سالم مدلول الحسيني
لا يمكن قراءة وتحليل الأحداث والوقائع التاريخية لمرحلة معينة أو مفصل زمني ما بمعزل عن قراءة وتحليل الأحداث والوقائع التاريخية لمراحل ومفاصل زمنية سابقة لها ولاحقة عليها ، وينطبق هذا المعيار إلى حد كبير على ما ذكره كاتب المقال ، فان الاقتضاب في الخطاب ضرب من التدليس ، ونوع من التلبيس .
لقد تعمد الكاتب ( المجهول؟ ) تحريف الكلم عن مواضعه وآتى بفرية ليس بها مرية في محاولة منه لقلب الواقع ولي عنق الحقيقة ، وأنى له ذلك وشمس الحقيقة ساطعة مهما تراكمت سحب الباطل ، فمواقف المجلس الأعلى الإسلامي العراقي فيما يتعلق بموضوعة رفض مصالحة البعثيين وعودتهم إلى ممارسة العمل السياسي لم تعد خافية على احد وقد عبر عنها في خطابه الإعلامي بلسان عربي مبين دون مواربة او نفاق سياسي .
إنَّ المجلس الأعلى – منذ تأسيسه – وهو يسعى لتكريس ثقافة الحوار والإصغاء إلى الرأي الآخر واستيعاب جميع المكونات بعيدا عن الثار والإقصاء والأحقاد والعصبية والقبلية وقد عبر عن ذلك من خلال أدائه وخطابه الثقافي المعتدل والعقلائي والواقعي ، كما انه كان من السباقين الى فتح آفاق الحوار السياسي والثقافي والعقائدي وقد أكد شهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم ( قدس سرُّه ) على اعتماد الحوار ومخاطبة العقل والوجدان لذلك فان المجلس الأعلى لا يتحفظ على الحوار مع أية جهة شريطة أن لا تكون تلك الجهة ممن ساموا العراقيين سوء العذاب فقتلوا الرجال وذبحوا الأبناء واستحيوا النساء كالبعثيين الصداميين والإرهابيين التكفيريين ، فان مجرد التفكير بمصالحة هؤلاء أو الحوار معهم يعتبر بنظر المجلس الأعلى وباقي القوى الإسلامية والوطنية خيانة عظمى وجريمة كبرى وخط احمر لا يمكن تجاوزه ، فالبعث بفكره وأيدلوجيته حزب فاشي لا مكان له سوى مزابل التاريخ ، والأمر ذاته ينطبق على الإرهابيين والتكفيريين .
أما الحوار مع بعض الشخصيات البعثية التي كانت تعارض النظام السابق ، ولم تتلطخ أياديها بالدماء من اجل عودتهم ومشاركتهم بالعملية السياسية في إطار كيان سياسي جديد بعيد عن أفكار البعث ومفاهيمه الإجرامية فهذا أمر يسمح به الدستور ولا ترفضه القوى السياسية . ومن هنا فان لقاء محمد رشاد الشيخ علي ممثل قيادة قطر العراق لحزب البعث بالدكتور عادل عبد المهدي لم يكن يتيما فقد سبقته لقاءات عديدة منها لقائه بالدكتور أكرم الحكيم وزير الحوار الوطني ومكتب السيد رئيس الوزراء وقد جرى خلال هذه اللقاءات حوارات موسّعة تهدف إلى رصّ الصف الوطني العراقي ومواجهة الإرهاب والعنف والصراعات الجانبية، ودعم العملية السياسية وتشجيع وتوسيع المشاركة، وتحقيق التوافق الوطني خدمة للمصالح العليا للعراق والعراقيين'.
ومن الجدير بالذكر ان محمد رشاد الشيخ راضي كان يتنقل في زمن النظام السابق بين بغداد ودمشق، ولم يكن مؤمنا بالأفكار الشوفينية التي كان يتبناها حزب البعث وكان معارضا لنظام صدام حسين .ان كاتب المقال حاول خلط الأوراق بشكل مقصود ولم يميز بأن « قيادة قطر العراق» او كما يعرف جماهيرياً بالبعث السوري (اليساري) هو تشكيل حورب من قبل النظام البعثي الصدامي، فكان من بين أول التنظيمات بجانب أبناء الحركة الإسلامية والوطنية التي شُردت وقتلت قياداتها منذ تولي الأخير السلطة واستمر ذلك حتى عام 2003. وقد أكد مكتب الدكتور عادل عبد المهدي في البيان الذي أصدره ردا على انتقادات وسائل الإعلام قائلاً : « أن هذا التشكيل كان معارضا وحليفا للقوى السياسية المعارضة وبمختلف الوسائل طوال العقود الماضية، وقد تعرض كما تعرضت القوى المعارضة إلى القتل والاغتيالات والسجون والتعذيب،
وبقدر ما نهيب بقوى شعبنا التي ترفض البعث بسبب سياساته العدوانية ومقابره الجماعية، نرى أن إنصاف من وقف مع الشعب وتعرض من قبل العصابة الصدامية هو واجب شرعي ووطني يخدم العراق ويطوي صفحة سوداء في تاريخه، حيث يلاقي المجرمون والمستبدون جزاءهم ويحصل المظلومون على حقوقهم ».إنني أتمنى على كاتب المقال ان يتسم بالموضوعية في كتاباته ، وان لا ينسيه حقده وبغضه لتيار شهيد المحراب قوله تعالى (( لايجرمنَّكم شنآن قوم على ان لاتعدلوا * اعدلوا هو اقرب للتقوى * واتقوا الله ))
https://telegram.me/buratha