علاء الموسوي
آفة الفساد والترهل الإداري لا تستثني أي قطاع له من التماس المباشر بحياة المواطن، فهي لا تقتصر على المؤسسات الخدمية او السياسية او الأمنية فقط. وانما تشمل جميع القطاعات الأخرى، لعل أكثرها تأثيرا هي المؤسسة الإعلامية التي تمثل الواسطة الرئيسة عند المتلقي في استلام الرسالة الاعلامية المعبرة عن سياسة الدولة او الحزب او أي جهة معينة مسؤولة عن توجيه تلك الرسالة. الفساد الذي ينخر أي مؤسسة إعلامية لا يتوقف عند الفساد الإداري او المالي ، وانما يشمل الادوات والاشخاص العاملين في القطاع الاعلامي من غير المختصين في ذلك الحقل الذي يعتمد بالشكل الأساس على الكفاءة والخبرة المهنية الواضحة على الساحة الميدانية.
وجود اناس طارئين على العمل الاعلامي ودمجهم في الصحافة المقروءة والمسموعة والمرئية، يمثل احد مصاديق ذلك الفساد الذي يؤدي بالتالي الى تحجيم الجدوى الاعلامية او الاقتصادية من صدور صحيفة او بث فضائية. ولعل الاعتماد على الشخصنة الإدارية او المزاجية في اختيار الشخوص ، هو المدخل الرئيس الذي يسمح باستشراء ذلك الفساد داخل المؤسسة الاعلامية على اختلاف تنوعها ومشاربها الفكرية. يضاف الى ذلك الافتقار الى توفر مقومات الادارة الاعلامية لدى رؤساء تلك المؤسسات، وعدم قدرتها على التمييز بين الغث والسمين وقراءة خطابها المرحلي وفق الاجندة الراسخة لديها... تمثل هي الاخرى اقوى مظاهر ذلك الفساد الاعلامي وتنوعه.
البعض من القائمين على العمل الاعلامي قد يلجأ الى اختيار الشخوص وفق الشعارات التي يحملوها او يعبرون عنها بالنطق دون العمل... والبعض الاخر يرى الاعلام من زوايا المسؤول وكيفية الوصول الى ارضائه بكل السبل المتاحة، حتى وان استلزم الامر تقليص او الغاء الجوانب الرئيسة في العمل الميداني للاعلام.. التماسا للارضاء وليس الايفاء بالواجب المحتم لتطوير البنية الاعلامية التي يقودها في الساحة.
الاعلام في العراق له الكثير من مصاديق ذلك الفساد والترهل في وسائله، فمنها ما تمثل عملها كبوق للحكومة ومسؤوليها في الوزارات والدوائر... ومنها من تخصص باثارة الفتن والاحقاد بين ثنايا المجتمع وطوائفه المتعددة، لكي يكسب الربح الرخيص جزاء بثه او نشره لتلك الاثارة الصفراء في الاعلام... والاخر ممن بقي حائرا حول كيفية تطوير خطابه الاعلامي والتخلص من جعجعة العاملين في مؤسساته دون جدوى من ربح اعلامي او اقتصادي لوسيلته.
وفي جميع الاحوال تأتي هذه الصور لتكشف عن ماهية الفساد المستشري في اغلب الوسائل الاعلامية العراقية، التي مازالت تعمل من دون قوانين تشرعن عملها وتنظم سير ادواتها، في بلد لاينظر الى القلم ومدى عطائه، بقدر الاعتماد على الماضي المنفصل عن افاق المستقبل ورؤيته للتجدد والنهوض والتطور. ولعل عدم قدرة البعض على ترجمة ذلك الماضي بالصورة الحقيقية المراد لها في المستقبل، هو السبب الرئيس وراء تعثر التطوير وبطئه نتيجة الرضوخ لشخوص متهالكة على مناصبها داخل المؤسسة الاعلامية، تعمل على الاقصاء بدلا من الاستقطاب، وتكيل بميزان الشعارات الرنانة بدلا من العمل والتفسير الواقعي للرؤية والافكار.
https://telegram.me/buratha