وزير التخطيط العراقي علي بابان
على الرغم من كل الأجواء المتشائمة التي تحيط بمستقبل سلعة النفط والتوقعات حول التوسع في إستخدام البدائل مما يشكل تهديداً جدياً لحصة النفط في سوق الطاقة, ومع هذا المستوى المنخفض للأسعار وإحتمال هبوطه إلى قيعان جديدة, وأخذاً بنظر الإعتبار خطورة الإعتماد على عائدات النفط كمصدر وحيد وأساسي لتمويل الميزانيه في العراق... ومع الإقرار الكامل بضرورة تنمية وتوسيع البدائل للنفط في الإقتصاد العراقي فأننا نقول وبالفم الملآن بأن قطاع النفط في بلادنا سيبقى القطاع القائد والريادي في الإقتصاد المحلي ولعقود قادمة وحتى تصبح البدائل حقيقية واقعة... وأن هذا القطاع في ظل أوضاعنا الراهنة يشكل الرافعة الفعلية ودعامة النهوض التي تعتمد عليها اية خطة إنطلاق سليمة للإقتصاد في وطننا...البنية التحتية في حال يرثى لها... والميزانية العامة تؤكد عجزها عاما بعد عام عن الوفاء بأستحقاقات المشاريع التي تحرك عجلة الإقتصاد وتوفر فرص العمل... الدولة اليوم ترفع الراية البيضاء أمام المشكلات الإقتصادية المزمنة هذا فيما يتصاعد تذمر المواطن العراقي وتتسع مساحة محروميته, القطاع الخاص لازال ضعيفاًوأمامه شوط طويل لكي يستطيع النهوض بالمهام المطلوبة، والإستثمار الأجنبي بأمكانه أن يلعب دوراً هاماً بالتأكيد لكنه يواجه مع الأسف الشديد عوائق البيروقراطية وتهديدات الوضع الأمني وفي ظل هذه الظروف فأن الإنفاق الحكومي يلعب دور المحرك الفعلي للإقتصاد, وهذا الإنفاق يمكن له أن يأخذ أشكالاً جديدة تختلف عن الصور التقليدية التي نعرفها فهو يمكن أن يأخذ صيغة الشراكة مع القطاع الخاص والإستثمار الأجنبي أو يمكن ان تقوم الدولة بتنفيذ المشاريع إبتداء ثم تخصخصها لاحقاً... وفي كل هذه الصيغ والنماذج فأن هذا الإنفاق الحكومي سوف يحتاج إلى المال... وليس سوى القطاع النفطي بقادرعلى توفير مثل هذه العوائد على المديين القصير والمتوسط....
إذن ( القطاع النفطي العراقي) بكل مشاكله الراهنة وآفاقه الواعدة بالمستقبل هو ( القضية المركزية ) التي يجب أن ننشغل بها وتكون موضع تفكيرنا وإهتمامنا اليوم وفي الغد وبعده...
الصناعة النفطية العراقية اليوم تواجه مشاكل جدية وعميقة تهدد قدرتها على العطاء والدور المأمول الذي نحلم به ونطمح إليه, كان لدينا شركة نفط وطنية واليوم لم تعد لدينا مثل هذه الشركة... كان لدينا طواقم من الفنيين والخبراء على أعلى المستويات وقد غادر معظم هؤلاء العراق لسبب أو آخر... وإذا كان هذا هو الحال فهل نجلس لنبكي على الأطلال كعادة العرب القدامى وأم نتعامل بواقعية مع الحقائق الموضوعية القائمة...
بالتأكيد فأن التعامل الواقعي هو الأجدى خصوصاً مع قضية تخص مصير الثروة الوطنية الإساسية في بلادنا, ولابد من القول والجهر بأن العراق بحاجة ماسة ليس فقط إلى إستثمارات الشركات الأجنبية ولكننا بحاجة إلى تقنياتها المتقدمة لإنقاذ الصناعة النفطية العراقية من الحال التي إنتهت إليها... وإذا كان نمط العقود التي يعرضها العراق اليوم لإستدراج الشركات الإجنبية للعمل في حقوله النفطية ليس مغرياً لهذه الشركات بما فيه الكفاية فلابد من البحث عن نمط العقود التي تجذب هذه الشركات دونما التفريط بالمصالح الوطنية العراقية ولا في جزء صغير منها مع التذكير بأن العقود التي تحقق اعلى العائدات وتضمن تطوير هذا القطاع والتغلب على مشاكله وعلله هي العقود الأفضل تحقيقاً للمصلحة الوطنية بكل تأكيد...
بأمكان سياسة نفطية تتسم بالإنفتاح... والواقعية... والوطنية الحقيقية أن تجعل العراق من أقصى شماله إلى جنوبه ورشة عمل نشطة لافي ميدان النفط فحسب ولكن في كل مفاصل الإقتصاد العراقي... في الزراعة... والصناعة... والخدمات... فالصناعة النفطية في ظل سياسة كهذه ستعمل كرافعة حقيقية لكل القطاعات الإنتاجية...
حان وقت سقوط الأوهام في القطاع النفطي العراقي... وفي إقتصادنا الوطني ككل ففي ظل الخضوع لهذه الأوهام لم نجن شيئاً.. فيما تتدهور الصناعة النفطية... وتذبل إيراداتها ... وتتفاقم مشكلات حقولها... ومشكلات الوطن تتضاعف وتتضخم وتنذر بالخطر...
النفط لازال موطن الرجاء لكل من يعرف بدقة أوضاع الإقتصاد العراقي وإذا خسرنا هذه الفرصة التاريخية وبتنا أسارى التردد... والسلبية... والوطنية الكاذبة فسوف نفقد القطاع النفطي ومعه أمور أعظم أهمية وأبعد تأثيراً..!!
علي بابان -وزير التخطيط العراقي
https://telegram.me/buratha