديثهم ولم يقل أحد من الممتنعين أثناء التصويت على الدستور إنه لايؤمن بالفيدرالية!!.مع ذلك لإن الدستور يجب أن يعاد صياغته وإلا ما الفائدة من دستور لا يجري التقيد ببنوده بل كلما قوي طرف ألغى عملياً مادة في الدستور فيبقى الدستور حبراً على ورق.
وأخيراً من الـذاكرة قصة لها عبرة: في يوم من شتاء عام 1985 في إحدى مدن بريطانيا جاء زائر من أحد التنظيمات الإسلامية لحث الناس وتـذكيرهم بجرائم صدام وكانت الحرب بين العراق وإيران على أشدّها فقام رجل(طبيب) فسأل: ما الـذي ستفعله المعارضة العراقية إذا وقفت الحرب بين العراق وإيران!! فوجيء المحاضر وفوجيء الناس ورده رداً قوياً وقال: ما تقول هـذا مستحيل!! ومرت الأيام وشاءت المقادير أن يتم وقف إطلاق النار!!. والعبرة أين هو في ضيق أفقنا فنحن لا نتحرك في فضاء واسع من الإحتمالات مثلاً قد يكون الحكم المركزي في فترة زمنية معينة ضروري لبناء المؤسسات وقد تكون الفيدرالية صالحة في زمن آخر فلا نحصر أنفسنا في زاوية حرجة وخصوصاً إنها مسألة ليست عقائدية مثلاً لا يصح أن تؤمن بها يوماً وتكفر بها أياماً أخرى.وعندما طرح السيد المالكي قناعاته بنظام رئاسي منتخب من الشعب مباشرة وليس نيابي فلم يتعرض إليه أحد بل كل ما قالوه ممكن إذا تغير الدستور.وهي الأخرى ليست مسألة حدية: أسود أو ابيض. فلكل مساوئه ومحاسنه.فضيق الأفق يؤدي الى ألإبتعاد والتعصب ووسعه يؤدي الى الإقتراب وتقبل أفكار الآخرين.وإذا كانت الإليات في السياسة تفرق فالهدف يجمع.ومنه تعالى التوفيق.
وقد أكد نفس الكلام السيد سامي العسكري يوم 21.5.2009 للشرق الأوسط. وهنالك مشكلة أن تتعدد التصريحات فهل أن السيد سامي العسكري مخول رسميا للتحدث أم إنه إذا حصل شيء ما قالوا يتكلم عن رأيه!! فيجب تحديد ناطق بإسم دولة القانون ولا يترك الأمر سائباً وهل يصلح السيد العسكري وهو من الصقور لمهمة مثل هـذه المهمة والـذي أعرفه إذا كنت غير راغب في أمر فأوكله الى الصقور وليس الى الحمائم ! وأترك الأمر لأولي الأمر! والله الموفق.
https://telegram.me/buratha