علي الزبيدي
لكل دعاة إيديولوجيا أهداف متعددة من أهمها أن يؤثروا في بيئتهم ووسطهم الاجتماعي ، لكي يكون لهم قاعدة جماهيرية واسعة ترفع من شأنهم السياسي ، وتمنحهم سطوة وصوتاً مسموعاً ومكانة لا يمكن التغاضي عنها أ تجاهلها.. وهذا ما تسعى له جميع القوى العاملة في الساحة العراقية اليوم ، ومن بينها القوى العلمانية الليبرالية ، إذ جاءت هذه القوى بعد سقوط الصنم وبدأت بالعمل والتنافس لكي تجد لها مكانا في السلطة عبر الانتخابات ، لكن صدمتها كانت كبيرة عندما لم تحقق شيئا يكاد يذكر ، ولم يكن منها الا ان تأخذ بالتبرير لتلك النتائج المخيبة التي لحقت بها ، ثم منّت النفس بانتخابات قادمة ، لم تأت هي الاخرى بجديد ، إذ حملت أيضا نذر الخيبة والخسران للعلمانية وانصارها ومبشريها العتيدين.
في الانتخابات الاخيرة شهدنا صحوة لتلك القوى ، إذ راحت بعض وسائل الاعلام تروج بصعود نجم العلمانيين في الانتخابات لمجالس المحافظات ، لكن النتائج ابدت خساراتهم الفادحة مرة أخرى .. ، وأخرى .. فهل آن لهم أن يعتبروا. يجدر التساؤل هنا ـ وهو ما يهمنا من هذا الموضوع ـ لماذا لم تحقق القوى العلمانية اللبرالية ما كانت ترجو أو يرجى لها ، وما هي اسباب فشلها؟ والاجابة عن هذا التساؤل لا تنبع من سوء اعدادها لحملاتها الانتخابية والدعائية ، أو ضعف إقناعية برامجها السياسية ورؤاها الآنية، بل يعود الأمر ـ برمته ـ الى عدم وثوقية المجتمع العراقي بعامة بإيديولوجيات هذه القوى العلمانية ومناهجها الفكرية ، والتي تتقاطع مع الدين والقيم الأخلاقية ، وهو ما لا يمكن أن يفرط به هذا المجتمع بأن يقوم بتسليم زمامه إلى من ليس لديه مقدسات أو محرمات أو خطوط حمر ، ويؤمن بأن (الغاية تبرر الوسيلة) مهما كانت هذه الوسيلة قذرة ، بل ويدعو أيضا إلى إشاعة جميع ممارسات المجتمعات الغربية في مجتمعنا وصولا به إلى حالة من التحلل والفساد والتنكر للقيم المتوارثة. كيف يمكن لهكذا قوى ان تستمر بين ظهرانينا ، او ان تحقق ما تصبوا اليه ؟ نصيحتي لهم ان يعودوا الى رشدهم ، وان يدخروا اموالهم لاشياء نافعة.. بدلا عن تبديدها على القنوات الفضائية للترويج لهم او في دعاية انتخابية خاسرة.
https://telegram.me/buratha