الدكتور عبد الامير حسن
وفي آذار سنة 1949 قام الزعيم (العميد) حسني الزعيم ) بانقلاب عسكري في سوريا كما اعتقل أعضاء الحكومة ورؤساء الأحزاب كافة ومنهم ميشيل . وبعد ثلاثة ايام من اعتقال عفلق بعث برسالته المُهانة الى قائد الانقلاب وفيها يتوسل اليه ويستجدي بتخاذل شديد عطفه لإطلاق سراحه. كما أعلن وتعهد برسالته هذه التي أمر (الوزير) الحوراني بنشر صورتها الزنكغرافية في الجرائد، باعتزال السياسية نهائياً والابتعاد عن أي عمل او كتابة سياسية مما تغضب الحكومة التي سيأتمر بأوامرها..وقد كان رد فعل نشر الرسالة، صدمة للحزب الفتي واساءة لسمعته، مما حدى بعدد من الاعضاء الى اعلان انسحابهم احتجاجاً على موقف هذا المتزعم المتخاذل. وقد حاول قادة الحزب الآخرين استدراك الموقف حرصاً على عدم التفريط بالحزب، فاصدروا بياناً داخلياً عللوا فيه اسباب كتابة الرسالة وتضحية (الرئيس) حسب زعمهم بسمعته ومستقبله في سبيل بقاء الحزب الذي كان مهدداً بالإلغاء.
وبعد اشهر قليلة وقع انقلاب آخر في سوريا قام به سامي وفي هذه الفترة حاول عفلق التقرب من الحكومة الجديدة وبعد انقلاب 14 رمضان الذي قام به عبد السلام عارف وجماعة القوميين بالاشتراك مع حزب البعث. وبعد اقل من اسبوع جاء عفلق الى بغداد ومعه عصابته وفي مقدمتهم الناطق باسمه الجاسوس الياس فرح . والياس فرح الذي يحمل لقب دكتوراه مزورة، عُين بعد ايام بدفع من عفلق، أستاذاً في جامعة بغداد. وفي شهر آذار 1964. تم اكتشاف قضية الشهادة المزورة التي قدمها الياس فرح الى جامعة بغداد. وهنا تدخل رئيس الجامعة الدكتور عبد العزيز الدوري الذي خاطب جامعة اكسفورد حول صحة شهاددة الدكتوراه التي يحملها ويدعي انه حصل عليها من جامعة اوكسفورد ، ثم الكتابة الى الجامعة للاستفسار عن صحتها. وبعد ايام ورد جواب الجامعة بأن هذه الشهادة مزورة كما انه لا يوجد في سجلات الجامعة اسم الياس فرح مطلقاً. فما كان من الرئيس الدوري الا ان أحال الأمر الى مديرية الأمن العام التي ألقت القبض عليه واحالته الى المحاكم حيث حُكم عليه باسترداد الرواتب والمخصصات التي استلمها وبالسجن وهنا اضطرت السفارتان البريطانية والأميركية اللتان تدخلتا وحاولتا عدم تقديمه للمحاكمة من قبل. وأخذتا بالضغط والتهديد مما اضطر الحكومة لإخراجه من السجن سراً على اساس انه هرب ثم تسفيره ليلاً الى بيروت. هذا هو القزم الياس فرح الذي عاد الى العراق بعد ان تسلل صدام الى الحكم بمعاونة المخابرات في 17 تموز سنة 1968. جاء صدام وجاءت معه عصابته الشريرة المرهبة التي بواسطتها استطاع إرهاب ابناء الشعب وفي اليوم التالي بدؤوا إرهابهم الإجرامي بسحب وزير الخارجية ناصر الحاني من بيته ليلاً حيث جاءه كل من طه ياسين رمضان وصلاح عمر العلي وعبد الكريم الشيخلي فوضعوه في سيارة وقتلوه في منطقة قناة الجيش ثم القوا بجثته فوق الرصيف ليعثر عليه الناس. ثم استمر قتل معارضي حزب البعث والقاء جثتهم على رصيف قناة الجيش حتى بلغ عدد المقتولين اكثر من مائتي شخص واصبحت المنطقة مرهوبة الجانب. ثم بدأ مسلسل القتل العلني حيث تشكلت محكمة برئاسة طه ياسين رمضان ومن اعضاء المحكمة صلاح عمر العلي الذي كان يقوم بمهمة المدعي العام. وقد قامت هذه المحكمة بالحكم على العشرات من المعارضين ومن الابرياء بالاعدام رميا بالرصاص. وهكذا انتشر الارهاب بأوسع مظاهره مما دفع الكثير من الناس الى التقرب من حزب البعث للحفاظ على انفسهم اولاً ومن ثم لعلهم ينالون من فُتات الحزب.
وفي الاسبوع الأول من شهر آب جاء ميشيل عفلق الذي استلم منصب الأمين العام للقيادة القومية التي كانت سلطتها فوق سلطة مجلس الوزراء وجاء معه شلّة من اتباعهم يزيد عددهم عن المائة شخص من امثال عبد المجيد الرافعي والياس فرح الذي عاد اقوى مما كان عليه سابقاً وشبلي العيسمي وغيرهم. واصبح عفلق هو المخطط المتآمر. وبتدبير منه وتنفيذ من صدام حسين تم ابعاد جميع العناصر القومية والقضاء على الاساتذة والعلماء والمفكرين واصحاب المواهب مما اضطرهم على الهرب خوفاً من التشرد او القاء القبض عليهم لأسباب تافهة مختلفة حتى بلغ عدد الهاربين من العراق اكثر من اربعة ملايين.
https://telegram.me/buratha