حامد جعفر
في فيلم عراقي قديم جدا , يذهب الفنان يوسف العاني الى السوق ليشتري سمكة. يقف امام بائع السمك ويقلب طرفه في الاسماك التي امامه. وبعد لأي وتردد وحوار متعدد, يمد يده ويختار سمكة . وبعد ان يتفحصها ويقلبها بين يديه يرفعها الى انفه ويأخذ بشم ذيلها ليتأكد من انها طازجة وليست قديمة. يعترض بائع السمك مستغربا من فعل يوسف العاني ويقول له: ان الناس تشم السمك من رأسه للدلالة على انه حديث الصيد ولم يصبح جيفة وليس من ذيله!! يبتسم الفنان يوسف العاني مستهزءا ويقول لبائع السمك: ان الرأس اذا جاف فلا بد ان يكون الذنب قد جاف ايضا.يوسف العاني كان يقصد بالطبع الوضع السياسي وان سبب الفساد من رشوة ومحسوبية وسرقة وانعدام ضمير وخراب ذمة وضعف تقوى كل ذلك سببه الرؤوس الكبيرة التي تتحكم بمصائر الوزارات والشركات ومراكز القوة والسطوة. وهذا هو بالتمام والكمال ما يحدث اليوم . ذلك بان قطط اليوم السمينة هم كلاب الامس وخدام الدكتاتور العفلقي واجهزته. نقبوا في سجلات معظمهم لتظهر الحقيقة ظهور التراب في هذه الايام في سماء بغداد. وانا اعرف من مشاهير المليونيرية اليوم وهم مقاولون ورجال اعمال كانوا في الزمن العفلقي عفالقة واثروا انذاك كثيرا وتخلصوا من نيران الحروب والازمات لانهم كانوا عملاء هم واباءهم وفي مواقع خطيرة للعفالقة.
لا شك ان الخراب الاخلاقي وضياع القيم وتبدل المفاهيم الصالحة الى اخرى طالحة وتضعضع الشخصية العراقية واستسلامها لصاحب السلطة وشياع القول الخائب( انا عبد مأمور) وغير ذلك من عوامل الضعف والانحطاط حل بالعراقيين الذين كان يضرب المثل بسمو اخلاقهم وتقواهم بسبب ما سقط على رؤوسهم من ابشع الجرائم البعثية واقذرها والحروب العبثية الدموية الطويلة وفرق الاعدام التي ابادت الوف الشباب واستهزاء العفالقة بارواح الناس والتشجيع على الفساد الاسري حتى ظهر صدام يوما ليكرم ابا وشى بابنه بدعوى هروبه من الخدمة العسكرية وكرم مدرسة لانها وشت بزوجها لترسله الى حبل المشنقة, وكذلك بسبب الفقر المدقع الذي حل بالعراقيين حتى اضطروا الى بيع ابواب بيوتهم!! امر الدكتاتور جنوده بسرقة المدن الايرانية التي احتلها في بداية الحرب على انها غنائم فسرقوا البيوت وروعوا الاطفال والنساء وعندما علموا بان ذلك يرضي القائد الفلته اخذوا يسرقون حتى المدن والقرى العراقية التي تقع على الحدود والتي هجرها اهلها خوفا على انفسهم .....
ولقد روى قريب لي كان في قضاء العزير ضمن قاطع للجيش الشعبي كيف سرق الجيش بيوت هذا القضاء وكيف راى رجلا من اهل القضاء كان عائدا ليتفقد بيته فلما دخل لم يجد الا الجدران وبعد ان دار بالبيت وهو مصدوم يذرف الدموع, لم يعثر الا على يد هاون!! اما سرقات الكويت فمعروفة جدا للعراقيين .
ونحن نقول ان اراد المالكي فعلا ان يقضي على الفساد فليبدأ بوزرائه ثم كبار المدراء والمسؤولين لان المسؤول ان كان صالحا تقيا يخاف الله سليم القلب محبا للخير لا يعين تحت مسؤوليته الا من هو مثله في قيمه ونشاطه وكما قال المثل شبيه الشئ منجذب اليه , وبهذا سيسحق الافعى من رأسها وتموت وتخبو نيران الرذيلة .
حامد جعفرصوت الحرية
https://telegram.me/buratha