جودي المحنه
الخروقات الأمنية الخطيرة وبوادر العنف المتلاحقة في العاصمة بغداد وبعض المدن العراقية في الأ يام القريبة الماضية والتي تجسدت في أعمال قتل وإبادة من خلال الأحزمة الناسفة والعبوات المتفجرة طالت العديد من أبناء شعبنا الأبرياء من أطفال ونساء وشباب وشيوخ والتي صبغت المشهد العراقي المستقر بلون الدم والجريمة والرعب ،ممالا شك فيه أن وراء العودة إلى مشاهد العنف والجريمة هذه أسباب عديدة تباينت فيها الآراء والتحليلات والتشخيصات ، ولعل أن أول هذه الأسباب هو الركون الى حالة الاسترخاء من قبل بعض مفاصل الأجهزة الأمنية المسؤولة واستخفافها بالعدو المتربص لأغتنام أي فرصة للاختراق والانتقام بعد الضربات المفجعة التي طالت قواه الإرهابية المتعددة الوجوه والتشكيلات في البلد من فلول القاعدة المندحرة وخلاياها النائمة الى أيتام النظام الفاشي الذين أصابهم اليأس والقنوط من العودة الى سالف الأيام. إضافة إلى غياب الجهد الاستخباري الذي تفتقر إليه أكثر قوانا الأمنية والتنفيذية والذي يسهم بشكل رئيسي بالتصدي السريع أو تهيئة استحضارات المواجهة والإجهاض لمثل هذه الخروقات ،
أن ماتحقق من نتائج ملموسة على مستوى الأمن والاستقرار وهزيمة هذه القوى الشريرة يجب أن يستمر بوتيرة متصاعدة مع تقادم الأيام وبنفس الهمة الوطنية والروح الوثابة من اجل هزيمة نهائية لهذه القوى وتحقيق الآمن والرخاء والاستقرار الى أبناء شعبنا الجريح.. ويبدو أن هناك بصمات ومؤشرات واضحة في عمق المشهد الأمني تؤشر ضلوع عناصر مشبوهة في الإحداث الأخيرة تسللت إلى مفاصل المؤسسات الأمنية وتجمعات الصحوة الوطنية تريد فرض أجندتها وتحقيق أحلامها وأمانيها من خلال أرباك الحالة الأمنية والإخلال بالاستقرار وإعادة مشاهد العنف والقتل لوضع حكومة الوحدة الوطنية أمام الأمر الواقع وتحت ضغوط الإرهاب للاستجابة الى طروحاتها ذات النوايا المزدوجة وخصوصاً وانها تزامنت مع توجهات الحكومة الجادة والمخلصة لمعالجة ملفات وطنية ملحة ومنها ملف المصالحة الوطنية..
ان ماتحقق من امن واستقرار واضح ليس بالقليل وجاء عبر تضحيات جسام والذي انعكس ايجابياً على واقع العراق داخلياً وإقليميا ودوليا بدليل الانفتاح الواسع من قبل دول المنطقة الشقيقة والصديقة ودول العالم الأجنبية والمحافل الدولية المرموقة لذا فان حماية المنجز الوطني وفي كافة المجالات والدفاع عنه أفضل بكثير من العودة الى نقطة الصفر من جديد للبدء بمواجهة غير محسوبة قد تكون قاسية التضحيات ومتواضعة النتائج أذا ما استفحلت تلك الخروقات بشكل مستمر..حيث لايمكن الركون إلى حالة الدعة والاسترخاء واستثمار الفوز بطريقة التفريط به كذلك لابد من التعامل المسؤول مع كل الجهات الضالعة في تعكير صفوالامن والاستقرار والتي تحاول تفتيت هذا الفوز وإيجاد فرص الاختراق والاستنزاف ووضع الألغام في طريق العملية السياسية الجارية للحيلولة دون تحقيق الأمن والاستقرار والبناء وإرساء دولة القانون والمؤسسات والعودة الى حالة الفوضى وتعدد مراكز القوى للوصول بالدولة الى نقطة الانهيار..لذا فان الأمر يتطلب أعادة قراءة المشهد الأمني من قبل الدوائر ذات الصلة وتصعيد مستوى المتابعة والمراقبة والحذر وتشديد إجراءات الردع بمستوى تطاول هذه القوى على امن واستقرار الشعب وبالنمط الذي يحمي الانجازات الأمنية المتحققة وحالة الاستقرار المنجزة على ان تطال تلك القراءة والمراجعة الى تنقية المفاصل الأمنية وفلترتها من العناصر المشبوهة والتي تسللت الى مراكز أمنية مرموقة في الدولة الجديدة وصفوف الصحوة الوطنية..
ان التسليم بتلك التبريرات الشائعة والتحليلات الطوبائية هذه الأيام بدعوى أن الإرهاب يترنح وانه عاجز عن تحقيق أهدافه وانه يقوم بمحاولات يائسة وان فلوله ولت مندحرة وعبرت منافذ الحدود الى دول أخرى أمر خطير يجعل الدولة وأجهزتها خارج دائرة التحسب والاستعداد وبالتالي تصبح هدف واهن أمام تلك العصابات وإذنابها التي تتربص بالمشروع الوطني والعملية السياسية ليل نهار حيث دلت الأحداث الأخيرة انه لايمكن الركون الى هذه التبريرات قط..حيث لازالت قوى الإرهاب تمتلك القدرة على المناورة والاختراق والفعل الإجرامي وإعادة تنظيم نشاطاتها الإجرامية.. ولعل الورقة المراد إعادتها الى طاولة اللعبة الآن هي الورقة الطائفية لإيجاد شرخا في جدار الوحدة الوطنية الصلد ليكون منفذا الى الفرقة والاقتتال والانهيار من جديد لتعطيل الحياة في بلدنا الحبيب مما يتطلب الفطنة واليقظة والحذر والتحلي بالصبر واستخلاص الدروس السابقة وإعادة قراءة الماضي القريب من قبل كل الأطراف الوطنية والمكونات ذات المصلحة الحقيقية في عملية التغيير وبناء الدولة الحديثة قبل فوات الأوان.
https://telegram.me/buratha