عباس المرياني
يبقى العراق حالة استثنائية في كل شيء ويبقى المواطن العراقي المسكين رهين الإعلام الكاذب والخطب الرنانة والوعود الفارغة التي لاتستند على حقائق سرعان ما تتهاوى بين ذاكرة العراقي المتعبة ولعبة السياسة الماكرة.ويمكن تعميم هذه المقدمة على قضايا كثيرة لها تماس مباشر بحياة المواطن أليوميه تدخل في تفاصيل مفردات حياته ومستقبله وهو يسير بأحلام ورديه تنطلق من قناعاته بصدق وأمانة القائمين على شأنه سينكشف عنها صبحه ألما وحسرة عندما يناقش الوعود بتجرد وتعقل ويعلم بعدها إن كل مايقال لايخضع للتطبيق من قبل الآخرين لان بين مايدعون وبين الواقع بحورا من الوهم والسراب ولان واقع الحال خلاف كل الأطروحات فالغد الجميل والأعمار وناطحات السحاب والقضاء على البطالة وحل أزمة السكن ومترو الأنفاق والمدينة العصرية التي ستحل محل مدينة الصدر حتى بعد مائة عام والقضاء على العنوسة ليس من سبيل إليها.
كيف يمكن ان نحل جميع مشاكلنا والفساد المالي والإداري يضرب بإطنابه كل مؤسسة ودائرة والجميع شرفاء وخارج نطاق الشك والتخوين. وكيف نسابق الزمن لردم الهوة الواسعة التي خلفتها الحروب والعنتريات والمحاصة وسوء الإدارة لبناء مدننا المتهالكة والشبيه بمدن ماقبل التاريخ والإمساك بذيل التمدن والرقي الذي يتباهى به الجيران والعربان وبرلماننا باعتباره الجهة المشرعة لم يحسم أي قضية الأبعد تمرير الصفقات والامتيازات ومن سوء حظ الشعب اذا لم تحسم هذه الصفقات بين الفرقاء على أساس التوزيع العادل للغنيمة وكأنها ارث لغير الشعب.
وكيف نبني مدنا لديها صلاحيات وزمن بالي يدور بين الروتين والمصالح الضيقة وحسابات الانتقام وليس لديها الأموال التي تمكنها من التحرك على الأرض وتنفيذ المشاريع البدائية لان فترة أربعة أشهر من كل سنة للمصادقة على الموازنة المالية فترة كافية لحسم المراجعة والتدقيق يتبعها شهر لغرض توزيع الأموال على المحافظات على اقل تقدير وعلى رواية اشد المتفائلين تختم في نهاية السنة قبل شهر من نهايتها لغرض التدقيق والمقارنة وغلق السجلات التي لن يستطيع البعض فتحها تبقى المحصلة النهائية لعمل الحكومة المركزية والحكومات المحلية ستة أشهر لأتسمح حتى بتربية حيونا داجنا صغيرا فكيف يمكن لحكومة ان تبني بلدا مدمرا بستة أشهر والنكتة المؤلمة ان تاريخ العمل بالموازنة المالية يعتبر نافذا في الوقت الذي لم تقر به بل لم تقدم الى البرلمان الموقر بامتيازاته وهو بداية السنة والأولى ان يكون العمل بالموازنة المالية من تاريخ إقرارها خاصة وان تأخير الموازنة امر منطقي ومألوف ومن البديهيات في سياسة العراق المالية والاقتصادية الحديثة.
ان إقرار الموازنة المالية بهذه الطريقة والعمل بها يجعلنا الدولة الوحيدة والأولى في العالم التي تعمل وفق النظرية الاقتصادية العراقية الحديثة القائمة على خطة فصلية بدلا من الخطة السنوية الحقيقية و الخطط الخمسية...لكنها بكل تاكيد لن تكون مثال يحتذي به.
https://telegram.me/buratha