المقالات

في الحالتين:تقهقر


مهند السماوي

كلما ظهر بصيص من الامل يعيد البهجة والفرحة الى ابناء العالم العربي الذين اكلهم اليأس والقنوط من تغير الواقع المزري في الحياة السياسية،كلما خرجت خفافيش الليل مسلحة بأنياب قاتلة ومخيفة لترجع الامل الى بطون الكتب ودواخل القلوب والعقول.

اعادة انتخاب الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في ابريل(نيسان)2009 وبنسبة 90%يضعنا امام تقهقر حقيقي في الحياة السياسية الجزائرية،وبالتالي ينعكس للحالة السياسية العربية ككل عندما اريد لها الخروج من المأزق الراهن ولو من بعض البوابات الايلة للسقوط.

وفي الحالتين،سواء اكانت الانتخابات نزيهة والنتيجة حقيقية ومقاربة للواقع،فهي دليل على ضعف الوعي الشعبي في اهمية الانتخابات والاختيار الحر،وبالتالي الاستهانة بخرق الدستور عندما اتيح اعادة ترشيح الرئيس للمرة الثالثة،مما يعني ان الشعب الجزائري لم يكن بمستوى المسؤولية عندما وافق ليس فقط على ترشيح شخص خرق الدستور ومواده التي تؤكد على عدم التدخل الحكومي فيه الا بعد طرحه للاستفتاء الشعبي،بالاضافة الى الفقرات التي تؤكد كبقية الدساتير في دول العالم المختلفة على حق الرئيس الترشح ثانية للمنصب ولمرة واحدة فقط،بل وانتخابه من جديد وهو الذي لم يحقق للبلاد ما تصبو اليه من تطلعات مشروعة.

والنسبة العالية للمتخلفين عن المشاركة في الانتخابات هو دليل على ضعف الوعي والمسؤولية في اختيار الاصلح والاكثر كفاءة لتحمل المسؤولية الوطنية،وهذا يضعنا امام واقع عربي راهن في اليأس من التغيير وبالتالي تكون عدم المشاركة في الانتخابات هي الوسيلة الصامتة للاحتجاج على تردي الاوضاع وشيوع الفساد والانحطاط في المجتمع.

وفي الحالة الثانية،وهي الاكثر قربا للحقيقة في حصول عمليات التلاعب والتزوير على نطاق واسع بحيث انسحب غالبية المرشحين من الترشح لمنصب الرئاسة! والتي سهلت على الرئيس الفوز بمنصب الرئاسة للمرة الثالثة،وهي نتيجة مروعة في هذا القرن الذي دخلت بوابته الكثير من البلدان المتخلفة الى عالم الديمقراطية والحرية واحترام الدستور،مما يعني ان الحاكم العربي وبأي وسيلة كانت في وصوله الى سدة الحكم،هو قادر على البقاء وخرق القانون والدستور،من خلال كل الوسائل المتاحة والغير شرعية بالطبع وهو قادر برعاية طبقة التصفيق الحاد وحلفاء المافيا العرب من البقاء في منصبه حتى وان كانت رجليه على حافة القبر!.

ما حصل في الجزائر هو تردي حقيقي للواقع السياسي العربي وتخلفه المثير للدهشة،وبالتالي خيبة امل للكثيرين الذين تمنوا ان تكون الجزائر احدى بوابات العرب لولوج القرن الحادي والعشرون،من خلال الخروج عن القواعد السياسية العربية الرئيسية المتمثلة بالاستبداد والفساد والتخلف،واحلال محلها مبادئ الامم الحرة في الحرية والعدالة والمساواة.

حتى في حالة فرض كون الرئيس الجزائري هو الافضل بين المرشحين او انه خلال فترته الرئاسية قد حقق الكثير من المنجزات(وهي خرافة واقعية)،فلم يكن هنالك اي داع الى اعادة انتخابه بهذه الطريقة المخجلة في اعادة كتابة الدستور لتحقيق رغبة رئيس في البقاء لاكثر من فترتين وهو بهذه السن المتقدمة الدالة على تمسك عجيب بكرسي زائل ومبادئ متهرئة لايدل على رجاحة عقل ووطنية تحترم الوطن واختيارات شعبه،كذلك حرمان الكثيرين ممن يصلحوا لهذا المنصب في البلد،هي بالتأكيد نتيجة محزنة كون ان البلاد العربية تحتاج الى اجيال عديدة للخروج من محنة التخلف وآفاته السامة .

الرئيس بوتفليقة هو احد نتاج الحكم الشمولي الاستبدادي الذي ساد في الجزائر بعد الاستقلال،وهو احد اركانه الرئيسيين،وخلال فترة حكمه التي دامت عشر سنين لحد الان،ورغم الوارادات المالية الضخمة التي جاءت من ارتفاع اسعار النفط والغاز في السوق العالمية،فمازالت الجزائر متخلفة كثيرا عن الكثير من البلدان التي تمتلك امكانيات اقتصادية اقل،ومن ملاحظة الواقع الاقتصادي المتردي والمتمثل في نسبة البطالة العالية جدا(12%)والاعتماد الكبير على النفط والغاز دون ايجاد بدائل حقيقية لهما(96%من الصادرات)والتخلف الكبير في كافة الميادين المرافقة رغم ان الاحتياطي النقدي فاق 140 مليار دولار والتي لا تنفقها الحكومة على تحسين الواقع الاقتصادي والخدمي وتنميتهما،نتوصل الى نتيجة مؤلمة هي ان الجزائر مازالت تشكل البلد العربي الثالث الذي لم تظهر عليه آثار نعم النفط والغاز،والبلدان الاخران هما العراق وليبيا.

كذلك مازال الفساد مستشري في البلاد والذي ينخر في جميع افرع الاقتصاد ويجعله نهبا لطبقة تعيش بدون وازع وطني او ديني او اخلاقي،تحميها طغمة عسكرية واجهزة امنية ارهابية تمارس اعمالا خارجة عن نطاق عملها المرسوم له في حماية البلاد وامنها من التحديات الداخلية والخارجية رغم الانفاق المالي الضخم عليهما.

الاحباط مستمر وفقدان الوعي بقيمة الزمن الضائع سمة العصر العربي الراهن الذي يغوص باعماق من الوحول المجهولة...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك