المقالات

في ذكرى عزيز السيد جاسم


علي الخياط

نحتفل اليوم - حزناً - بذكرى فقدنا لأحد الأعلام في تاريخ الفكر و الأبداع العراقي .الا وهو الراحل الكبير عزيز السيد جاسم والمحتفى به دائماً عبر السنوات التي كان يسيرُ - فيها - حياً في شوارع بغداد المنكوبة بأصنام السلطة البعثية , لكنه أحتفاء من نوع أخر .. فأزلام السلطة كانوا يحتفلون بطريقة خاصة . كانوا يترصدون , و يسجلون تحركات و أشارات و نظرات أبن السيد لأنه يمثل أرقاً مستديماً لصدام وعصابته منذ اللحظة التي أعلن فيها أنه متمرد و رافض لسلوك السلطة و عنجهيتها .. فهو رجل أحب وطنه .. وهو مثقف أحب عالمه الساحر , وهو صحفي يحب مهنته ،وفوق كل ذلك يجب الشعب الذي ينتمي اليه ..هذا الرجل من طراز خاص لايمكن ان يقبل بدور كومبارس ،او عنصر امن يقف على رأس الدكتاتور يهشُ عنه الذباب المتقافز هنا وهناك ..كان مفكرا واعيا .يفهم ان المسؤولية شرف ،وليست سلطة غاشمة تتحكم برقاب الناس،وعندها كان دوره كمفكر يحتم عليه ان يرفض ذلك ويتحداه ،واذا وجد انه لابد وان يضحي فعليه ان يفعل ذلك برحابة صدر ،وقد فعل.

اما النظام الحاكم في وقته فلم يكن مستعدا بقبول ذلك التحدي ،ولايفهم ان سلطة المثقف وسيلة للتهذيب وليس القمع ،وكان عليه ان يتخلص من عزيز السيد جاسم .لأنه يمثل خطرا ،ولأن اخرين قد يفكرون بالتمرد ماداموا يرون كبار المفكرين يهاجمون اوكار النظام.ولذلك لابد ان يسارع الجلادون الى الهجوم اولا ويدخلوا الى المساحة الهادئة التي يشغلها عزيز ،ويقيدوه بالسلاسل ويسحبونه الى القاع المجهول ليتخلصوا من الارق ولكي يرضى عنهم سيدهم المخبول بالسلطة والجبروت ولست اعلم ان كان رضي اولا..

فعزيز السيد جاسم غيّب عن محبيه ،وصدام ذهب الى الجحيم .. لكن الفرق ان صدام ذهب بعاره الشنيع الى يوم الدين واعداؤه يذكرونه بالويل والثبور وكذلك ضحاياه فأنهم يلعنونه ليل نهار بينما عزيز السيد جاسم يجد الكثير من الاحبة والاصدقاء والمحتفلين ،والفخورين بشخصيته الفذة. وهذا هو الفرق بين النظام البعثي ومناوئيه من الاحرار الوطنيين الذين تحدوا سلطته الغاشمة حتى ابيدت في نيسان 2003. وللفقيد عدة مؤلفات منها المفتون والتي كتب عنها ناشر الكتاب معلقا ((لذي يميز هذه الرواية هو ان حوارها يحتوي مجموعة من اللغات، التي يتقاطع بعضها مع بعضها الآخر، فينفرط الصوت في لغات متعددة تأخذ من الهضاب والاعالي والسهول والسجون والمستشفيات لغاتها الخاصة. وهكذا يكون صوت خلف الاعور، بجئيره، الوجه الآخر للطغيان، فهو مجنون يمارس سطوته من موقعه في تلة عالية تتيح ان يرى الاخرون نثاياه وحريمه. انه الوجه الدفين للمتسلط. لكنه محاصر بجنونه الذي يقصيه عن الاخرين، بينما يمده بمناعة خاصة وصوت رهيب. وعالمه، بعد ذلك، هو (الغروسك): عالم المتسلطين عندما يتمدد ويتضخم خارج حدود الواقع، فيبدو بمثل هذه الاوضاع المثيرة للضحك مرة وبتباعد الآخرين عنها مرة اخرى.

ويمثل هذه السعة، تقدم هذه الرواية بعدا اخر للكتابة السرية، تلك التي بمقدورها ان تقول الكثير في فسحة صغيرة نسبيا: و"المفتون"، بعد هذه التوطئة القصيرة، رواية ما بعد الاستعمار بامتياز. انها من بين النصوص الفريدة التي تستكمل ما كتبه فانون في "المعذبون في الارض" عن ولادات الدولة المريضة)) ومن الكتب الاخرى،متصوفة بغداد،علي بن ابي طالب –سلطة الحق،المناضل ،تأملات في الحضارة والاغتراب،مسائل مرحلية في النضال العربي،الاغتراب في حياة وشعر الشريف الرضي،الدليل في التنظيم،المجالسة في النظرية والتطبيق،ديالكتيك العلاقة المعقدة بين المادية والمثالية وعشرات من المقالات والبحوث التي كتبها المرحوم في حياته الادبية المتألقة والمليئة بالاجتهاد والمثابرة ،وبفقده فقدنا كاتب من طراز فريد يصعب تعويضه

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك