صباح حسين
يحاول المالكي هذه الايام زيارة السعودية بعد ان اكدت الانباء وصول نائب رئيس الوزراء رافع العيساوي الى السعودية من اجل الترتيب لهذا الامر .ولا اظن ان المالكي بحاجة الى مثل هذه الزيارة التي ستسيء الى العراقيين ولن تسهم في تغيير او تبديل قناعات السعوديين تجاه النظام الجديد في العراق وهو ماعبر عنه احد كبار المسؤولين السعوديين بان الحكومة السعودية ليست مقتنعة بجدية الحكوم العراقية تجاه عملية المصالحة الوطنية في العراق .والواقع ان السعوديين كانوا وما زالوا احد اكبر المعارضين لعملية تغيير النظام في العراق وهم نقلوا اعتراضاتهم الى الرئيس الامريكي الاسبق جورج بوش عندما قرر غزو العراق واسقاط النظام خشية ان يؤدي هذا السقوط الى وصول الشيعة الى الحكم في العراق ولاول مرة منذ قرون .
وكانت ايضا تحاول جاهدة اقناع الرئيس بوش بتدبير انقلاب عسكري من الداخل على اسقاطه بغزو امريكي من الخارج مما يكشف ان السعودية لم تكن راضية على سقوط النظام ,بل كانت تفضل بقائه ووجوده واستمرار هيمنته على الشعب العراقي مع ابقائه ضعيفا من الناحية العسكرية لكي لا يتسنى له تهديد السعودية من جديد كما حصل في اب عام 1990والابقاء على قوات اجنبية في داخل السعودية من اجل ردعه ومنعه من محاولة غزوها وتهديدها من جديد .السعوديون كانوا وما زالوا مصرين على مواقفعهم انطلاقا من نظرة متعصبة وضيقة تعود الى خشيتها من نهضة الشيعة في العراق ووصولهم الى مواقع صنع القرار في النظام الجديد والذي تعتبره اخلالا بالتوازن في المنطقة ,حيث اعتادت السعودية ودوال المنطقة على ان يكون النظام في العراق سنيا وليس شيعيا .الاعتراضات السعودية على زيارة المالكي ليس لها ما يبررها وهي اعتراضات واهية وغير صحيحة وتاتي من باب التهرب من مواجهتها بالرغم من ان النظام السياسي الجديد في العراق هو اكثر اطمئنانا لها من النظام السابق والذي حاول مرة غزوها ,اذ يوجد في العراق اليوم نظام تعددي ديمقراطي لا يشكل خطرا على احد يتقاسم فيه الشركاء السلطة بالعكس من النظام السعودي الحالي الذي يعد نظاما طائفيا ذو لون واحد يتجاهل ويعمل على قمع باقي الاقليات والقوميات ويمارس اضطهادا دينيا وسياسيا واضحا وغير مسموح لاي احد من المواطنين بحرية الراي والتعبير فهو عبارة عن نظام قبلي شمولي يستمد شرعيته من مؤسسة دينية تعد الاكثر تطرفا وتعصبا في العالم .
والسعودية كما هو معروف مسؤولة عن ظهور المنظمات التكفيرية المتطرفة في العالم كتنظيم القاعدة الذي تشكل في بداياته بتمويل ودعم استخباراتي سعودي واضح وحركة طالبان التي اوجدتها السعودية والعديد من المنظمات التكفيرية الاخرى .كما ان السعودية تملك اليوم عددا كبيرا من المشايخ الذين يطلقون الفتاوي بتكفير الاخرين واباحة دمائهم من دون اي اعتراض من احد سواء من قبل الاجهزة الحكومية الرسمية او من قبل الملك نفسه او امراء العائلة المالكة .
المالكي ليس بحاجة الى مثل هذه الزيارة التي لن تغير في الموقف السعودي ,بل ستظل السعودية مصرة على مواقفها حتى عودة البعث الى السلطة في العراق وهي في الواقع اخر من يتحدث عن المصالحة الوطنية في ظل سياسة التهميش والاقصاء التي تمارسها بحق الاقليات والمكونات فيها .
https://telegram.me/buratha