فراس الغضبان الحمداني
كان الدور الرقابي للبرلمان العراقي ضعيفا للغاية طوال المدة الماضية ما ادى الى استفحال الفساد في الدوائر الحكومية وخاصة مكاتب اعلام الوزارات قابله اعلام هزيل ليس بمستوى التحديات الخطيرة....واقسم بان هذه المقالة ليست تشفيا باعتقال محمد حنون وليست لي معه أية عداوة شخصية و بالعكس فقد اتصل بي مؤخرا يطلب مني إن أساعده بحذف اسمه الذي ورد في سبتايتل فضائية محلية كانت بثت بيانا نقلته من احد مواقع المنظمات المدافعة عن حقوق الصحفيين العراقيين وفعلا اتصلت بمدير المنظمة وطلبت منه إن يدقق في مشكلة المستشار الإعلامي لوزير التجارة ، أحببت إن أبدا بهذه المقدمة حتى لايقال أنها تتضمن مواقف كيدية مع واحد من شخوص المعادلة الخطيرة في الفساد والمفسدين وحتى لاينطبق علينا المثل الشعبي ( من طاح الجمل كثرة سجاجينة ) .
اكرر القسم إن هذه القضية قضية رأي عام ونقدم فيها نموذجا بارزا ومشهدا واضح المعالم لقضايا الفساد التي يرزح تحت وطأتهاالوطن ويعاني منها المواطن .
أشير أولا الى إن وزيرا التجارة والتعليم العالي عبدالفلاح السوداني و ذياب العجيلي وصلا للمنصب الذي هما فيه الآن والكل يعرف بأسلوب المحاصصة الطائفية وليس على أساس الكفاءة والنزاهة ، رغم إننا كنا نأمل إن يشغلا هذا الموقع بالعدل والإنصاف ويحققان العدالة والأمانة من خلال ممارسة صلاحياتهما وسلطاتهما ، ولكن كما يقولون تجري الرياح بما لايشتهي الشعب وخاصة الشرفاء منهم .
لقد تبدد هذا الأمل في هذه الوزارة أو تلك السفارة أو الدائرة الرسمية أو تلك المنظمة المدنية بسبب ظهور عناصر احترفت النفاق والتملق وامتلكت القدرة على إن تستولي على عقول الوزراء وكبار المسؤولين في الأحزاب والكتل وتجعلهم جميعا مطية يمتطونها للوصول إلى أهدافهم غير المشروعة .
إن من الطبيعي لهؤلاء المفسدين حاشية كبيرة تترقب المنافع والمكاسب ، وينتشرون في مختلف أجهزة الدولة وهم على استعداد دائم لإقامة شبكة للرذيلة والفساد واختراق كل الأماكن والتجاوز على كل التعليمات والقوانين لأنهم ببساطة عباقرة في استخدام الوزراء أداة سهلة وطيعة لتحقيق رغباتهم الفاسدة من خلال اتخاذ قرارات عاطفية وسريعة ومتعجلة تمنحهم امتيازات على حساب الآخرين وحرمان الوطن من كفاءات مخلصة بعد إن تم تهميشهم ومليء فراغهم بالمنافقين والدجالين .
ولعل المثال الصارخ في هذا المجال ما قام به رجل جاوز الأربعين من العمر افني حياته في خدمة النظام السابق وياورا خاصا لمحافظ الناصرية انذاك ، وقد لقي أمثاله من الذين لايعرفون سياسة المداهنات حتفهم بتهمة الانتماء للبعث المقبور ، لكن هذا الرجل وأمثاله مشمولون بقانون الاجتثاث أو المساءلة ، لكنه تمكن من الهرب إلى بغداد والتسلق في إحدى الصحف وكتب مقالا يمتدح فيها وزير التربية السابق ( العلوان ) في جريدة الفرات وكان عنوان المقال ( شتان مابين الشكرة والعلوان ) وتضمن شتائم لفهد الشكرة وزير التربية في زمن صدام وامتدح العلوان وزير التربية في العهد الحالي ، وكان للمقالة وقعا خاصا على العلوان ، فقد استحسنها واستأنس لهذا المديح والإطراء ، فطلب بإحضار الإعلامي المتمسكن وأسفر اللقاء عن تعينه في المكتب الإعلامي لوزارة التربية ، ولكنه ولكفاءته الخاصة في استدراج كبار المسؤولين أصبح مستشارا للعلوان وصاحب الكلمة الأولى المسموعة في ديوان الوزارة .
وحين جاء وزيرا آخر هو سامي المظفر أصبح صاحبنا نديما للوزير وكاتما لإسراره ، واستثمر هذه العلاقة الحميمة في تمشية مئات المعاملات الخاصة والعشرات منها مخالفة للضوابط والتعليمات والبعض منها بالتزوير وخاصة عودة المدرسين والمعلمين إلى الخدمة ، ونتج عن هذه العملية ( الإنسانية ) شراء بيت في حي البنوك ماكان له إن يمتلكه وهو يلتزم بالقوانين المرعية الا بعد مائة عام لكن سياسة ( ورقلي واورقلك وعلى ظهر الوزير ارفعك ) اختصر الزمان وقبض بالدولار والتومان ، وحين غادر المظفر الوزارة وقد ظفر صاحبنا بكل ما يصبو إليه بما لذ وطاب .
جاء عبدالفلاح السوداني لوزارة التربية فوجد من يحتضنه ويستقبله ويؤمن له راحته ويفتح له قلبه ويطلعه على كل أوضاع وإسرار العباد ، وماهي الا ليلة وضحاها حتى أصبح عبدالفلاح عبدا لمحمد حنون وهو وزيرا للتربية وبعدها وزيرا للتجارة ، يقول للسوداني افعل فيرد عليه مثل المارد في مصباح علاء الدين ( شبيك لبيك يا مستشاري الإعلامي حنون فكل الاستثناءات والامتيازات بين يديك ) .
وماهي في وزارة التجارة إلا بضعة شهور ومجموعة عقود حتى تمكن الحنون إن يمتلك بيتا هذه المرة في منطقة العطيفية ، وهو لايقدر على شرائه إلا بيت الخربيط وأبناء بنية ، فما الذي فعله ابن حنون حتى امتلك هذه القدرة في اقل مدة وسنين ، فكان يفترض بالمفتش العام في وزارة التجارة إن يقدم سؤالا واحدا لمحمد حنون ويقول له من أين لك هذا ويطرح هذا السؤال لو كان المفتش حقا أمينا على المال العام .
وآخر نشاطات هذا العبقري البارع في الفساد المالي والإداري ، محاولته استكمال حلقة الامتيازات ، فأراد إن يصبح دكتورا في الإعلام فاصطدم بالتعليمات والقوانين التي لاتسمح لخريج التاريخ إن يكمل دراسته في كلية الإعلام ، ولكنه استنفر كل قدراته وعلاقاته العامة والاستثناءات التي وفرها له وزير تجارته ، فقام على الفور بترويج معاملات استلام السيارات من الشركة العامة للسيارات والمعدات ، فنالت منها مديرة إعلام وزارة التعليم العالي وحصل على الثانية المسؤول عن الدراسات العليا والثالثة والرابعة لأشخاص لهم علاقة بتسهيل مهمة حنون بالاستثناء والقبول في الماجستير، واعترض بعض الأساتذة على قبوله لكن العجيلي أذعن للالتماسات محطما بذلك جدار التعليمات الذي يحمي الكليات من اختراقات المنافقين والانتهازيين أمثال حنون .
وعلى كل شريف إن يتصور مستقبل هذه الدولة ومستوى العدالة المتحققة فيها فيما لو انتشر نموذج فايروس حنون وأصبح بالمئات فعلينا حين ذلك إن نقرأ السلام على روح الديمقراطية والنزاهة الغائبة في ظل ابطال الفساد المالي والاداري ، ونتمنى ان لاينتقل عدوى انفلونزا الخنازير من مكتب وزير التجارة الى مكاتب بقية الوزراء في الحكومة العراقية الحنونة .
https://telegram.me/buratha