مهند حبيب السماوي
تتعرض الديمقراطية الناشئة في العراق بين فينة وأخرى الى نكسات وارتكاسات من قبل بعض الاحزاب والشخصيات السياسية التي تزعم وتدعي أنها تؤمن بها كخيار سياسي وبديل معاصر عن الديكتاتورية وسنوات الاضطهاد وواحدية الحزب التي كانت تقبض بايديها على الحكم في العراق أبان الأنظمة السابقة .
ويمكن ان نلاحظ بوضوح، من خلال قراءة موجهة نحو حالة حدثت بعد أنتخابات مجالس المحافظات السابقة، ان هنالك بعض ممن دخلوا وشاركوا في الانتخابات لايؤمنون أصلاً بالديمقراطية ولا بمقتضياتها الا من حيث انها وسيلة لايصالهم الى السلطة من اجل تسنمهم منصب سياسي أو موقع ما مما يتيح لهم الحصول على أمتيازات تخدم أغراضهم الشخصية ومصالحهم الذاتية .حصلت هذه النكسة الديمقراطية، أن صح التعبير، في حدث معين يتعلق بالسيد أثيل النجيفي رئيس قائمة الحدباء في الموصل وهو الذي رشحته قائمته لتسنم منصب محافظ الموصل، حيث شاهدت على أحدى الفضائيات أثيل النجيفي وهو يجلس في مكتبه وخلفه العلم العراقي القديم ! وكان يتحدث عن الانتخابات في الموصل ونتائجها التي صبّت في مصلحته طبعاً .
هذا الحادث والمشهد الغريب لم يلتفت اليه أحد ولم يستشعر أبعاده ومالذي يشير اليه كما لفت انتباهي واستشعرت بأهمية قراءته وتأمله, ومن ثم تحليله والوقوف على نتائجه وماذا يعنيه وكيف سار الحدث الى هكذا تناقض ! غريب ! وعجيب ! في زمن الغرائب والعجائب العراقية .أذ كيف، هكذا اتساءل، يزعم النجيفي انه يؤمن بالانتخابات والديمقراطية ومازال يضع العلم العراقي القديم خلف مكتبه ؟اليس تبديل العلم القديم تم عبر اليات ديمقراطية أقرها البرلمان العراقي الذي يعتبر على الرغم من مساوئه وسلبياته معلماً من معالم الديمقراطية الناشئة في العراق ؟لماذا لم يؤمن النجيفي بالديمقراطية التي قامت بتغيير العلم العراقي ويؤمن بالديمقراطية التي جعلت قائمته تتصدر النتائج في الموصل ؟
ومالفرق، ديمقراطياً، بين عملية تبديل العلم العراق وبين اجراء أنتخابات مجالس المحافظات التي أوصلت اثيل وغيره الى هذه المناصب ؟كيف تستطيع الديمقراطية الناشئة في العراق أن تسير في طريقها الحضاري وهي ترتكز على هكذا نماذج سياسية تقبل بالديمقراطية حينما تعود عليها بنتائج أيجابية وترفضها ولاتعمل بها حينما تخالف هواها وتتعارض مع مصالحها الشخصية ؟
على أية حال.. أظن أن جواب الاسئلة التي طرحتها أعلاه يكمن في حقيقة ماأشرت اليه فيما يتعلق بوضعية بعض الاحزاب والشخصيات السياسية في العراق وكيفية تعاملهم مع الديمقراطية في العراق من حيث انها لديهم، كما قلت وابقى اقول ذلك، وسيلة واداة لتحقيق اغراضهم ومبتغياتهم .
قد يعترض احد ويقول بانه لايمكن لأي ديمقراطية حديثة العهد في العالم ان تولد متكاملة وان تصبح ناضجة خلال شهور بل حتى في سنين قليلة...وهذا ينطبق على النجيفي وامثاله ..والرد على هذا بسيط يتركز في ان التدرج والتدريب على الديمقراطية شيء وأستخدام الديمقراطية كأداة لتحقيق الأغراض شيء اخر ....وهو مافعله اثيل النجيفي حينما وضع العلم العراقي القديم خلف ظهره في مكتبه مخالفاً نتائج الديمقراطية التي غيرت العلم ... ولكنه يمتدح ويقبل بنتائج الانتخابات التي جعلت قائمته الاولى في الموصل ...لانها صبت في مصلحته ..وجاءت وفقاً لهواه !لهذا دعوني بكل ديمقراطية وشفافية أسال أثيل النجيفي السؤال المختصر التالي :لطفا مامعنى هذا الفعل ؟
https://telegram.me/buratha