المقالات

الموت


عزيز العرباوي *

+ كرم الموت :

هذا الرجل الذي أعاده الموت إلى الدنيا ، وكان قد شارف على الآخرة بلبوس الحيرة والخوف والألم والاغتصاب ، أصبحت له الآن ألسنة كثيرة تقارب المئة لكي يقول ما يريد ، وأصبح له الآن أيضا عمر جديد ليعيشه تحت مظلة قول لا للجميع وحتى لأقوى الناس في معتقده . فكل يوم مر به في حياته السابقة كان مليئا بالغبار والبارود ، وجسده مستثمرا للكي والتجريح والسادية . صلواته كانت أقرب إلى المناجاة والدعاء الذي لا طائل منه في ظلمات الليل البهيم والعقليات السوداوية ...أصبح لا يخجل الآن من قول الصراحة في وجه الرياح والأمواج والعاصفة ، فيضان روحه وفكره أتى على الفكر المتحجر المغتصب مثل تسونامي جرف الأجساد والأشجار والبلاد . فبوركت مياهه رغم أنف الجميع بمن فيهم من كان يقدس الظلمة والسواد ..لا نعرف إن كان قد نسي ما جرى ، ولكن النسيان شيء صعب في ظل السادية. يبقى فقط أن يربح الرهان الذي قطعه على نفسه ، وهو العيش بكرامة وحرية ، حتى لو اضطر إلى تقديم نفسه رهينة للحقد والاغتصاب من جديد ..

+ قصور عام :

بوجه بشوش كعادته قال لنا :- بالله عليكم ، هل تصدقون ما يقال وما يروّج في إعلامنا عن حقوق الناس في إعادة الشرف والاعتبار ؟سكت الجميع وكأنهم يعرفون أنه لم يتمم كلامه بعد ثم أردف بتهكم واضح العيان :- عن أي إصلاح يتحدث هؤلاء الساسة عندنا وهم غرقى حتى رؤوسهم في اللصوصية والتواطيء مع الجلادين والساديين والفاشيين ...؟ وما الفائدة في منح الحرية لأناس قد هدهم الدهر والمخزن والجلاد لقول كل شيء عدا ذكر الأسماء والألقاب والصفات والسمات ..؟ أليس هذا من قبيل الكيل بمكيالين يا سادة ؟رد شخص من الجمع بشيء من الاختصار يبين أنه قد سئم الحديث في مواضيع السياسة والثقافة حد الاشمئزاز والتقزز :- إوا لا حول ولا قوة بالله العلي العظيم ...ولما أحس أنه لا يستطيع استمالة أحدهم إلى الحديث والنقاش ، تبرم قليلا ثم اتكأ على سور وراءه وقال بنبرة المغتاظ :- نحن في دول العالم الثالث لدينا قصور معرفي وسياسي حتى في حالات الحرية والرخاء ، فما بالكم في حالات الديكتاتورية والظلم ؟

+ صدفة ... :

بدا عليّ شيء من الكبرياء وهو يخاطبني باحترام ووقار باديين عليه ، مطأطئا رأسه نحو الأرض ورائحة النبيذ تخرج من فمه كأنه صار مصنعا للخمر والمدام ، ثم قال :- يا أستاذ ! والله إني لا أقدر أن أرفع وجهي في وجهك وأنا على هذه الحالة . المشاكل وما تفعل بالإنسان ، وأنت أدرى بها خيرا مني ...سامحني على هذه الحالة !وبيقين المثقفين أظهرت عدم الاكتراث للأمر ، فقلت له :- لا عليك ، نحن في عصر الحرية ، ولا دخل لأحد في شؤون الآخر أنت حر في حياتك تفعل بها ما تشاء ..بعد هذه الكلمات تمكن من الرجوع إلى حالته الطبيعية وكأنه ارتاح لكلامي ، ورأيي فيه وهو على حالته المختلفة يترنح بعينيه الحمراوين مثل ديك منتش بالسعادة . ثم انطلق مغادرا بعد أن سلم عليّ ، ممطرا إياي بالدعاء وأساليب الاحترام والإعجاب . إنه أول رجل أصادفه في طريقي هذا اليوم فيحترمني ، أما الآخرون فلا أعرف لماذا يتطلعون إلي بتجهم وسوداوية ....

* كاتب من المغرب

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك