باسم طيبا - لبنان
المتابع للمواقف الرسمية السورية تجاه العراق، يستطيع أن يلحظ تطوراً نوعياً يحكم نظرة النظام السوري فيما يخص الوضع السياسي في العراق ومجريات الأمور في هذا البلد، الذي حكمت النديّة والتأزم في كثير من الأحيان العلاقة بينه وبين دمشق.في خلفية المواقف السورية الأخيرة، يبدو أن ما يعتبره السوريون فشلاً من جانب الإدارة الامريكية في مشروعها لإعادة رسم الخريطة السياسية للمنطقة فيما سمي حينها بمشروع "الشرق الأوسط الجديد" ، يضاف إليه إعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن موعد لسحب قواته من العراق، قد ساعد على تكوين تقييم إيجابي سوري للعملية السياسية في العراق.
في مقابلة مع صحيفة السفير اللبنانية الشهر الماضي، قال الرئيس بشار الأسد "أنا في قناعتي أن الأمور تتحسن الآن في العراق بالنسبة للوضع الداخلي، وهناك عملية سياسية وانتخابات أخيرة أعطت مؤشرات جيدة في هذا الاتجاه".
ويربط السوريون بين العملية السياسية وبين الوضع الذي من الممكن أن ينشأ بعد إنسحاب القوات الأمريكية من العراق، وهم يعتبرون أن نجاحها – العملية السياسية - فسيكون الخروج الأميركي من العراق مساهماً في الاستقرار، كما جاء في حديث الأسد.
وجاءت مواقف الديبلوماسية السورية وسلوكياتها تجاه العراق تعبيراً عن هذه الرؤية التي ينظر بها الرئيس السوري، ففي زيارته الأخيرة إلى بغداد أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم أن سوريا لمست تقدما في العراق، وهي مرتاحة للعملية السياسية، ولديها الأمل بأن تتواصل الجهود لتحقيق المصالحة الوطنية.
المواقف السورية بخصوص العراق لم تكتف بالتقييم الإيجابي للأوضاع هناك، بل تعدتها إلى إشارات ترسلها إلى أكثر من طرف خصوصاً الأمريكي تؤكد بأنها من الممكن أن تلعب دوراً مفيداً ومسهلاً لعملية الإنسحاب بما يضمن نيتها ببقاء العراق موحداً عربياً ، وهذا ما أشار إليه الرئيس السوري أمام عدد من المفكرين والباحثين اللبنانيين، حينما عبّر كما نقلت صحيفة "الأخبار" اللبنانية بأن مسألة الإنسحاب العسكري الأمريكي هي مسألة وقت ، وأن سوريا مستعدة للمساعدة في تحقيق هذا الأمر ، وكان الوزير المعلم قد سبقه بالإعلان عنه من بغداد بأن سوريا جاهزة لكي تقدم المساعدة اللازمة لانجاح قرار الرئيس اوباما للخروج من العراق .
ولا يقتصر التطوّر السوري على النظرة أو الرؤية العامة للعراق ، بل واكبها أيضاً تطوّراً على صعيد العلاقات الرسمية، إذ تسلّم السوري أوراق اعتماد السفير العراقي في دمشق علاء حسين الجوادي كأول سفير عراقي في دمشق منذ 28 عاما، وهذه الخطوة تبعت إرسال سوريا لسفيرها نواف الفارس الى بغداد في تشرين الاول من العام الماضي ، كما أنه من المتوقع أن يزور رئيس مجلس الوزراء السوري محمد ناجي عطري العراق الثلاثاء المقبل ليرأس الجانب السوري في اجتماع اللجنة العليا السورية - العراقية، ويجري محادثات تتعلق بتعزيز التعاون الثنائي وتوسيع آفاقه في المجالات التي تهم البلدين.
المواقف السورية في هذا المجال متمايزة عن المواقف العربية الأخرى خصوصاً تلك من جانب دول الجوار العراقي التي يبدو أنها لا تزال ترى العراق من منظار آخر، يبدو المساهم الأبرز فيه طبيعة الإصطفافات داخل البيت العربي ، إضافة إلى خصوصيات أفراد هذا البيت المتمايزة والمتناقضة .
https://telegram.me/buratha