د. عبدالمحسن يوسف جمال
لماذا يقدم شخص ما على قتل زوار المراقد المقدسة لاهل البيت؟ ماذا يجني من يقتل زوارا من كبار السن جاءوا ليقضوا آخر أعمارهم في الصلاة والدعاء في افضل بقاع الأرض، حيث «مساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا»؟ هل يستلذ هؤلاء القتلة برؤية دماء الأطفال والنساء تنساب على الأرض؟ ما حدث منذ ايام في مرقد الامام موسى الكاظم عليه السلام رابع الأئمة من ابناء الحسين عليه السلام، حيث مسجده في وسط العاصمة العراقية بغداد.ماذا يمكن ان نفسر إقدام احد الارهاربين على قتل نفسه في وسط الزوار المدنيين المسالمين الذين جاءوا للصلاة في مسجد الامام الكاظم عليه السلام الذي يزوره المسلمون العراقيون وغيرهم يوميا بأعداد غفيرة، خاصة في اوقات الصلاة التي تقام جماعة هناك؟ فهل يعقل ان يقدم احد الذين اشتراهم الشيطان على تفجير نفسه بهؤلاء الابرياء؟ ما هذه الرسالة التي يريد هذا المجرم ان يوجهها والى من...؟
والعجيب ان المصلين ما ان ينتهوا من تنظيف المكان وتطهيره من الرماد حتى يقفوا صفوفا طويلة مرة اخرى لاداء الصلاة من دون اي اكتراث بهذه الاعمال الارهابية في رسالة بليغة الى الارهابيين بأنهم لن يؤثروا في محبة الناس لآل البيت، بل العكس هو الذي سيحدث، وهو زيادة تمسكهم بهم، خاصة ان الظلم الذي وقع عليهم ليس جديدا. الملاحظ ان الذين يعتدون على هذه المساجد المقدسة يعتبرون ارهابيين بكل المقاييس ومن كل فئات المجتمع المسلم، وهذا في حد ذاته دليل على مصداقية اهل بيت النبوة، ومنهجهم الإسلامي المبني على المحبة والسلام وحب الخير والاخاء بين الناس.
اما الرسالة السياسية التي اصبحت بليغة، فهي ان منهج هؤلاء الارهابيين قد وصل الى نهايته، وبالتالي فهم يئسوا من الحياة، ولا يملكون القدرة على اعادة عقارب الحياة، وبالتالي فانهم لا يستطيعون الا ان ينتحروا ويقتلوا معهم من يصادف ان يكون في طريقهم.. اما الحياة الطيبة للناس الطيبين فإنها ستستمر وتتواصل لأن الحق هو الذي سيبقى في النهاية بعد ان ينحر الباطل نفسه.
جريدة القبس الكويتية
https://telegram.me/buratha