المقالات

القائد الكهربائي


فراس الغضبان الحمداني

قبل أن تغزو أمريكا العراق كان التصور لنا من خلال أبواق دعايتها بأنها الدولة العظمى التي تستطيع إن تنجز للشعوب المعجزات ومنها الديمقراطية وتحويل البلاد إلى ولاية أمريكية من حيث التمدن والأعمار ومن الطبيعي ان يكون التيار الكهربائي ابسط الاشياء التي تستطيع الولايات المتحدة توفيرها .

وبعد ما يقارب ست سنوات عجاف على احتلال العراق وتحويل مدنه إلى ساحة للحرب مع الارهابين كلفت العراق والعراقيين الملايين من الضحايا والمهجرين والمليارات من الدولارات المهدورة ، لكن البلاد مازالت تعيش في عتمة وبدون كهرباء رغم إنفاق مالا يعد ولايحصى من الملايين على عمليات الترقيع وإصلاح المحطات القديمة ، وصارت الحكومة العراقية كما يقول المثل البغدادي مثل ( الأطرش بالزفة ) .

حيث كان المسؤولون في الأسابيع الأولى للغزو يتحدثون عن شهور قليلة لنصب المحطات بخمس مليارات فقط ولكنهم الآن يتحدثون عن عشرين عاما وعشرات المليارات وأصبح التعاقد مع شركات عالمية لإنتاج الكهرباء للعراقيين وكأنها معجزة يستغرق إتمامها عقودا طويلة وكأننا نريد إن نعيد تصنيع( سفينة نوح) بذات الأدوات القديمة .

وإزاء ذلك يشعر الناس ألان بان أمريكا وأسياد البيت الأبيض يكذبون ويدجلون على الشعب العراقي واتخذوا من أزمة الكهرباء وسيلة لمعاقبة العراقيين !! . فبعد إن كان صدام حسين يعتقل عشرات الآلاف في السجون والمعتقلات كي يعانوا من البرد والحر رغم إن بينها زنزانات كما اخبرنا البعض كانت مكيفة .. وحتى إن سجن أبوغريب الشهير لاتنقطع عنه الكهرباء ساعة واحدة رغم انه مأوى للمتهمين والمجرمين . لكن بيوت العراقيين وملايين المواطنين يعيشون ألان ومنذ سنوات عدة فيما يشبه المعتقلات ومستوطنات التعذيب حيث لاينتظم التيار الكهربائي ساعة واحدة باليوم بينما كانوا يتحدثون بساعتين مقابل ساعتين وكنا نتذمر حتى أصبحنا نرضى بالساعة مقابل 24 ساعة .

 وصارت لكل منا قصص مأساوية في هذاالصراع المميت مع الكهرباء و التي أسهم غيابها بإيقاف المبدعين عن إبداعهم وتعطيل المفكرين عن أفكارهم وتأخير الطلبة عن دراستهم وتعليمهم وتوقفت ورش الصناعيين بل أنها وليس بذلك مبالغة جعلت الرجل ( يفارق ) زوجته فمن يشتهي هذا الحنان في ظل حرارة الصيف الملتهبة او برد الشتاء القارس وصار الأب يضرب أطفاله لانهيار أعصابه بسبب الكهرباء.

وما إدراك ما تخلفه لنا الكهرباء من مشاكل وتعقيدات ونقسم بالله بأنها تحرمنا من النوم ومن انتظام التفكير وقطع الأرزاق اذ لايقل غيابها دمارا عن دمار المخربين والإرهابيين .

. ولانخجل إن نرفع أصابع الاتهام إلى البرلمان العراقي وأقطاب الحكومة وكبار المثقفين والمستثمرين ومختلف أنواع القيادات بأنهم يعيشون بواد وبمناطق خضراء لاينقطع التيار الكهربائي عنهم ولا تتوقف خزينة الدولة من ملء جيوبهم بالدولارات وكروشهم بما لذ وطاب من المال السحت الحرام بينما الشعب العراقي لاينام في كل الأيام وتهاجمه أسراب البعوض في الصيف وأنواعا أخرى من الحشرات القارصة التي لم نرها من قبل في الشتاء .

.. وصارالشعب يشعر بأنه فاقد الأهلية وانه لايمتلك حقوقا إنسانية بل هو يعيش كما تعيش قطعان الماشية في زرائب قذرة ورعاتهم ينامون على الحرير بعد إن وعدوه بالكلام المعسول بأن إسقاط الدكتاتورية سيجعلهم يعيشون بجنة عدن وهم اليوم لايريدون من هؤلاء جنات أو انهار بل أصبح القاسم المشرك للعراقيين جميعا هو انتظام التيار الكهربائي بأي ثمن كان وهذا الانجاز هو الذي يؤكد من هو القائد الحقيقي الذي يخدم الشعب ومن هو القائد ألنفاقي .

وصار الأمر ينحصر بأن من يحقق هذه الأمنية للعراقيين هو القائد الأكثر صدقا بالتاريخ لان الكهرباء أيها السادة تعني الحياة والحرية والكرامة والتمدن فمن يحققها حقق حلم العراقيين ومن فشل فقد اندحر والى الأبد ... نعم نريد القائد الكهربائي ولا نريد قائد الفرسان لان الفروسية الحقة هي في المعمار وليس في المضمار.. وأخير نقول خذوا الدستور والبرلمان والحكومة والأمريكان وأعطونا الكهرباء .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
محمد العماري
2009-03-22
لقد وعدتنا الحكومه وعلى لسان السيد رئيس الوزراء بأن يعطونا الكهرباء 4ساعات مقابل 2 ساعه اطفاء وأعتبارا من لصيف القادم . ولا أعتقد ان العراقيين نسوا هدا الوعد ولكن لحد الان لا توجد اي بادره لتحسين الكهرباء ولا تزال العقود حبر على ورق والصيف يطرق ابوابنا وبقوه والسؤال هو ادا كانت الحكومه تكدب من اعلى مستوى الا يسمى هدا فساد أخلاقي والاجدر بها ان تستقيل
ابو طالب
2009-03-22
احسنت فيما قلت واؤيدك بشدة ولكن اعلم يا أخي ان الكهرباء اذا عادت فسيشعر العراقيين بالتغيير وسيبدأون بالاعمار وهذا يعني الدمار الشامل للبعث والوهابية وهذا ما لا يريده هؤلاء , لكي يحن الناس إلى أيام المقبور صدام و يكرهوا الحكومة وكما اعتقد إن الكثير منا يسمع التالي باللهجة العراقية " وين التغيير اللي يحجون بيه؟ شو الكهرباء نفسها من أيام صدام اذا ما اتعس خوب على الاقل ايام صدام جان اكو (أمان) وعود يكولون صدام مو زين !" . لي صديق يعمل في دائرة الكهرباء يقول كلما نعمر محطة يدمرها الارهاب !!
Zaid Mughir
2009-03-22
أخي فراس ..أيهم السامرائي هو مناضل بعثي يستطيع أن يعلق على مقالك والمناضل الثاني كريم وحيد ..موضوع ثاني هو المجاهدين الأبطال الذين يتاجرون بأسلاك الضغط العالي والأبراج ..فقبل أن نلوم الأميريكان يجب أن نحاسب أنفسنا ..كم موظف في دائرة الكهرباء استشهد وعلى يد العفالقة وهو يحاول أيصال المولدات أو يقوم بتصليح الأبراج ..وأهم شيء أسأل كريم وحيد عن مولدات التاجي والمسيب من أوصلها الى المسيب وكم شخص قتل وهو يحاول ايصالها ومن هم الشهداء الذين ضحوا من اجل ايصالها من التاجي الى المسيب ؟؟؟؟؟؟؟؟
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك