( بقلم : ابو مصطفى الكوفـــــي )
قبل ان نذكر هذه القصة ننوه للقارىء العزيز بان اغلب القصص هي من القصص التي عايشناها والتي خفيت على الشعب العراقي ووفاء منا للشهداء وردا على رافعي شعار المصالحة مع المجرمين القتلة ، ( القصة ) في عام 1982 وفي زنزانات الامن العامة والتي اسلفنا انها ضاقت بالمعتقلين استقبلنا في زنزانتنا الشهيد ( المهندس عامر ) من اهالي الكوت قضاء الحي وقد خلعت له يداه بعد ان تعرض لابشع الوان التعذيب ،كان الشهيد عامر وسيم الوجه ذو عينان زرقاويتين وكانت حالته لاتبشر بخير ، كنت شخصيا اقوم باطعامه وايممه للصلاة بيدي وكان الاخوة الاخرون يقومون بتشطيفه عند قضاء حاجته ، بقي الشهيد المهندس عامر ثلاثة ايام وكان قد تعرض لضربة قاتلة على كليتيه ، والمعروف لدينا وحسب الخبرة التي اكتسبناها ان من يصمد في التحقيق اما ان يقتل اثناء التعذيب واما ان يضرب على كليتيه وهذه الضربة تعرضه للموت البطيء ، اللحظات الاخيرة والتي كانت اشد قسوة علينا عندما طلب الشهيد ادخاله للمرافق ثم طلب اخراجه ثم عاد فكرر الطلب ثم طلب منا شربة من الماء ،
كنا لانسقيه الا قطرات من الماء وذلك خشية ان يموت في الحال ، ثم عاود طلبه مرة اخرى ان يدخل المرافق وعندما حملوه في هذه المرة وقبل الدخول ثقل جسمه ، اخبرنا احد الاخوة الذين معنا والذي هو اكثر خبرة منا ان المهندس عامر سيموت فالضربة التي على كليته لاتبقيه اكثر من ثلاثة ايام وعندما ثقل جسمه معنى ذلك انه قرب اجله في هذه اللحظات ، اخرجناه من المرافق واجلسناه وبقي يطلب الماء ويردد اريد ماء اريد ماء فقال لنا احد الاخوة اتركوه فهو في اخر لحظاته وهو يلتفت الى الجميع حتى اخذ يخاطبني باسمي ويستنجد بي ، استجبت له ووضعته بين احضاني وهو يكرر طلب اريد الماء اريد الماء عندها وضعنا في فمه قطرات قليلة ، بعد لحظات ساءت حالته اكثر وبدى عليه انه ينازع فوجهناه جهة القبلة ،
قام احد الاخوة السادة من سكنة الخالص بتلقينه واغماض عينيه ، ما ان يرفع السيد يده عن عينيه يفتحها ويدير بها على الجميع وكانه يريد ان يحفظ الوجوه التي حوله او انه يبحث عن اهله واحبته في هذه اللحظات العصيبة ولا اتذكر حينها انه متزوج ام لا ، على العموم وافاه الاجل في الساعة الحادية عشر ليلا وقد ضج الجميع بالبكاء ، اخذنا نطرق على باب الزنزانة لكي يسمعنا الحرس ، فعلا جاء الحرس فاخبرناه ان شخصا قد وافاه الاجل ، وبقينا على هذا الحال حتى الساعة الثانية بعد منتصف الليل جاء جلاوزة النظام العفلقي وقالوا اخرجوه ، فقام اثنان من الاخوة بحمله في بطانبة واخرجوه الى خارج الممر الرئيسي وبعد ان رجعوا قصوا علينا ماحدث في الخارج ، يقول السيد جمال عندما خرجنا من باب الممر كانت الاسلحة موجهة علينا وكان الضباط يتكلمون فيما بينهم فقال واحدا منهم هذا ( فلان ابن فلان ) واخذ يشتمه ويسبه وقال مانصه ( هذا الكذا ابن الكذا ) الذي اتعبنا في التحقيق ولم يعترف ، ثم قال السيد جمال وضعنا الشهيد في جنطة سيارة لاندكروز ولاحظنا فيها مسحات وزنبيل ومعول .
https://telegram.me/buratha