المقالات

السادية الادارية في الدوائر العراقية


محمد مهدي الخفاجي

السادية هي الاستمتاع والتلذذ بعذابات ومعانات وآلآم الاخرين وهي درجة حرجة من الامراض النفسية التي تستحق الحجر الصحي والمعالجة الفورية المركزة على اعتبار أنها من الامراض الخطرة . ما يجب ان انوه له هو صدور قانون في السنوات الاخيرة لبعض الدول الغربية ُيلزم فيه الموظف الحكومي الابتسام بوجه المراجع ناهيك عن كل التسهيلات الاخرى التي يتقاضى من اجلها هذا الموظف راتبه والا لما يتقاضى راتباً وما هو عمله .

نحن في العراق لا نريد ان نصل الى هذه الدرجة ففي العرف الوظيفي العراقي اذا ابتسم الموظف بوجه المراجع كفر والحاد ما عاذ الله وسوف يفقد الموظف الحكومي وقاره وتُخدش هيبة الكرسي الحكومي وهذا في العرف القبلي البدوي الذي نشأنا عليه يمس برجولتهِ وفحولتهِ ويعتبر انتقاصاً من شخصيتهِ ولا يسلم الشرف الرفيع من الاذى .

ففي العراق لا نريد من الموظف الفحل المبجل المحترم المقدر الذي لا يفهم احد سواه في ادارة الاعمال ولا يساويه مواطن _ لا سامح الله _ في تفسير وتسيير وتسهيل المعاملات ان يبتسم بوجه المواطن وانما نريد منه ان يصغي للمواطن فقط ويسمع منه مبتغاه ويرشده فقط لا اكثر .

من منا في العراق لم يراجع دائرة حكومية من الشباك وظهر مكيف الاهواء الذي ينفخ الهواء الحار في عز الصيف ودرجة الحرارة تتجاوز ال50 مئوي وهو يقف في طابور لا يتحرك الا ما شاء الله والموظف المبجل يجلس في غرفة مغلقة مبردة ويراجعه المواطن من الشباك حصرا هذا اذا لم يغلق الشباك بين الفينة والاخرى بوجه الناس المتجمهرة حتى لا يخرج الهواء البارد من الشباك وتخرج البرودة من الغرفة الموقرة .

والغريب بل الاغرب ان هذا الموظف الذي يعامل الناس بهذا الاسلوب سوف يُعامل في دائرة اخرى بنفس اسلوبه اذما ذهب ليراجع لينجز عملاً شخصياً .

من منا لم يحس أن الموظف يُعقد الامور عليه ويحاول ان يعيقها هذا بعد ان ينظر اليه بعين واحدة اذا لم يكن لا ينظر اليه اصلاً . ومن منا لم يرتفع صوت الموظف الحكومي عليه بعد ان يأخره ويذله ويهينه لمجرد انه طلب منه ان يلتزم باستلام المعاملات من الطابور وبالدور دون تدخل محسوبي او منسوبي .

من منا لم يتعمد موظف دائرة ما ان يُدخل معاملته في مقبرة البيروقراطية الادارية وهي لا تستحق الا الى توقيع بسيط من يده الملكية المبجلة .

والشيء بالشيء يذكر حيث اعلن بعض من موظفي احدى الدوائر في( مدينة الناصرية) على سبيل المثال لا الحصر انهم يتعمدون ان يفسروا الكتب الرسمية الواردة اليهم من الوزارات بأسوء التفاسير منعاً لوقوعهم بأي خطأ اداري ويرددوها وبكل فخر وهذا الامر المضحك المبكي لا يمكن السكوت ازائه ولنراجع قوائم الرواتب ونرى من هذه التفاسير ما يجعلك تلطم على الرأس من تفسيرات الموظف الموقر لقانون الرواتب والسلم الوظيفي والدرجات الوظيفية وموقع كل فرد في هذه السلم فقد وصلت سادية الموظف الى اقرانه الموظفيين وفي نفس دائرته وليس المواطن وحسب.

اتذكر حينما كنت ادرس في احدى الجامعات خارج البلد كان هنالك موقع الكتروني يربط جميع الجامعة المترامية الاطراف وفيه لكل طالب اسم يحدده الطالب لنفسه ورقم سري يختاره الطالب يقوم من خلاله الطالب بأرسال جميع معاملاته وطلباته واوراقه عن طريقه ويتم الجواب عليه في نفس الموقع وتُنجز هذه الكتب والمعاملات بدون مراجعة الطالب احتراماً للوقت وما تتسبب به مراجعته من ارباك للطرفين اضافة الى هدرٍ للوقت والمال والجهد فمتى نعي ونواكب العالم ونترك الافكار البعثية الموروثة من نظام الطاغية المشنوق التي اورثها لبعض الناس ومتى نرتقي الى الاسلوب الانساني في التعامل ونترك السادية والتلذذ بمعاناة الاخرين وحاجاتهم فمثلما تُدين تُدان والدهر يومان يوم لك ويوم عليك .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
عراقي
2009-03-27
ان مصيبتنا نحن العراقيين لا حدود لها اقسم بالله فكل شخصيات العراق وبدون استثناء لم يخاطبوا الشعب العراقي اجتماعيا اي بمعنى اوضح لم ولن يتطرقوا الى عيوب الناس الاجتماعية وعلى ابسط مثال جل ساستنا المحترمون كانوا في بلاد الغرب بلاد(الكفر )كما يسميها مسلمي الارض هل تطرق او عمل احد من هؤلاء الساسة على نقل صورة عن تعاملات الغرب الاجتماعية الايجابية بالنسبة لديننا الحنيف والتي هي جزء يسير من تعاليم النبي وال بيته انهم افضل منا فقط بوقوفهم بالدور في كل معاملات الحياة هناك لكن تبقى الحكومة من هذا الشعب
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك