بقلم:فائز التميمي.
لنا أن نسميها لعنة الثقافة العراقية المريضة!! فتجد في هـذا الحر القاتل على المسؤول أن يلبس القاط والرباط. وفي العراق مشكلتين مترادفتين لهـذا الملبس ولماذا يحرص كل الموظفين على لبسها وحتى أن أحدهم كان في مشروع بقاطه ورباطه والغبار يملأ الجو!!.
السبب الأول أن الجميع يحرص على لبس الرباط لكي لا يتهم المسكين بأنه إيراني وصفوي .والثانية أن قيم مجتمعنا في إحترام الناس قائم على الملبس فلو أن المدير العام أو رئيس ملاحظين لم يلبس القاط والرباط يوماً فقد لا يحترمه المراجعون ولا العاملون تحت أمرته.وكثيرأً ما نشاهد أعضاء من المجالس المحلية في عز الظهيرة في القاط والرباط وسط الغبار والتراب وغالباً ما ينزعون البالطو ويضعونه على أيديهم وقد إشتهر بـذلك علي صالح السعدي رئيس وزراء البعث في إنقلاب شباط الاسود عام 1963م.
ونظام القاط والرباط تلتزم به بريطانيا حتى في مدارسها الإبتدائية والمشكلة في العراق أن هـذه التوليفة لا تناسب حر العراق الـذي قد تصل فيه درجة الحرارة الى أكثر من خمسين درجة مئوية مما يؤثر كثيراً على مزاج العاملين والموظفين ويؤدي الى عصبيتهم ونرفزتهم إضافة الى مزاج العراقي الخار بأصله!!. وقد إستورد العراق مودة من مصر كانت مريحة وهي بدلة صيفية عادة زرقاء ولكن لسوء الحظ هي صارت لباساً للبعثيين خاصة المجرمين منهم والـذين يعملون ليل نهار لمراقبة الناس!!.
وليس الأمر في كل أوربا فمثلاً عندما زرت هولندا دخلت مع صديق لي الى أحد البنوك ففوجئت فوجدت أن 80 بالمئة من موظفي البنك لا يلبسون الرباط بل وذهب بي صاحبي الى إحدى جامعاتها فإذا البروفسور في لباس جينز بسيط وحتى في التلفزيون ظهر رئيس الحزب المشارك في الإئتلاف الحكومي في هولندا وبدون رباط !!!فمتى تتحول ثقافتنا الى ثقافة واقعية وليست شكلية هامشية يضيع فيها الأخضر باليابس والى متى تبقى الأبعاد الجسمانية هي المؤثرة فينا!!. ومن الـذاكرة: يقول أحد الأصدقاء في النهاية الستينات كان لي موعد مع الدكتور صاحب زيني وهو طبيب إختصاصي أطفال (على ما أتـذكر ) وذهبت الى المستشفى وكنت أتوقع أن أرى رجلاً عريض المنكبين ،متروس بإختصار(يأكل العين) فصادفت رجلاً ضئيلاً يخرج من إحدى الصالات
فقلت له رجاءً عندي موعد خاص من الدكتور صاحب زيني فقال: تفضل فظننت أنه يمزح فإنتظرت أن يدلني عليه بعد مزاحه الثقيل فأعاد علي تفضل أنا الدكتور صاحب زيني!! فلم تعد لي ثقة به في علاج ولدي فقط لأنه ضئيل وليس له المواصفات التي يُحترَم بها الإنسان في ثقافة متخلفة يجب بل وآن لها الأوان أن تتغير!!. والعجيب أننا لم نأخـذ من الأنكليز إلا القشور وإلتزمنا بها!!
https://telegram.me/buratha