علاء الموسوي
في الوقت الذي تشهد فيه الصحافة العراقية مظلوميات متعمدة من قبل مؤسسات الدولة، بدءا من حرمانها لقوانين تحمي منتسبيها من انتهاكات وتجاوزات الاجهزة الامنية، وتعرضهم للاغتيال والاستهداف، وانتهاء بالوعود الحكومية الكاذبة في عيش رغيد وسكن ملائم وحياة تنعم بالمساواة لجميع الصحفيين على اقل تقدير. تأتي التجاوزات والانتهاكات الصارخة من قبل المكاتب الاعلامية لبعض الوزارات، والتي اضافت ارقاما قياسية اخرى لسجلها الاداري المتهم بالفساد، عبر اصدارها لصحف ناطقة بأسم وزيرها وليست وزارته، فضلا عن حصر اعلانات تلك الوزارة بها، دون غيرها من الصحف الاخرى ( الاقربون اولى بالمعروف) !.
والغريب في ذلك ان نقابة الصحفيين العراقيين بدلا من ان تتصدى لتلك المحاولات الرخيصة والتي تهدد بايقاف صحف مستقلة تمول من قبل وارادات تلك الاعلانات، عن طريق تشكيل لجان تنفيذية بالتعاون مع تلك المكاتب لنشرها في اوسع نطاق ممكن من الصحف... تغض الطرف عن ذلك لتحابي المركز الوطني للاعلام في مجلس رئاسة الوزراء والذي صرح هو الاخر بضرورة ايجاد تشكيل مجلس اعلى للاعلام يعمل على شرعنة القوانين والتعليمات الصادرة من الحكومة تجاه الصحفيين، وتنظيم عملهم بما يناسب المرحلة التي ترتأيها الحكومة الموقرة. وحين نسأل لماذا هذا الصمت المدقع... يقال: علينا ارضاء الحكومة لكي توافق على مطاليبنا في قطع الاراضي واطلاق الرواتب واقرار قانون حماية الصحفيين المرمي عرض حائط البرلمان، ناهيك عن الخوف من الدخول في استفزاز الحكومة بموافقتها لمشروع مركزها الاعلامي.
المشكلة المشخصة هو في اتجاه دوائر الدولة للترويج عن منجزاتها دون اهتمامها بمعرفة ما يجول في خلجات السلطة الرابعة في تحديدها لنقاط الضف وموارد التقصير بحق المواطن. اذ عمدت المكاتب الاعلامية لتلك الوزارات بمنع ايصال عشرات الصحف الى مكتب الوزير واحتلاله فقط من قبل صحيفة الوزارة المعنية، والتبجح بمباركة الوزير بان تمويل صحيفته قد تم اكتفاءها ذاتيا عن طريق نشر مئات الاعلانات الصادرة من دوائر تلك الوزارة، الامر الذي يعتبر خرقا لقواعد نشر الاعلان الحكومي في وسائل الاعلام.
طبع صحف ومجلات ناطقة باسم الوزارات، وباعداد كبيرة تتجاوز اضعاف نسخ الصحف المستقلة والحزبية، ومنع الاخيرتين من موارد اعلان الوزارات، يشكل ظاهرة غير صحية وخطيرة في جسد الاعلام المستقل، لاسيما وان الحكومة مازالت تغض الطرف عن حل تلك المشكلة التي باتت تهدد كيان العشرات من الصحف التي ستتعرض في حال افلاسها الى اللجوء الى مصادر مجهولة في تمويلها، والاضطرار الى تحكمها بالسياسة العامة لمطبوعها. ولانستغرب في المستقبل القريب ان يعمم قرار حكومي بان تتصدر صحف الوزارات اسس الترويج الاعلامي لفضائيات ومؤسسات اعلامية هي الاخرى مرتبطة باعلام الحكومة دون الدولة.
https://telegram.me/buratha