باسم طيبا - لبنان
ما كان قد بدأ يتفاعل من خلاف بين النظام المصري وحزب الله أثناء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي ترجم حينها إلى حملات متبادلة كل طرف تجاه الآخر ، تمثلت بإتهام قيادة حزب الله للنظام المصري بأنه شريك بالحصار على الشعب الفلسطيني لرفضه فتح معبر رفح الحدودي، ومقابلاً إتهام النظام المصري حزب الله بالتحريض والدعوة إلى إنقلاب عسكري وتهديد الأمن السياسي في مصر، أخذ منحاً جديداً الأسبوع بتوجيه السلطات المصرية رسمياً الأربعاء الماضي، اتهامات الى «حزب الله» وتحديدا أمينه العام السيد حسن نصر الله، بالتحضير للقيام بعمليات «عدائية» داخل الاراضي المصرية، وتهريب السلاح، ونشر الفكر الشيعي في البلاد، عبر مجموعة مؤلفة من 49 شخصا اعتقلوا قبل اشهر وبدأت محاكمتهم بشكل سري قبل أكثر من أسبوع ، بينهم لبنانيون وفلسطينيون ومصريون بعضهم من «كوادر» الحزب . وتناقلت الصحف المصرية تفاصيل هذه القضية من خلال ما يبدو أنها حملة منسقة وضعها بعض المحللين من الجانب الآخر في سياق محاولة مدروسة من قبل الحكومة المصرية لتحويل الأنظار عن المشاكل الداخلية المتفاقمة، باختلاق عدو خارجي، وهذا ما يفسّر تصريحات مصادر أمنية مصرية بأن مثل هذا التنظيم يمثل تهديدا خطيرا للأمن القومى المصرى وزعزعة استقرار نسيج المجتمع المصرى، مؤكدين أن حزب الله اللبنانى كما يعلم الجميع يسعى لتنفيذ أهداف الإيرانيين داخل مصر لزعزعة الاستقرار الأمنى، باعتبار مصر كبرى الدول العربية فى المنطقة، وأن النيل منها سيؤدى إلى انهيار السلام فى المنطقة بأكملها.وأضافت هذه المصادر بأن هذه المحاولات التخريبية ليست الأولى بل سبقتها بعض المحاولات الفردية التى باءت بالفشل على يد الأمن، وعلى الرغم من سعي إيران وحزب الله لنشر المذهب الشيعى داخل مصر باعتبارها من كبرى الدول السنية، فإن الشعب المصرى لم يتأثر بتلك المحاولات باعتباره شعبا متدينا وواعيا يعلم ما يحاك له من مخططات للنيل منه، وهنا يأتى دور الإعلام لزيادة الوعى تجاه خطر المد الشيعى، من خلال القيام بوضع خطط ثابتة ذات أهداف واضحة لمواجهة خطر هذا المد.في المقابل، فإن مصادر حزب الله آثرت التريّث في الرد على الحملة المصرية، وفضلت الإنتظار حتى يؤدي هذه المهمة أمينه العام السيد حسن نصرالله الذي طاولته الإتهامات المصرية شخصياً، وذلك عبر كلمة حملت رسائل عديدة وتناولت القضية من أكثر من جانب، تعدى في أجزاء منه حدود الرد على الإتهامات لينتقل إلى تقديم رؤية ومنهجية الحزب في التعامل مع الأنظمة العربية، التي يختلف مع معظمها .السيد حسن نصرالله في كلمته ,نفى الاتهامات المصرية له وللحزب، بتكليف اللبناني سامي هاني شهاب المعتقل لدى الأجهزة الأمنية المصرية بالاشراف والاعداد لتنفيذ عمليات في الأراضي المصرية، معتبراً أن الكلام عن خلية لحزب الله من 50عنصراً في مصر غير صحيح، رغم إعترافه بأن شهاب عضو في حزب الله وأن ما كان يقوم به على الحدود المصرية ـ الفلسطينية عمل لوجستي لنقل عتاد الى الاخوة الفلسطينيين" متهماً السلطات المصرية بأنها تهدف الى "إثارة الشعب المصري وتشويه صورة "حزب الله".. وتقديم أوراق اعتماد جديدة لدى الاميركيين والاسرائيليين".وكشف نصرالله عن "محامين مكلفين الدفاع عن المعتقلين في مصر" معتبراً أن "الإدانة يجب ان توجه الى النظام المصري" متهماً هذا النظام بالعمالة لإسرائيل وبالتعاون مع إسرائيل لهدم الأنفاق الى غزة، مشيراً الى أن "حزب الله" لا يريد أن يدخل في عداء مع أي نظام عربي وقال: "لا نريد أي صراع مع أي نظام عربي.. حتى إعلامياً.. ولا نريد شيئاً من الحكام العرب.. وكل ما نريده: فكّوا عنّا ولا تتآمروا علينا ولا تتهمونا ظلماً".بين إتهام سلطات القضاء في مصر وحملات وسائل إعلامها، ورد أمين عام حزب الله, يبدو واضحاً أن هذه المسألة هي أكبر من كونها قضية قضائية ترتبط بتفصيلات أمنية محدودة، أو سعي لنشر فكر مذهب إسلامي وخلافه من إتهامات، بل أن إطارها الصحيح هو المشهد الإقليمي ومحدداته العلاقة المتأزمة بين النظام المصري من جهة والنظام الإيراني الذي ترى فيه مصر وصياً كاملاً على حزب الله وهو الذي لم ينفك في الفترة الأخيرة يهاجم سياسات مصر وأدائها فيما يرتبط بالكثير من القضايا الساخنة في المنطقة ،وقطر التي تسعى إلى لعب دور إقليمي يخرج بحركته عن التصور المصري للأداء العربي العام من جهة أخرى.ولا يتوقع ان تنتهي هذه الازمة بسرعة كبيرة، الا انه في المقابل، لا يتوقع ايضاً ان تتعقد الامور اكثر من ذلك، ولو ان المصريين يرغبون في استغلال الحادث الى اقصى حد ممكن، الا انه لا يمكنهم الوصول بالمسألة الى حد مطالبة لبنان بمواجهة "حزب الله" لان القضية خاسرة سلفاً ولا رجاء منها.لن يكتب لهذه المواجهة ان تنتهي بسرعة، ولكنها مواجهة "تسجيل نقاط" اكثر منها "مواجهة مصيرية"، لذلك تبقى خطورتها محدودة نوعاً ما، في انتظار ما ستؤول اليه الانتخابات النيابية في لبنان.
https://telegram.me/buratha