المقالات

المصلح والمصلحي

1196 15:06:00 2009-04-13

ميثم المبرقع

حركة التأريخ أفرزت نموذجين متوازيين لا يلتقيان مهما أمتدا وقد يتواجدان في كل زمان ومكان ولا يشذ عنهما عادة أيّ مجتمع بشري ولكن قد يخفف حضورهما او يشتد بحسب ظروف المجتمع ومستويات وعيه وحضارته.وفي بدايات الاسلام وعصره الرسالة الاول تأكد هذان النموذجان واستمرا حتى هذه اللحظة ومن الصعوبة بمكان استقصاء او احصاء تلك المشاهد في التأريخ لاستحالة حصرها في هذا المجال من جهة وكثرتها في مفردات التأريخ من جهة اخرى.

وما نريد الاشارة العابرة اليه في واقعنا المعاصر هو ان هذين النموذجين كانا عنواناً بارزاً وصارخاً يتجددان بقوة في الميدان والذي يدفع الثمن دائماً هو المصلح بسبب مواقفه المبدئية التي لا تقبل الانانية والذاتية والفئوية.واما النموذج الثاني في واقعنا المعاصر فهو الذي يربح ثمن انتمائه وممارساته ولكنه ثمن لا يكاد ان يكون مستمراً او مؤثراً في الحياة والمجتمع لانه زائل لا محالة.الانتماء للوطن والدين يحتاج احياناً الى ضريبة باهظة يدفعها المصلحون والصلحاء والمصححون بينما يربح هذا الانتماء المصلحيون والانانيون والانتهازيون الذين وصفهم الامام الحسين (عليه السلام) بقوله الخالد "الناس عبيد الدينا والدين لعق على ألسنتهم فاذا محصوا بالبلاد قلّ الديانون" وما يكسبه المصلحيون بنفاقهم وتزلفهم وتلونهم قد يكون مغرياً للتمادي في الرذيلة والفساد والخطيئة وقد يشعر المصلحون احياناً بانهم يسيرون عكس التيار او يغردون خارج السرب لوحشة الطريق الذي سلكوه وساروا عليه ولكنهم في نهاية المطاف وبحسب سنن التأريخ هم الفائزون والخالدون اذا كانت معايير النجاح والفوز هي معايير الاخلاق والدين والشرف.

وهذا لا يعني بالضرورة ان يحرم المصلحون والصلحاء من مكاسبهم واستحقاقاتهم الحياتية وفق القاعدة الالهية " ولا تنس نصيبك من الدنيا" ولكن هذا النصيب ينبغي ان يكون وفق موازين عادلة بعيدة عن الثراء الفاحش او الفساد او استغلال المناصب.

وقد يرى البعض ان هذه الافكار اقرب الى المثالية منها للواقعية بسبب الممارسات السائدة التي تشبه الى حد بعيد شريعة الغاب ولكن اصحاب المبادىء من المضحين والمناضلين والشرفاء كانوا يتحركون خارج سياقات السلطة والمجتمع المنغلق في العهد البائد وهم غرباء وارجو ان لا تتكرر هذه السياقات في العراق الجديد ويشعرون بالغربة والوحشة والاهمال.في المحصلة النهائية وبحسب السنن الالهية وحركة التاريخ ان المصلحين هم الباقون بمواقفهم ومبادئهم واما المصلحيون الانتهازيون فهم الزائلون النادمون الخائبون.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك