علاء الموسوي
لعل الغموض وخلط المفاهيم من ابرز السمات التي تعتلي المشهد العراقي بكل تفاصيله بعد ست سنوات من التغيير، بدءا من الملف السياسي ومرورا بالخدمات وانتهاء بالوضع الامني والتحسن النسبي فيه، فبالرغم من الانجازات الامنية الكبيرة والتي قصمت ظهر الارهابيين في اجزاء كبيرة من البلد، الا ان المؤشرات الميدانية والظروف الموضوعية لهذا الملف الخطير تجعلنا نقف عند الكثير من المواقف والايدولوجيات المتبعة من قبل الحكومة في التعامل مع الارهاب وفلوله من الصداميين. لاسيما بعد دعوتها المبهمة تجاه عودة حزب البعث الى العملية السياسية وكبار ضباط الحرس الجمهوري من ازلام النظام الصدامي البائد.
ففي الوقت الذي يتنفس المواطن فيه الصعداء على باحة الامن في اغلب شوارع بغداد، يأتي شبح الارهاب الصدامي ليخيم من جديد على التجمعات السكانية، معلنا البدء بجولة بربرية لاضمحلال الإنسانيّة في بلد صار شوكة في ( حلق ) الرهان الإنساني للعالم كلّه. وفي خضم ذلك كله، فضلا عن تردي الملف الخدماتي الذي بدأ الشارع المحلي يضيق ذرعا منها، تأتي التصريحات النارية التي تصدر من افواه الكثير من السياسيين بشأن التعديلات الدستورية والقانونية والامنية وو.. والقائمة تطول،لا لشيء سوى التعطيل للمشروع السياسي في العراق الجديد ، بذريعة الحفاظ على مصالح الشعب وتحقيق المصالحة الوطنية مع جهات لايعلمها الا المتصالحين انفسهم.
ولا ادري هل فعلا مصلحة الشعب والوطن بهذا التعقيد والايهام لكي تختلف الجهات والتيارات والشخصيات في اختيار المصلحة العامة وتحديد المعايير المنطقية للافضلية والاختيار الانسب لمقررات الشعب، ام ان المسألة خاضعة للامزجة الفردية والشخصنة السياسية لكي تفعل تلك الاساليب في الاعتراض والرفض والتي لاتنسجم والتوجه الديمقراطي للعراق من اجل النهوض بواقعه السياسي والامني والاقتصادي؟.اعتقد ان المشكلة لدى تلك الاطراف او الجهات او الشخصيات على اقل تقدير من غير ذكر الاسماء ـ كما تقتضيه المصلحة ـ الافتقار الى الانضباط الوطني والاخلاقي لكي تمارس الازدواجية في عملها السياسي وممارسة نشاطها الحكومي والبرلماني في عرقلتها وتعطيلها لاهم القوانين الناجعة بما تخدم المواطن العراقي في تخفيف حدة معاناته اليومية والذي كان التعطيل لها سببا رئيسا في حجم هذه المعاناة المتكررة واليومية لكاهله المتواضع.
ما يحدث الآن من حراك تعطيلي في المشهد السياسي والذي انسحب بدوره الى العمل الحكومي هي ارهاصات سياسية متشنجة مازلت تجد الطريق معبدا لها في المطبخ السياسي عبر جهات وشخصيات يعرفها جيدا المواطن العراقي. ولعل ما تفرزه الايام من انحراف عن المسار الحقيقي للديمقراطية، من قبل جهات اعلنت جهرا وعلانية عن مخالفتها لاطرها وسياستها المعلنة سابقا، ستكون شاهدة على تطبيع ذلك الانحراف بمسميات واشكال جديدة.
https://telegram.me/buratha