اسعد راشد
التشيع باق مابقي الانسان على وجه البسيطة ومن يقل غير هذا فهو لا يريد الا التأزيم وتسييس الحالة الحضارية المذهبية التي يشهدها العالم الاسلامي ازاء تمدد الفكر الشيعي وانحسار الفكر السني ..هنا لسنا بصدد مناقشة الظاهرة طائفيا ولا المراد هي الدعاية للتشيع ‘ فالتشيع اَخذ طريقه الى الانتشار والتمحور والتبلور عكس التسنن الذي كلما اراد اصحابه وضعه في مواجهة التشيع واستعداءه كلما اخذ بريقه في الانكماش !
مفردات ظهرت اخيرا والاعلام العربي المدجن يلعب دورا في ليس تأصيلها بل تعريفها كحالة شاذة تستجلب الاعداء لها الا انها برغم ذلك فهي تأبى الاستعداء ولا تقبل باقل من الانفتاح والتعاطي الايجابي ‘ مفردة " التمدد الشيعي" وقرينتها "الاقلية الشيعية او "الاقليات الشيعية" !فهي مفردات للتازيم والتحريض اكثر مما هي للتحذير او استنشاط الهمم !
فعندما يصف اعلام العرب الشيعة في بلدانهم باقليات وتخرجهم من اطار المواطنة فان ذلك يعني اننا بصدد التأزيم والتحريض وهذا لا يخدم الفكر السني بقدر ما انه يساهم في جعل الضحية وهو التشيع في موقع الانجذاب والتهافت من الاخر ..التشيع كفكر بكل مفرداته واصوله استطاع ان يحافظ على كيانه طوال قرون من الزمن منذ عصر "الخلافة" لهذا اليوم ولن تستطع الانظمة التي توالت على السلطة من تحجيمه ولا القضاء عليه بل زاد اتباعه وانبهر به "جيرانه" و"نظرائه"!
وصف المواطنين الشيعة في بلدانهم با"الاقلية" بقدر ما انه يستوجب الحيرة فانه امر يدعوا الى الخجل ‘ الشيعي ليس شيعي فهو مصري وعراقي وكويتي ومغربي وبحراني وحجازي ويمني وجزائري حيث كل اؤلئك يشكلون مجتمعة وجه المواطنة في بلدانها والوجه الاخر هو "المواطنة السنية" ‘ اخراج تلك المواطنة من جذرها يعني انك حكمت عليها بالشطب والتهميش والاقصاء وهذا ما لايمكن ان يتحقق ولن يتحقق ولا قد تحقق منذ العهد الاموي ليومنا هذا ..وهنا يكمن السر في قوة الفكر الشيعي وبقاءه واستمراريته وانتصاره بعكس الفكر الاخر الذي يتمحور حول الفكر الوهابي الذي بدأ عصره بالافول والعالم ينتظر موته فهو فكر انتجته الصراعات السياسية وقد تسيس لخدمة اغراض سياسية بعيدا عن اي هدف حضاري ولا يملك اي مشروعا سوى اقصاء الاخر وان كان الاخر سنيا ومن غير مذهب "عبد الوهاب" كالمذهب الحنفي او الشافعي او المالكي فليس بالضرورة ان يكون الطرف الاخر شيعيا كي يستعديه المذهب الوهابي رغم ان التشيع قد نال القسط الاكبر من عداء الوهابية وتطرفها الشديد في محاربته ‘ فقد اضعف "المذهب الوهابي" كل المذاهب السنية واخرجها من طور التطور والابداع وتمكن بتسيس منهجه من اضعافها وايصالها الى الطريق المسدود حتى في مواطن نشاتها كالحنفية او المالكية وحتى الشافعية وبقيت "الحنبلية" التي انخلعت منها الوهابية بعملية جراحة سياسية تراوح مكانها بانتظار موت مدجنها اما تلحق بها واما تتشرذم يتلاقفها هذا المذهب او ذاك!
اما التشيع فقد بقي ليس صامدا فحسب بل بين عقد وعقد ولا نقول قرن وقرن اَخذ بالتجدد والتطور وهو لحد هذه الساعة اثبت تفوقه وهي ميزة لا توجد في غيره وهذا يرجع الى فكرة "الاجتهاد" التي واصل الشيعة التمسك بها في مقابل التسنن الذي انغلق على نفسه واغلق ذلك الباب عند حدود اربعة مجتهدين فيما التشيع انتج الالاف منهم ومازال ينتج دون تطرف او تشدد ..
فليتوقف الاعلام العربي من وصف الشيعة بالاقلية وليتوقف بعض من مشايخ "اهل التسنن" من التهويل من "المد الشيعي" ولتتوقف الانظمة من حملتها ضد التشيع ولتكف من ضخ الاموال لمحاربة التشيع لان ذلك لا ينفع بل ويعود بالضرر على نفسها ولا يضر التشيع بل يزيده انتشارا وتمسكا لدي اتباعه .
ان خطاب التأزيم الذي يروج له الاعلام ويضخ له النظام الرسمي الاموال لتأزيمه اكثر ضد التشيع امر غير مجدي ‘ هذا الخطاب يجب ان يتوقف فاالتشيع ماض في مشروعه الحضاري فهو اينما كان مشروع حضارة متى ما سنح له الفرصة اقام دولة وابدع في الحضارة والمدنية اما الاخر فان مشروعه هو الضياع والتيه وليس امامه سوى الاندثار او الانسجام مع نظيره الاخر والقبول به كمنافس ومسابق"تسابقوا بالخيرات" وليس كعدوا لان في الاستعداء يكمن الفشل والهزيمة وهذا ما نلحظه في عدة مناطق في العراق في لبنان وفي ايران والقادم قد يكون اعظم ‘حيث التشيع مشروع نهضوي وحضاري وليس مشروع كسر عظم وعداء!
https://telegram.me/buratha