المقالات

الاعلام العراقي ... بين المصداقية والتضليل

1412 16:20:00 2009-04-01

د. كاظم الجنابي

"الاعلام الحر يمكن ان يكون جيدا او سيئا، ولكن المؤكد انه بدون الحرية لن يكون سوى سيئا، الحرية هي فرصة ان تكون افضل والتبعية هي الطريق الى الاسوا" البرت كاموس روائي فرنسي حائز على نوبل للاداب

"الاعلام افضل وسيلة لتنوير عقل الانسان، افاقة رشده،وتهذيب اخلاقياته وكيانه الاجتماعي"

يقصد بالاعلام في اللغة التبليغ او الايصال، ومن الناحيه العلمية يشير الاعلام الى الأسلوب المنظم للدعاية السياسية اوترويج الأفكار. وفي العقود الاخيرة شهد الاعلام نموا هائلا وظهرت وسائل جديدة كالفضائيات والانترنت وغيرهما بعد ان كان مقتصرا على الاعلام المقروء كالصحف و المسموع كالاذاعات. وقد تجاوز الاعلام دوره التقليدي بايصال المعلومة كالاخبار وغيرها الى دور اجتماعي وثقافي وعلمي وغيرها، حتى بات الاعلام قادرا على تشكيل التفكير الاجتماعي والسياسي والثقافي وتوجيهه. وقد بات الاعلام الوسيلة الانجح للترويج للمعتقدات والافكار والتوجهات سواء للدولة او ماعداها.

على مدى عقود من الزمن كان اعلام الدولة في العراق هو الجهة الوحيدة التي تسوق الاخبار والافكار وبما يتلائم مع توجهات السلطة، واصبح الاعلام حكرا على مؤسسات السلطة فبات المواطن يسمع ويقرا ويتابع ماتريده له السلطة وغابت حرية الاعلام والتعبير،وضربت القيود والجدران الحديدية حول الاعلام ووسائله المختلفة، واخذ اعلام الدولة يفقد مصداقيته شيئا فشيئا حتى عاد بلا مصداقية، واخذ المواطن يبحث عن المعلومة الصحيحة في غير اعلام بلده، وليس هناك اصدق من المقولة الشائعة التي كان المواطن العراقي يتداولها في حينه "كلام جرائد" عن اعلام السلطة والدولة. هذا التقنين ادى وبمرور الزمن الى غياب وسيلة ممتازة للتاثير في الراي العام وتطويره واغناءه واقصد هنا الاعلام الحر، الامر الذي حرم مجتمعنا من هذه الوسيلة.

وبعد التغيير الجارف الذي حصل في العراق في نيسان 2003 والذي شمل جميع مناحي الحياة، كان للاعلام حصته من هذا التغيير بل حصل تغيير شامل في ينية واداء هدا القطاع الهام ، انتهى سيف السلطة المسلط على قنوات الاعلام المختلفة بل وانتهى حتى مقص الرقيب كما يقال ، وبات هذا المرفق الحيوي يتمتع بحرية مطلقة، ولا عجب ان نرى ظهور عشرات الفضائيات واكثر من ذلك بكثير الصحف والاف مواقع الانترنت بمجالاتها المختلفة. تمتّع المواطن العراقي بعد عقود طويلة من الحرمان بحرية اختيار مايسمع ويقرا ويرى، وبات الجميع يدلو بدلوه دون خوف او قيد والمواطن هو الفيصل والحكم. ولا عجب ان نرى ثمرة تلك الحرية في الاعلام من التنوع الثري والنتاجات القيمة للعاملين في هذا المجال واستطعنا الوصول الى نتاجات كتابنا ومثقفينا بأيسر الطرق. عادت المصداقية الى وسائل اعلامنا، بدأ المواطن يبحث عن المعلومة الصحيحة من خلال وسائل اعلام بلده، وعاد الدور البنّاء للاعلام. وحسنا فعلت الدولة باختيار الشخصيات المهنية ذات القدرة على مخاطبة الانسان العراقي والتي تتحدث بالوقائع والارقام والحقائق وتبتعد عن التخمينات والتحليلات لتوضيح صورة مايحدث في بلدنا.

وعلى الجانب الاخر من ذلك، سمحت تلك الحرية بظهور قنوات اعلام مختلفة ومتنوعة، فكما ان للدولة قنواتها لايصال ماتريد ايصاله الى المجتمع، ظهرت وبشكل واسع القنوات الاعلامية المضادة والمعارضة، وهذه لابأس بها اذا كان هدفها اظهار العيوب لغرض اصلاحها كتلك التي تلاحق و تنشر اخبار الفساد والجريمة والتقصير بحق المواطن وغيرها، وهذه القنوات ترى فيها الدولة مرآة لعيوبها واخطائها وترى فيها ظهيرا ومساندا لها كوسيلة رقابية فعالة تصل الى مالاتصل اليه ايدي واعين الدولة والمسؤولين. وعلى الضفة الاخرى من هذين النموذجين للاعلام ظهر نوع ثالث من الاعلام لعب ولازال يلعب دورا سلبيا ومعوّقا لبناء الدولة والمجتمع وتكوين وتطوير الثقافة المجتمعية والمساعدة في اعادة اللحمة الى المجتمع العراقي التي تعرض الى هزات عنيفة كادت تؤدي بالعراق الى مشاكل جمة على راسها الحرب الطائفية البغيضة.

ظهرت وسائل الاعلام هذه كنتيجة للتغيير الايجابي الذي حصل في العراق، مستفيدة ومستغلة للحرية المتوفرة ولكنها وللاسف لعبت ولازالت تلعب دورا سلبيا وهدّاما، بل لعب بعضها دورا لتمثيل وتنفيذ اجندات خارجية لاتريد بالعراق خيرا، فليس هناك اسهل من التلاعب بالالفاظ لتحويل الضحية الى جلاد وبالعكس ثم تسويق هذه الفكرة بما هو متاح من وسائل الاعلام. عملت وسائل الاعلام المشبوهة هذه بمبدا "اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى تصدق نفسك" للترويج لاجندتها واهدافها المشبوهة. وليس بعيدا عنا الدور السيء الدي لعبته الكثير من وسائل الاعلام العراقية منها ماياتي من داخل العراق واخرى من خارجه في تاجيج الاصطفاف الطائفي البغيض وتسويق الحج والاعذار للاقتتال بين فئات المجتمع العراقي.

وكما ان لكل مهنة مايعرف باخلاقيات المهنة، فلمهنة الطب اخلاقياتها التي تميزها عن باقي المهن، وللمهندس والمعلم وغيره، كذلك فان للاعلام اخلاقياته، فالكثير من المهن لايتعدى حدود تاثيرها وعملها مكانا وزمانا محددين، يتميز الاعلام باتساع وربما شمولية تاثيره على مديات واسعة وآفاق متنوعة، الامر الذي يجعل هذه المهنة تتحمل مسؤوليات تتجاوز الحدود الشخصية والزمانية والمكانية بل ويمكن ان يتعدى تاثيرها حتى حدود مجتمعها. ومن المفيد ان ندرج في سياق الحديث بعضا من تلك الاخلاقيات التي ارغب برؤيتها كقاريء في صحافتنا خصوصا واعلامنا عموما ومنها التفكير الحر وغير التبعي، المسئولية في نقل الاخبار وغيرها، الاستقلالية وعدم الانحياز، المصداقية والدقة، المحافظة على حقوق الاخرين واحترامها،و النقد الهادف والبناء.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك