( بقلم : ميثم المبرقع )
قد يحلو للبعض ان يقارن بين المصالحة الوطنية في العراق وبعض البلدان التي عاشت تجارب مماثلة للواقع العراقي كتجربة جنوب افريقيا التي عانت من التمييز العنصري الذي مارسه البيض ضد مواطنيهم من السود طيلة ثلاثة قرون. وهذه المقارنة غير دقيقة بسبب اختلاف طرفي المصالحة في كلا البلدين وتحديد المفاهيم والمصطلحات في معاني المصالحة واطرافها. ففي كل تجارب العالم اعتذر المسيئون لشعوبهم وطلبوا العفو منهم بسبب اخطائهم وخطاياهم. والاعتذار شجاعة وقمة الوعي ولا يقدم عليه الا الذين وصلوا الى فهم حضاري واخلاقي لان المكابرة والاصرار على الاخطاء حماقة ودناءة.
وما يجري في العراق هذه الايام في غاية الغموض والضبابية فان اولئك الجلادين والمخطئين بحق شعبنا مازالوا يطالبون الضحايا بتقديم الاعتذار لهم لانهم واجهوا نظامهم السابق كخطوة مقابلة لاعتذارهم ولا ندري من يعذر من ؟ الجلاد او الضحية. ولابد من الاشارة العابرة الى ان ما يجري في بعض احيائنا ومناطقنا بين المواطنين هذا ليس من المصالحة بشىء لان المصالحة متفرعة من الخصومة والنزاع وليس ثمة صراع او نزاع بين المواطنين وان اختلفوا مذهبياً او دينياً او قومياً او مناطقياً ويمكن ان نطلق عليه تطييب خواطر وتهدئة مشاعر بسبب ما حصل من شد طائفي واحتباس مذهبي بعد احداث تفجير المرقد المقدس في سامراء عام 2006.
المصالحة الوطنية مع ازلام النظام وبغض النظر عن الدستور لابد ان يسبقها اعتذار من ذوي الشهداء والضحايا وليس هناك من له الوصاية او القيمومة على ضحايا العراق لكي يتصالح نيابة عنهم او يتحدث باسمهم او يسامح او يصافح بدلاً عنهم. ازلام النظام لم ولن يعتذروا بل يطالبون الضحايا بالاعتذار كما كانوا يطالبونهم بدفع اطلاقات الرصاص التي تطلق لقتل ذويهم في حفلات اعدام يومية في سجن ابو غريب قسم الثقيلة مرتين في الاسبوع في العهد البائد. وما يميز حزب البعث عن غيره من احزاب الكون هو انه عصابة تقود حزباً وليس حزباً يقود عصابة حتى يمكن التخلص من هذه العصابة لتأهيل هذا الحزب من جديد ومن فكر بعودته فانما يعطي مجالاً للتأمر والتصفيات والانقلابات.
https://telegram.me/buratha