المقالات

المصلح والمصلحي


ميثم المبرقع

حركة التأريخ أفرزت نموذجين متوازيين لا يلتقيان مهما أمتدا وقد يتواجدان في كل زمان ومكان ولا يشذ عنهما عادة أيّ مجتمع بشري ولكن قد يخفف حضورهما او يشتد بحسب ظروف المجتمع ومستويات وعيه وحضارته.وفي بدايات الاسلام وعصره الرسالة الاول تأكد هذان النموذجان واستمرا حتى هذه اللحظة ومن الصعوبة بمكان استقصاء او احصاء تلك المشاهد في التأريخ لاستحالة حصرها في هذا المجال من جهة وكثرتها في مفردات التأريخ من جهة اخرى.

وما نريد الاشارة العابرة اليه في واقعنا المعاصر هو ان هذين النموذجين كانا عنواناً بارزاً وصارخاً يتجددان بقوة في الميدان والذي يدفع الثمن دائماً هو المصلح بسبب مواقفه المبدئية التي لا تقبل الانانية والذاتية والفئوية.واما النموذج الثاني في واقعنا المعاصر فهو الذي يربح ثمن انتمائه وممارساته ولكنه ثمن لا يكاد ان يكون مستمراً او مؤثراً في الحياة والمجتمع لانه زائل لا محالة.الانتماء للوطن والدين يحتاج احياناً الى ضريبة باهظة يدفعها المصلحون والصلحاء والمصححون بينما يربح هذا الانتماء المصلحيون والانانيون والانتهازيون الذين وصفهم الامام الحسين (عليه السلام) بقوله الخالد "الناس عبيد الدينا والدين لعق على ألسنتهم فاذا محصوا بالبلاد قلّ الديانون" وما يكسبه المصلحيون بنفاقهم وتزلفهم وتلونهم قد يكون مغرياً للتمادي في الرذيلة والفساد والخطيئة وقد يشعر المصلحون احياناً بانهم يسيرون عكس التيار او يغردون خارج السرب لوحشة الطريق الذي سلكوه وساروا عليه ولكنهم في نهاية المطاف وبحسب سنن التأريخ هم الفائزون والخالدون اذا كانت معايير النجاح والفوز هي معايير الاخلاق والدين والشرف.

وهذا لا يعني بالضرورة ان يحرم المصلحون والصلحاء من مكاسبهم واستحقاقاتهم الحياتية وفق القاعدة الالهية " ولا تنس نصيبك من الدنيا" ولكن هذا النصيب ينبغي ان يكون وفق موازين عادلة بعيدة عن الثراء الفاحش او الفساد او استغلال المناصب.

وقد يرى البعض ان هذه الافكار اقرب الى المثالية منها للواقعية بسبب الممارسات السائدة التي تشبه الى حد بعيد شريعة الغاب ولكن اصحاب المبادىء من المضحين والمناضلين والشرفاء كانوا يتحركون خارج سياقات السلطة والمجتمع المنغلق في العهد البائد وهم غرباء وارجو ان لا تتكرر هذه السياقات في العراق الجديد ويشعرون بالغربة والوحشة والاهمال.في المحصلة النهائية وبحسب السنن الالهية وحركة التاريخ ان المصلحين هم الباقون بمواقفهم ومبادئهم واما المصلحيون الانتهازيون فهم الزائلون النادمون الخائبون.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك