ميثم المبرقع
قد يقال ان الدستور ليس مقدساً وليس وحياً منزلاً وانما يستمد شرعيته من شرعية الايادي التي كتبته وفق مقتضيات وحيثيات دينية واخلاقية وثوابت وطنية تأخذ المصالح العليا بنظر الاعتبار وتمنع انزلاق الدولة باتجاه الشخصنة والفردية والاستئثار بالقرار او الوقوع في مستنقع الديكتاتورية والطائفية والمناطقية. واذا كان ذلك صحيح باعتبار ان الدستور ليس مقدساً فالصحيح ايضاً انه غير مدنس وغير قابل لامزجة الاخرين وقناعاتهم الفئوية والشخصية والحزبية.
فللدستور حرمة لا يمكن انتهاكها وحدود لا يمكن تجازوها الا وفق مصالح عليها وحيثيات ملزمة تستلزمها افكار ورؤى ممثلي شعبنا وضمن ما يتطلبه الدستور نفسه من تغييرات معينة لا تمس الثوابت والاولويات.فلو تعارضت مصالحنا الخاصة والفئوية مع ثوابت الدستور وبنوده فاننا نقدم الدستور عليها وهذه واحدة من خصائص الدستور الاساسية فليس الدستور نتاج مزاجات وقناعات خاصة بل عدم رضا الجميع على ان الدستور لم يلبي قناعاتهم الخاصة هو من عناصر القوة في الدستور لاننا في بلد متعدد الاديان والقوميات والمذاهب ومختلف القناعات والامزجة والتوجهات.
قد يكون الدستور معيقاً لطموحات قوى سياسية او شخصيات مؤثرة في البلاد وقد يكون الدستور مانعاً لتوجهات حزبية وكتلوية وهذا ايضاً من نقاط القوة وعوامل الثبات والمقبولية له. المطلوب ان نستجيب جميعاً بكل قوانا واطيافنا السياسية لما يريده الدستور لا ان يستجيب الدستور الى ما ارادتنا ورغباتنا الخاصة فلا نغير الدستور لفكرة طارئة او مصلحة جزئية بل نغير الفكرة الطارئة والمصلحة الجزئية للرؤى التي يحكمها الدستور باعتباره المرجعية الاعلى للاختلافات السياسية.
اية محاولة حزبية او شخصية او فئوية لتغيير الدستور هي الخطوة الاولى للانزلاق في فخ الديكتاتورية والاستبداد والفردية وان التوجهات السائدة والدعوات المنادية بتغيير الدستور تشعرنا بوجود اياد خفية تعمل على نسف العملية السياسية من الداخل فلينتبه المتصدون الى خطورة هذا المنزلق لكي لان دفع الثمن مرتين.
https://telegram.me/buratha