بقلم : سامي جواد كاظم
بات العراق عامة وأهالي بغداد خاصة ليالي مؤرقة مثل تلك الليالي السوداء التي كان الإرهاب بأوجه وذلك بعد التفجيرات الأخيرة التي شهدتها وفي مختلف المناطق الشيعية صرف لا غيرها وبأعداد تذهل العقل وبدا المعنيون دراسة الأسباب والتداعيات وكان الأجدر في سبب التفجيرات هو إطلاق سراح المعتقلين الذي يعد الورقة الضاغطة من قبل بعض الكتل والشخصيات التابعة لها لتمرير أي قرار يعمل البرلمان على استصداره وكانت لغة المقايضة علنية من قبلهم وعبر وسائل إعلامهم ومن غير تأويل حيث المطالبة العلنية بإطلاق سراح المتهمين حتى إن البعض منهم دائما ما يقوم بزيارة المعتقلات للاطلاع على أحوالهم وإعلامهم التمسك بوعده لهم .
الاتهامات الطائفية دائما تكون حاضرة لكل من يعترض على إطلاق سراحهم بشكل عشوائي ولكن عندما يكون المعترض من نفس طائفتهم فهنا يدل دلالة قطعية على إن المطلق سراحهم إنهم مجرمون وسيعاودون الإجرام وهذا ما أدلى به مدير شرطة الرمادي في إحدى التفجيرات التي وقعت في الفلوجة إن المنفذ هو ممن أُطلق سراحه مؤخرا إضافة إلى قائمة تضم أكثر من 200 مجرم تحتفظ بها شرطة الفلوجة لغرض مراقبتهم واعتقالهم مرة ثانية اذا ما أطلق سراحهم .
من هنا هنالك معايير أخلاقية ودينية وشرعية لم يؤخذ بها مقابل المعايير السياسية الباطلة في اطلاق سراحهم ، وهنا لنا وقفة مع الحسين عليه السلام لنذكر هذه الرواية ونرى مدى التزام القادة السياسيين في فحواها .وهذه الرواية تعد ضمن سلسلة رواياتي التي ذكرتها عن الحسين عليه السلام قبل الطف حيث الكثير من جوانب حياة سيد الشهداء لازالت غير معروفة للملأ الرواية تقول :
عن علي عليه السلام انه اخذ رجلا من بني أسد في حد وجب عليه ليقيمه عليه فذهب بنو أسد إلى الحسين عليه السلام يستشفعون به فأبى عليهم فانطلقوا إلى علي عليه السلام فسألوه فقال عليه السلام : لا تسألوني شيئا أملكه إلا اعطيتكموه فخرجوا مسرورين فمّروا بالحسين عليه السلام فاخبروه بما قال فقال عليه السلام : إن كان لكم بصاحبكم حاجة فانصرفوا فلعل أمره قد قضى ، فانصرفوا إليه فوجدوه قد أقام عليه الحد قالوا الم تعدنا يا أمير المؤمنين ؟ لقد وعدتكم بما املكه هذا شيء لله لست املكه ـ موسوعة كلمات الإمام الحسين عليه السلام ص737 .
بنو أسد هذه القبيلة التي لها تاريخ مشرف مع الحسين عليه السلام وقمرها حبيب بن مظاهر الاسدي ، أجرم احد أبنائها فكان لابد لهم من الاستشفاع بالذي استشهدوا لأجله عند أبيه أمير المؤمنين عليه السلام .هل قبل الإمام علي عليه السلام شفاعة الحسين عليه السلام ؟ وهل كان الحسين عليه السلام على ثقة تامة إن أبيه سيقبل وساطته ؟ إجابة الحسين عليه السلام لبني أسد ـ إن كان لكم بصاحبكم حاجة ... ـ تدل على يقين وثقة الحسين عليه السلام إن أبيه لم يتنازل عن حق ملك لله .
الإمام علي عليه السلام لم يقبل الشفاعة في تعطيل حد من حدود الله على حساب المصالح الشخصية لأنه يعلم إن الذي سيدفع الثمن هو المسلم والمذنب هو الذي سيكون الساعي لإطلاق سراح المجرم إمام الله عز وجل قبل المجرم نفسه . وأعود للوضع العراقي وأقول إن الساعين لإطلاق سراح المجرمين وفعلا أطلقوا سراح البعض منهم وكانت أثارهم التفجيرات الأخيرة في بغداد حتى إن هنالك مشادة إعلامية بين طرفين سياسيين بسبب ذلك إن هؤلاء الساعين قد يكونون غير معنيين بثقافة الحسين عليه السلام إلا إن الطرف الآخر الذين يدعون إنهم حسينيون والحسينيون هم حسنيون والحسنيون هم علويون وهاهو علي عليه السلام يرفض شفاعة سيد الشهداء في إقامة الحد على المجرم فهل موافقة إطلاق سراح المجرمين من قبل الطرف الآخر تدل على حسينيتهم ؟
https://telegram.me/buratha