احمد عبد الرحمن
من الواضح والجلي للجميع ان اتفاقية تنظيم انسحاب القوات الاجنبية من العراق التي ابرمت بين الحكومتين العراقية والاميركية اواخر العام الماضي، وتم الشروع بتنفيذها مطلع هذا العام، حددت وقيدت تحركات وصلاحيات القوات الاجنبية المتواجدة على الاراضي العراقية، ولم يعد مسموحا لها على ضوء الاتفاقية ان تقوم بعمليات دهم واعتقال كما كان يحصل طيلة الاعوام الستة الماضية، واذا كان ذلك يمكن ان يحصل في حالات استثنائية جدا، فأنه لابد ان يتم عبر التنسيق مع القوات العراقية، ووفق قرارات من الجهات العليا المسؤولة في الدولة.
ومن الواضح والجلي، والمتعارف عليه في كل الانظمة والمجتمعات الديمقراطية التي تحتكم الى الدستور ان عمليات الدهم والاعتقال والاستدعاء للتحقيق تتم عبر مذكرات صادرة من الجهات القضائية الى الجهات التنفيذية المسؤولة، ويكون ذلك بطرق واساليب متحضرة تعكس طبيعة وحقيقة النظام الديمقراطي ودولة المؤسسات، واحترام الدستور وعدم التجاوز او الالتفاف عليه. ولكننا للاسف، شهدنا بعد اقرار الدستور الدائم، وكذلك خلال الشهور القلائل الماضية، التي اعقبت ابرام اتفاقية تنظيم سحب القوات الاجنبية والشروع بتنفيذها خروقات وتجاوزات خطيرة ومقلقة ضد مواطنين وضد جهات مختلفة، وكان اخرها اعتقال مسؤول فرع المجلس الاعلى الاسلامي العراقي في محافظة ديالى مع اشقائه وقتل مواطن اعزل بدم بارد.
ولنا ان نتسائل هنا، في حال ان القوات الاميركية هي من تقوم بتلك الاعمال.. الا يعني ذلك خرقا واضحا لواحدا من اهم بنود الاتفاقية؟. ولنا ان نتسائل هنا ايضا، في حال كانت القوات العراقية هي من تقوم بتلك الاعمال..الا يعد ذلك تجاوزا وانتهاكا للدستور واستخفافا بأبسط حقوق الانسان؟... وما الذي يسوغ ان يتم اعتقال وقتل الاشخاص بطرق وحشية مرعبة ومن دون تهم واضحة، ولامذكرات قضائية؟.ومن المسؤول عن ذلك كله؟..
لاشك فأن أي مواطن سيقول لاول وهلة ان الحكومة العراقية هي المسؤولة عن حماية مواطنيها وعن احترام الدستور، وعن عدم انتهاك حقوق الانسان. ولايمكن بأي حال من الاحوال القبول بمنطق الاعتقال على الشبهة، او استنادا الى تقارير "المخبرين السريين" التي يمكن ان تكون كيدية او غير دقيقة، او تأتي في سياق تصفية حسابات واخذ ثأر، او جزء من اجندات سياسية معينة. ان مثل تلك الظواهر الشاذة لاتنسجم مع اجواء ومناخات الديمقراطية، وشفافية القضاء، ووضوح سياقات عمل الاجهزة والمؤسسات العسكرية والامنية في الدولة.
https://telegram.me/buratha