احمد عبد الرحمن
تأريخ طويل من القتل والاجرام واستباحة الحرمات وسفك الدماء وازهاق الارواح، لاتعود جذوره الى السابع عشر من شهر تموز من عام 1979 حينما استحوذ صدام على السلطة عبر مؤامرة على رفاقه في الحزب، ولاتعود جذوره الى السابع عشر من شهر تموز من عام 1968 حينما دخل البعثيون بسرفات دباباتهم الى القصر الجمهوري تحت جنح الظلام ليستحوذوا على كل شيء، وليقوم صدام وعدد من رفاقه الذين انقلب عليهم فيما بعد بالانقلاب على رفاقهم بعد ثلاثة عشر يوما من الاستحواذ على السلطة. ولاتعود جذور ذلك التأريخ الى انقلاب شباط من عام 1963، بل انها ابعد من ذلك.
وعلى امتداد عقود عديدة من الزمن لم يتوقف مسلسل الماسي والكوارث الدموية لنظام البعث، كفكر وممارسة وشخوص ومنهج، وكان واضحا ان الخط البياني للماسي والكوارث يتجه نحو الاعلى يوما بعد يوم، ومصاديق الارتفاع كانت تتمثل بتزايد اعداد السجون والمعتقلات والزنازين العلنية والسرية، فوق الارض وتحتها، وتضخم اعداد القابعين فيها من شتى صنوف وفئات ومكونات المجتمع العراقي.
في تلك السجون والمعتقلات والزنازين المأساوية تجد الرجل المسن والشاب والعجوز والفتاة والطفل الصغير.. تجد رجل الدين واستاذ الجامعة والطالب والكاسب والعسكري والسياسي ، وتجد المتعلم والامي، وتجد العربي والكردي والتركماني والشبكي، وتجد الشيعي والسني، وتجد المسلم والمسيحي والصابئي والايزيدي، وتجد ابن البصرة والموصل واربيل وبغداد والنجف والانبار والسليمانية وكربلاء وابناء كل مدن العراق.وكذلك تجد اناسا من جنسيات واعراق اخرى مختلفة امتدت اليهم وطالتهم ماكنة الاستبداد والقمع والظلم الصدامي-البعثي. لم تكن هناك كوابح او فرامل امام ماكنة الاستبداد والقمع والظلم الصدامي-البعثي، ولم تتعطل في أي وقت من الاوقات، لان ذلك النظام هيء لها كل امكانيات وموارد وطاقات وثروات الدولة لكي تسير وتتحرك دون توقف او تلكوء او انقطاع.
وهي التي حصدت ارواح عشرات-ان لم يكن مئات الالاف من الابرياء، وهي التي غيبت اكثر من هؤلاء، وهي التي ضيعت حاضر ومستقبل الملايين، وهي التي بددت ثروات واحدا من اغنى بلدان العالم على حروب عبثية لاطائل منها، وهي التي احالت ذلك البلد الى يباب، وصحراء قاحلة، و خراب يعلوه خراب.هل يمكن لنا نحن العراقيين ان ننسى او نتناسى ذلك كله وغيره الكثير، بل هل لنا ان ننسى؟... لايمكن ذلك الا اذا كنا شعبا بلا ذاكرة.
https://telegram.me/buratha