احمد عبد الرحمن
لاحت مؤخرا اشارات ايجابية من قبل السلطتين، التشريعية المتمثلة بمجلس النواب، والتنفيذية المتمثلة بالحكومة، على تفعيل الدور الرقابي على مؤسسات ودوائر الدولة المختلفة، والتعاطي بصورة اكثر جدية وحزما مع المفسدين والمتلاعبين بالمال العام. وقيام مجلس النواب بأستدعاء بعض الوزراء واستجوابهم بشأن ملفات فساد كبيرة في وزاراتهم، يعد خطوة مهمة في الطريق الصحيح، وتصريح السيد رئيس الوزراء "بأن السلطات بصدد شن حملة واسعة تستهدف المفسدين .. وسيرى الذين امتدت ايديهم ونفوسهم الدنيئة للتلاعب بالمال العام كيف سيكون الحساب عسيرا في الايام المقبلة، وانه بعد استقرار الوضع لابد ان نلتفت لهؤلاء الافاعي الذين يعبثون بالبلاد"، ينطوي على توجه جاد للحكومة لفتح ملفات الفساد على مصاريعها، واتخاذ الاجراءات الحازمة لوضع حد لهذه الظاهرة التي لاتقل خطورة عن ظاهرة الارهاب والعنف الدموي-الصدامي والتكفيري-الذي ضرب البلاد خلال عامي 2005 و2006.
ان المواطنين حينما يسمعون مثل تلك الاجراءات والمواقف، فأنهم من الطبيعي ان يتفاءلوا كثيرا، لان معاناة القسم الاكبر منهم من افة الفساد الاداري والمالي كانت ومازالت كبيرة جدا. فتدني الخدمات في ارجاء واسعة من البلاد، واستشراء المحسوبية والمنسوبية، وانتشار البطالة، كلها صور تعبر عن الواقع السيء الذي افرزته ظاهرة الفساد الاداري والمالي. وقد استغل ضعاف النفوس والساعين الى تحقيق مكاسب سريعة وفاحشة بأساليب وطرق ملتوية وغير اخلاقية وغير قانونية، الاوضاع الامنية السيئة خلال الاعوام الماضية، ليصلوا الى ماربهم ويشبعوا نزواتهم الرخيصة على حساب الملايين من ابناء الشعب العراقي.
ان الالتفات الى هذا الملف الخطير والحساس، من قبل البرلمان والحكومة، وبمساندة منظمات المجتمع المدني والقوى السياسية ووسائل الاعلام والمواطنين، يعد امرا ملحا ولا مناص منه، بعد ان انحسر الارهاب الى حد كبير، وان الحزم والجدية والاخلاص والموضوعية من شأنها ان تفضي الى نتائج ايجابية للغاية، وتعزز البناء المؤسساتي للدولة، وتقلل وتقلص مكامن الخلل والضعف، وتنصف الكثير من الناس الذين تعرضوا للحيف والظلم والاقصاء والتهميش والتغييب طيلة عقود من الزمن، وتعزز الثقة بين المواطنين من جهة، والدولة بمختلف مفاصلها من جهة اخرى.
https://telegram.me/buratha