علي الخياط
تصاعدت في الآونة الاخيرة هجرة عكسية من خارج العراق الى داخله... وأسباب ذلك واضحة جلية ولا تخفى عن كل متابع للاحداث، فتحسن الوضع الامني ولاسيما في العاصمة بغداد شهد واقعاً ملموساً من الاستقرار وعودة شبه طبيعية للاسواق والمناطق التي توصف بالساخنة التي شهدت اعمال عنف طائفية هجرت على اثرها عوائل بريئة بدون اي ذنب ومن مختلف شرائح الشعب العراقي، كماهاجر معظم العراقيين منذ نهاية السبعينيات وبداية ثمانينيات القرن الماضي بعد ان عانوا ماعانوا من الويلات والمآسي التي خلفها نظام الطاغية المقبور كاعتقال واعدام آلاف الشباب وتسفير العوائل الفيلية بحجة انهم ليسوا عراقيين وافتعال الازمات لالهاء الشعب وجره الى هموم متكررة تشغله عن الواقع الحقيقي الذي يعيشه ليعيش في سجن كبير. وهاجر على اثر ذلك الكثير من اصحاب الشهادات والمتميزين والنخب ،وبعد ازاحة النظام البعثي من الحكم ،وازاح ثقل الجبال عن كاهل المواطنين من داخل وخارج الوطن ،حاول البعض من الغيارىان يعودوا لبناء وطنهم والتعويض عما فاتهم من العيش فيه والمساهمة في بنائه... هناك مشكلة تعتصر قلوب الكفاءات في الخارج ، حين يعجزون عن الاستمرار في التواصل مع البلد الذي جذورهم متأصلة فيه ،و يحاولون بشتى الظروف خدمته عن طريق ما يمتلكونه من خبرة علمية في الدول المتطورة التي عملوا فيهاونضجوا فيها علميا وفكريا .
الموهوبون واصحاب الشهادات العليا في الخارج ، يحملون قدراتهم العلمية والمهنية المتطورة لخدمة وتطوير المجتمع ، ولهم طموحات مشروعة ، كمواطنين ينتمون الى هذا البلد في العيش فيه بكرامة وبناء اسرة بعد طول فترة الاغتراب ..
ان الكفاءات التي عادت الى الوطن اصطدمت بروتين لا اول له ولا اخر وخاصة ان اغلبهم غادر الوطن نتيجة التضييق والاهمال والعوز الذي قصده حكم الطاغية ضد هذه الشريحة المهمة والمؤثرة ، وهناك كثير من القصص التي سمعناها عن متميزين وعباقرة فازوا ببراءة اختراع او في برامج على مستوى الداخل او العرب او حتى اوربا فأخذ الطالب الذي فاز بمسابقة (رياضيات) عالمية وتحدى فيها اعرق الجامعات واكثرها تطورا ، وحين عاد الى الوطن فوجئ بقرار تعيينه في وزارة الكهرباء (كقاريء مقاييس) وعشرات القصص الاخرى المماثلة لهذا العبقري وقصد النظام البائد من ذلك اذلال الطبقة المثقفة والمفكرة ..
صاحب الكفاءة في كل دول العالم يحظى باهتمام عال من قبل الحكومة والمجتمع والمؤسسات ، وحقق في البلاد المتطورة مستوى معاشيا مناسبا بحيث لايحتاج الى عمل اخر ، بحيث يكون راتبه كافيا للعيش بكرامة ، اما في العراق فقد كانت شريحة المثقفين واساتذة الجامعات يعانون من الاهمال والتهميش وادارة في ابسط مقاومات الحياة الكريمة من شظف العيش والفاقة التي المت باغلب شرائح المجتمع العراقي ، وخاصة في زمن الحصار الصدامي ناهيك ممن فضل المغادرة في سبعينات القرن الماضي نتيجة الملاحقة البعثية وانذار اوامر القتل لهم مما ادى الى هجرة جماعية للكفاءات ، وبعد سقوط النظام البعثي استبشرت الكفاءات خيرا حالهم حال العراقيون المقيمون في المنفى وكلهم امل بالعودة الى احضان الوطن الذي ابعدو عنه مجبرين لا مخيرين ،وانتظروا سنة تتبعها اخرى على امل العودة والمشاركة في بناء هذا الوطن الكبير والحبيب ولكن هناك دائما من يحاول عرقلة عودة هؤلاء وتحت اسباب وذرائع شتى كالوضع الامني الذي اصبح شماعة لعرقلة عودة الكفاءات ، حتى ان معظم الجامعات ووزارات الدولة دأبت على محاربة من يحاول العودة خوفا على مكاسبهم وكأن القادم منافس وقاهر وليس شريكا في الوطن.... قصة الكفاءات وعودتهم مثل الذي يحس بالمصاب ولا يملك منعه ، والذي لا يملك منعه لا يكاد يحس بوجوده.. وان من لا يحس يستطيع ان يفعل .. ولكنه لا يفعل لا نه قرير هانيء .. اما الذي يحس فهو لا يفعل شيئا لانه اعجز من ان يفعل...وهكذا،
الدكتور سامي حمادي عراقي مقيم في عاصمة الدنيا والفن والعلم ،قرر بعد سقوط نظام البعث العودة الى وطنه الام ،بعد اغتراب مايقارب الثلاثين عاما قضاها في طلب العلم والدراسة والبحث ،جال خلالها جامعات عديدة عربية واوربية وحاز على شهادتي دكتوراه بأختصاص (دكتوراه دولة في الاقتصاد،ودكتوراه في ادارة الاعمال الاستراتيجية)من جامعة تولوز في فرنسا ،هذا العراقي الغيور على بلده حاول منذ البداية العودة الى خدمة اهله ووطنه الغالي ،فقرر مراسلة الجامعات العراقية وهو يحمل الامل في العودة ،وتقديم التسهيلات التي تسارع في سلك اقصر الطرق الى تعيينه في احد جامعات الوطن القريبة من اختصاصه ،يحدوه الامل في المشاركة في عملية التطوير التي يحتاجها العراق بعد عملية التغيير ،وخاصة من الكفاءات العلمية ذات الخبرة والاختصاص المتميز ،وخاصة ممن خدموا في جامعات ومؤسسات عالمية متقدمة،لااريد ان اطيل من معاناة (الدكتور)وهو يحاول جاهدا ان يلتفت احد من الاخيارالى مناشداته العديدة التي ارسلها وعبر البريد الاليكتروني الى جامعات ووزارات البلاد المتعددة الجنسية ....
،سنوات عجاف مرت وطلبات التعيين مستمرة بدون كلل او ملل من جانب الدكتور الوطني الذي يرغب بأعادة مجد زائل الى عراق مابين النهرين ،المصيبة ان الذين يراسلهم يجدون في الدكتور منافس على مناصبهم ،وذلك من خلال السيرة الذاتية الغنية بالابداع في مسيرة الرجل ،مما ولد رد فعل سلبي لدى اصحاب القرار ونفور غير مبرر منه،فردوه في كل مرة محاولين ثنيه عن العودة وبشتى الاعذار والمسببات الاخرى وبطرق مرة قانونية بداعي العمر ومرة امنية خوفا على حياته ،واخرى بعدم الرد على رسائله واهمال مكالماته المستمرة .....وهكذا ،مع العلم ان طلباته وصلت الى اغلب المسؤولين واصحاب القرار ،ووزير التعليم ووزارته التي تنادي بعودة المغتربين والكفاءات ،وربما رواية الدكتور غيض من فيض من معاناة العائدين من اصحاب الشهادات والمتميزين والكفاءات من المغتربين ابناء هذا الوطن......،
نناشد السيد رئيس الوزراء والسادة المختصين بأستيعاب كوادرنا العراقية الغيورة من الكفاءات العلمية التي يحتاجها العراق في مثل هكذا اوضاع اختلط فيها الحابل بالنابل ،واستطاع فيها البعض من اصحاب النفوس المريضة والبعثيين من التلاعب بمقدرات هذا البلد ومواطنيه النجباء،ونطالب بتنظيف الدوائر المهمة من الوصوليين واصحاب الشهادات المزيفة ،واعطاء الفرصة لابناء هذا الوطن المعطاء من الكفوئين لتولي ادارة الجامعات التي صارت في وضع يرثى له من تدني المستوى التعليمي للاساتذة والطلاب على حد سواء ،عسى ان تنال هذه الكلمات اذنا صاغية من احد المهتمين بهذا البلد وخدمة ابنائه ،ونحن لمن المنتظرين مع الدكتور سامي حمادي لحل معضلته
https://telegram.me/buratha