محمد مهدي الخفاجي
لم يمر يوم واحد الا وطل علينا عبر وسائل الاعلام المتعددة كبار سياسينا لينددوا ويعيبوا كل اشكال المركزية التي يصفوها بالمقيتة ويعددوا نماذج من الدكتاتوريات التي فرختها المركزية - وما اكثرها في منطقتنا – لكننا في الحقيقة نجد هؤلاء السياسيين يسنون القانون تلو القانون في تشجيع وترصين وتدعيم جذور المركزية ويجردون المحافظات من كل صلاحية لا بل اصبحت حتى ابسط معاملة او طلب يجب ان يذهب الى المركز في بغداد وتُهدر شهور تلو الشهور اذ لم تكن اكثر من ذلك لتوافق او ترفض بغداد ويعود الطلب بعد ان هُدر الوقت والمال والجهد واعصاب المواطن وحتى صحته ناهيك عن فقده ماء وجهه في التوسل واستجداء من يتابع له سبب تأخر تلك المعاملة او الطلب الذي قدمه قبل اشهر طوال ولا من مجيب .والاغرب من ذلك كله حتى الاعلام الذي نسميه بالسلطة الرابعة قد حذى حذو السياسيين واصابته العدوى منهم فهو من ناحية يندد بالمركزية ويعتبرها حاضنة للدكتاتوريات ومن ناحية اخرى في أي استطلاع أو استبيان للراي نجده يركض الى المركز في بغداد ليستطلع ارائهم ويستبين ردود افعالهم دون غيرهم .
مما لاشك فيه ان ضروف وردود افعال ( بغداد ) لا تنطبق على كل العراق ولا حتى على نصفه فبغداد التي يسكنها 7 ملايين نسمة اذا استثنينا مدينة الصدر والشعلة والحرية منها وبعض المناطق الصغيرة الاخرى فيها التي تشابه بيئتها بيئة الجنوب والتي يقطنها اكثر من ثلثي سكان بغداد نجد ان 2 مليون فقط منه ان لم يكن اقل هم من يُعتد برأيهم ويُعتبرون هم الممثل للعراق في ارائهم وميولاتهم وتوجهاتهم لا بل حتى في سنهم للقوانين والقرارات حيث ان اغلبهم متنفذ في الوزارات التي اصبحت تُشرع وتُنفذ وتُراقب وتُحاسب وقويت شوكتها مع قوة المركزية المقيتة فهؤلاء ال 2 مليون الذين كانوا اصلا يعيشون بيئة مختلفة تماماً عن كل ابناء العراق ال30 مليون وكانت الحياة التي ينعمون بها على حساب ابناء الجنوب والشمال وبعض ابناء الوسط هي عكس معاناتنا نحن واهلنا في العراق تماماً فهل لمشاكل واراء 2 مليون اغلبية على ال28 مليون هل يجوز ذلك لا بل ان رقاب الكل يتحكم بها هؤلاء المنتفعين .
أما الداعين الى محاربة المركزية سواء في وزاراتهم او دوائرهم فنجدهم يتسابقون الى المركز لنيل رضاه حتى يدوم لهم ما هم عليه من منصب وجاه وسلطان ليسوا جديرين به لا من قريب او بعيد في حين اهل المركز هم اساس الفساد الاداري والبيروقراطية الادارية والامراض النفسية والغرور واحتقار الناس وتصنيفهم الى طبقات وفئات نابعة من حقدهم واحساسهم بالنقص وشعورهم ان في تفعيل الفيدراليات سحب للبساط من تحت هؤلاء المفسدين وفي تفعيل الفيدراليات زوال لكل ما هم عليه من من جاه خائب وتسلط اجوف ومظهر منخور من الداخل فلا من يأمروه ولا من يتمظهروا عليه وينتقصوا منه بعد ان يبتزوه ويسرقوا خيراته ومدخراته وينظفوا جيبه ويعيدوه الى محافظته وقد نال جزءً كافياً من الاهانة والابتزاز والاذلال .
محمد مهدي الخفاجي
https://telegram.me/buratha