باسم طيبا/ لبنان
على وقع مسلسل الكشف عن خلايا تجسس تعمل لصالح إسرائيل في أكثر من منطقة لبنانية بين بيروت والجنوب، وبين ثنايا الحملات الإنتخابية إلتي وصلت إلى مرحلة إعلان كل طرف عن لوائحه التي تضم مرشحيه في كل دائرة إنتخابية قبل حوالي الشهر من عملية الإقتراع في السابع من حزيران القادم، طفت قضية إحتمال إنسحاب الجيش الإسرائيلي من قرية الغجر على سطح الإهتمام السياسي في لبنان.في بداية الأسبوع الماضي ، ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ربما تعلن هذا الأسبوع عزمها الانسحاب من المنطقة الشمالية لقرية الغجر الواقعة على الحدود مع لبنان.ونقلت الصحيفة عن مصدر سياسي بالقدس وصفته بأنه بارز القول إن نتنياهو يريد التجاوب مع طلب أميركي يتعلق بهذا الشأن، مشيرا إلى أن هذا التحرك سيكون بمنزلة بادرة حسن نوايا تجاه حكومة رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة قبل الانتخابات البرلمانية اللبنانية .
وكانت تقارير ذكرت أن المبعوث الأميركي إلى منطقة الشرق الأوسط جورج ميتشل طلب في زيارة لإسرائيل قبل نحو عشرة أيام أن تنسحب إسرائيل من قرية الغجر وفقا لاتفاقات سبق التوصل إليها برعاية الأمم المتحدة.إلا أن هآرتس قالت إنه لا يتوقع الانسحاب من قرية الغجر قبل الانتخابات اللبنانية، نظرا "للكم الهائل المتوقع من الالتماسات التي سيتقدم بها سكان القرية أمام المحكمة العليا ضد عملية الانسحاب".
ولاحقاً، كشف نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني أيالون ، بعد لقائه مع مساعد الأمين العام للأمم المتحدة في قضايا حفظ السلام ألان لاروي، أن تل أبيب ستتخذ قرارها في موضوع الانسحاب من الجزء اللبناني المحتل من قرية الغجر قبل توجه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى العاصمة الأميركية واشنطن في 18 من الشهر الجاري. وقال أيالون إن «مبادرة» الدولة العبرية في الانسحاب من الغجر «لا تكفي لمساعدة الجهات المعتدلة في لبنان، وعلى المجتمع الدولي أن يكون أكثر حزماً في ما يتعلق بتطبيق القرار 1701، خصوصاً في ما يتعلق بوقف تهريب السلاح إلى حزب الله من سوريا».
في لبنان ، أخرج رئيس الحكومة فؤاد السنيورة النوايا الإسرائيلية من البازار السياسي اللبناني، معتبراً ان الحديث عن نية "إسرائيل" في هذه الأيام الانسحاب من شمال قرية الغجر المحتلة لا يعني أنها انسحبت منها، وبالتالي فان الغجر تبقى محتلة حتى جلاء القوات الإسرائيلية عنها من دون شروط، إضافة إلى ذلك فان أي حديث عن أهداف وأثمان سياسية لهذا الإعلان إنما يندرج في إطار السياسة الإسرائيلية المعروفة الأهداف والتي تهدف إلى بث الشقاق والفرقة بين اللبنانيين كما سبق أن فعلت سابقا، وهي أهداف لن تنطلي على احد.
بدوره، إعتبر رئيس المجلس النيابي نبيه بري أنه سواء سحبت "اسرائيل" جنودها من الشطر اللبناني لقرية الغجر قبل الانتخابات النيابية اللبنانية او بعدها، او سواء قبل سفر نتنياهو الى الولايات المتحدة الاميركية او بعده، فالانسحاب الاسرائيلي من أراضٍ لبنانية استمر احتلالها منذ عدوان تموز عام 2006 وحتى الآن، بالرغم من صدور القرار 1701، هو دليل واضح على تحدي اسرائيل للارادة الدولية وعدم الوفاء بالتزاماتها حيال بنود هذا القرار الذي يمثل الشرعية الدولية، وهو ايضا ليس مؤشرا على ان اسرائيل التي يتربع على عرشها صقور التطرف والعنصرية قد تحولت بين ليلة وضحاها الى حمل وديع يوزع هدايا مجانية من كيسنا".بموازاة ذلك، إعتبر رئيس كتلة "حزب الله ا"لبرلمانية محمد رعد أن الإنسحاب من بلدة الغجر لا يكفي، بل المطلوب الانسحاب من كل الاراضي التي لا تزال محتلة». وقال إن «المقاومة ملتزمة بالتحرير مهما طال الزمن وحماية الوطن من كل الاعداء.
وترى أوساط متابعة، أن الكلام الإسرائيلي والذي سرب عبر صحيفة "هآرتس" تضمّن الإعلان عن الاستعداد للانسحاب، وليس تحقيقه، وهذا قبل الإنتخابات النيابية في لبنان. وكان ملفتاً لهذه الأوساط محاولات التوظيف السياسي لهذا الإعلان من قبل الإسرائيليين من أجل تعزيز وجهة نظر أطراف سياسية في لبنان، على صدام مع فريق المقاومة .وتابعت هذه الأوساط أنه إلى جانب الأبعاد اللبنانية لهذا الإعلان فإن له أبعاد تتصل بالعلاقة الأميركية الإسرائيلية لذلك أشارت هآرتس إلى أن نتنياهو معني بإصدار بيان يتضمن استعداد إسرائيل للانسحاب من الغجر، قبل موعد زيارته إلى الولايات المتحدة هذا الشهر.
أما في البعد الإسرائيلي الخاص وعلى المستوى السياسي فان نتنياهو بحث موضوع الانسحاب من الغجر في اطار سلسلة من المشاورات اجراها اخيرا، ومن بينها نقاش خاص في "منتدى الثلاثية" مع وزير الدفاع إيهود باراك ووزير الخارجية افيغدور ليبرمان، و"على ما يبدو فان الاخيرين يعارضان الخطوة مبدئيا، برغم ادراكهما لاهمية اعلان إسرائيل عن استعدادها للانسحاب من القرية".
في مجمل المسألة يبدو أن الإسرائيليين يأملون في تحقيق عدة مكاسب وإجراء مناورات سياسية على أكثر من صعيد ومن خلال عدة قنوات من إعلانهم هذا ، الذي من المستبعد في الفترة الحالية أن يترجم إنسحاباً فعلياً واضحاً من أراض للبنان، الذي يبدو الوضع فيه أن الإستحقاق الإنتخابي يصرف النظر عن رصد دقيق للحركة الإسرائيلية.
https://telegram.me/buratha