محمود الشمري
يبدو ان الزمان قد جاد علينا بفيلسوف جديد ونابغة فريد هو السيد المبجل اياد جمال الدين صاحب نظرية التدخل الأيراني اللامرئي واللاملموس في الشأن العراقي . ففي حديث عجيب للسيد المبجل لقناة ( الان ) اللبنانية وتم نشره على الموقع الألكتروني لمنظمة مجاهدي خلق الأيرانية بتاريخ 20 شباط من هذا العام عن النفوذ الأيراني المزعوم في العراق صرح بما يلي : «اما بالنسبة للتدخل الإيراني في العراق فالتدخل الإيراني في العراق شيء يدرك ولا يوصف مثل الحبّ مثل الكُره، الانسان يشعر بالحبّ ولكن لا يستطيع ان يراه, لا يستطيع ان يشير له ويقول هذا حبّ. ولا يستطيع ان يقول هذا كُره . التدخل الإيراني من هكذا نمط. يُدرَك ولا يوصَف .
تصوروا ياسادة تدخل ايراني في العراق مثل الحب ومثل الكره لانستطيع أن نراه أو أن نشير اليه بل يدرك ولايوصف .. سبحان الله .. ماذا يمكن أن نسمي هذا ؟ نظرية ام فلسفة ام نبؤة .. لا أدري بالضبط !!هل أصبح تدخل الدول في الشؤون الداخلية لدول اخري يعرف بالأحاسيس وليس بالأدلة العملية الملموسة حسب نظرية السيد المبجل اياد جمال الدين ؟, أي انه وهو السياسي المحنك عضو البرلمان العراقي المنتخب وعضو لجنة العلاقات الخارجية فيه والعضو الفعال والمهم في القائمة العراقية التي يقودها الدكتور المحسوس و الملموس أياد علاوي ورغم كل هذه المناصب الملموسة لا المحسوسة فقط التي يتكلف بها والنفوذ الذي يتمتع به من خلال العلاقات الواسعة التي تكون لمثله, وقربه من القيادات السياسية و الأمنية المسؤولة والمطلعة العراقية والأمريكية والدولية , كل هذا وهو ينفي وجود أدلة ملموسة وعملية تثبت التدخل الأيراني في العراق وانما يعتمد على احساسه فقط كما اعتمد مشعان والدايني والضاري وغيرهم على أحاسيسهم .ثم يضيف السيد المبجل وفي نفس المقابلة .. ايران تُسيطر وتُهَيمن على كل مفاصل الحياة في العراق، السياسية والاقتصادية والدينية والثقافية وغير ذلك، البرلمان والحكومة ومجالس المحافظات القادمة أو الحالية والحكومات المحلية كل ذلك خاضع للنفوذ الإيراني، من يخالف إيران لا مكان له في العراق .
تصوروا ياسادة كل مفاصل الحياة في العراق تسيطر وتهيمن عليها ايران.. كل وليس بعض .. لو قال بعض لتساوى مع الأمريكان ومع من صور لهم ان التدخل الأيراني حقيقة وليس اكذوبة ولكنه فاق الجميع وتغلب حتى على مشعان والضاري وداود الفرحان الذين أخرجوا بعض الجهات من مظلة التدخل المزعوم !! وتصوروا ياسادة حسب راي السيد المبجل فان الجميع في العراق خاضع للنفوذ الأيراني وحتى مجالس المحافظات القادمة أيضا خاضعة , أي ان السيد المبجل ينظر عبر الزمن ويتهم حتى مجالس المحافظات التي لم تشكل بعد بالعمالة والخضوع لأيران.
وفي نفس المقابلة يقول : من يتهم عليه ان يأتي بالدليل، كل انسان برئ حتى تثبت ادانته، لو كان عملاء إيران في العراق يمتلكون قصاصة ورق ضد مجاهدي خلق لسحبوهم إلى محكمة الجنايات العليا... لماذ لا يحاكمون فرداً واحداً من أعضاء مجاهدي خلق؟»
ها قد عدنا الى الدليل المادي وبدأ السيد المبجل يناقض نفسه وانتقل من عالم الميتافيزيقيا الغارق فيه الى عالم المادة ويطالب بدليل مادي لأتهام مجاهدي خلق بالمشاركة في قمع الأنتفاضة الشعبية ضد صدام ويقول أن من يتهمهم ويريد اخراجهم من العراق هو عميل لأيران. كيف ياسيدنا المبجل والجميع في العراق وعندما كنت تعيش في ايران , الجميع يعلم علم اليقين انهم كانوا يقفون بجانب صدام وكنت أراهم بنفسي وبعين اليقين وهم يقومون بدورياتهم حول بغداد والويل لمن يمسهم أو مجرد أن يلتفت نحو عجلاتهم فأنه مفقود مفقود . تتهم بلا دليل بينما تطالب في موقع اخر بالدليل . وما رايك بالأدلة المادية الملموسة عن حجم التدخل السعودي والسوري الهائل في العراق و التي مسكت باليد من خلال الألاف الذين يفجرون أنفسهم واعترافات المعتقلين منهم وقيادتهم للعمليات المسلحة في العراق ودعمها ماديا وبشريا وفكريا , فلماذا لا تهاجمها لأجل العراق وانت تلمس الأدلة وتراها . أليس الأحرى بالسيد المبجل أن يترك التهجم على السياسيين العراقيين الذين لايملك أدلة ملموسة على تبعيتهم لأيران ويتكلم عن الأخرين الذين توجد أدلة مرئية وملموسة ومحسوسة على تبعيتهم لجهات أخرى .
يبدو والله أعلم أن النظرية الجديدة للسيد المبجل الذي درس في ايران لمدة 16 سنة هي فوق مستوانا الفكري ولانستطيع الوصول لمقاصد السيد المبجل ولكني أقول للسيد المبجل وأنا الذي خضت المعارك الضروس ضد الأيرانيين طيلة فترة الحرب العراقية –الأيرانية وقتل الأيرانيون بعض افراد عائلتي والكثير من أقاربي وأصدقائي وعانى الأخرين منّا الذين يعيشون بعيدا عن الجبهات من هول التدمير الذي سببته صواريخ أرض_أرض الأيرانية بينما كنت تعيش في سلام وليس هذا عيبا وأقصد بهذا كله بأن ما أقوله هو ليس حبا بأيران وانما كرها بالباطل والتلفيق لذا أقول للسيد المبجل انه لادليل مادي ولامعنوي عند أي مخلوق بوجود تبعية سياسية في العراق لأيران او تدخل ايراني في العراق عدا تزويدهم لجيش المهدي ولفترة محدودة ببعض الأسلحة معتقدين أنه سيحارب الأمريكان بها ولكنه انقلب على الشعب العراقي فاوقفوا دعمهم له وجعلوه جيشا بلا سلاح فسهل علينا القضاء عليه , ومع ذلك فنحن لن نسامح الأيرانيين على توجههم الخاطيء ذاك ونحملهم مسؤولية الماسي التي سببها جيش المهدي سيء الصيت .
وأقول ان كل هذه الأكاذيب المختلقة والملفقة والمتهرئة حول هذا التدخل والتبعية قد أوجدتها عقول مريضة حاقدة على العراق وكارهة للعملية السياسية الناجحة و قد راهنت هذه العقول المتامرة على اسقاطها من خلال محاولة تشويه صورة الرموز السياسية العراقية الوطنية واتهامها بالتبعية لايران لأسباب واضحة نعرفها جيدا وتعرفها تلك العقول ولكنها تريد تزوير الحقائق بغية خداع الناس حتى تنجح في مهمتها . وأخيرا أقول للسيد المبجل أن كفاكم خداعا وتضليلا وأنكم بهذا التظليل تسببون ضررا للعراق وأهله الطيبين وانكم بهذا الخداع تتخندقون مع القاعدة والبعث والضاري والدايني ضد العراق وحكومته الوطنية التي خرج الملايين من العراقيين لأنتخابها وحسبنا الله ونعم الوكيل.
https://telegram.me/buratha