بقلم الكوفــــــــــي
في بداية الثمانينات شهد العراق حملة اعتقالات واسعة جدا بحيث ان السجون والمعتقلات ضاقت بالاعداد الهائلة مما دفع بالنظام العفلقي الصدامي المجرم الى التسريع في الاعدامات ومنها بالجملة ، ( القصة ) عائلة عراقية من النجف الاشرف تتكون من اب مكفوف البصر وزوجة كبيرة في السن وولدين الاكبر لايتجاوز العشرين والاصغر لا يتجاوز الخامسة عشر ، قامت الاجهزة القمعية باعتقال الابن الاكبر دون علم الابوين والابن الاصغر وبعد مرور فترة لا تتجاوز السنة ،
ذات يوم طرقت الباب ففتح الابن الاصغر الباب واذا برجلين سلماه ورقة وابلغوه بان تستلموا ابنكم من الطب العدلي في بغداد ، تكتم الطفل على الخبر ولم يبلغ ابواه وفي صبيحة اليوم التالي توجه الى ( كراج النجف ) ووقف عند مركبات خط بغداد وهو ينظر بشكل يلفت الانظار اليه ، تقدم منه احد سواق التكسي والذي خطه بغداد نجف فسأل الطفل بشكل فضولي ماذا تريد ، فقص عليه القصة وابلغه بانه لايريد ان يعرف ابواه بالامر خوفا على حياتهما واخرج له الورقة ، شاء الله سبحانه وتعالى ان يتعاطف هذا السائق معه واصطحبه متوجها الى بغداد وفي اثناء الطريق قال السائق للطفل اذا سالوك عني فقل لهم انه من اقربائنا ، وعند وصولهم الطب العدلي وقبل الدخول التفت السائق الى الطفل فقال له لو دخلنا هل ستعرف اخاك فاجابه نعم ، عندها دخلا الى ثلاجة الموتى وعلى الرقم المدون قام السائق بسحب الجرار فنظر الطفل الى اخاه وصرخ باعلى صوته هذا اخي وترك المكان وولى هاربا ، قام السائق باخراج الجثة ووضعها في التابوت ومن ثم وضعها على سيارته والطفل جالس داخل السيارة دون ان يحرك ساكن من هول المنظر والصدمة ،
يقول السائق اثناء طريق العودة لم يتكلم الطفل بتاتا ووصلنا الى مدينة النجف عند الليل ، سالت الطفل اين عنوانكم فاشار الى عنوان معين وعند توقف السائق في رأس احد الشوارع نزل الطفل على امل ان يخبر اهله ، يقول السائق بمجرد ما نزل الطفل وابتعد خطوات حتى ولى هاربا بين الازقة واختفى وبقيت انتظر دون جدوى ، يقول السائق عندها علمت ان هذا الطفل اراد ايصال جثة اخيه الى النجف فهذا ماكان يفكر به وعلي ان اتحمل المسؤلية بنفسي ولا يمكنني ان اخبر الجهاة الامنية خشية ان يكون مصيري مصير الشاب المعدوم الذي معي ، ذهبت الى احد المقاهي الذي ارتادها ولي فيها اصدقاء فقلت لهم هذه جنازة امرأة مقطوعة ليس لها اهل فهل لكم ان تعيونني على دفنها ولكم في هذا ثواب فنهض اربعة انفار معي وذهبنا الى المغيسل داخل المقبرة وهناك اخبرتهم بالحقيقة ان الجنازة التي معي لشخص متهم بحزب الدعوة وتم اعدامه من قبل الحكومة ، يقول السائق لله الحمد تعاطف اصدقائي معي وأخذتهم النخوة والغيرة على هذا المعدوم وفعلا تم تغسيله وتكفينه ومن ثم دفنه في ذلك الليل ، يقول السائق بقيت اتردد على المكان الذي انزلت فيه الطفل لعلي اجده واظفر به كي اقدم له المساعدة ولابواه ولكن دون جدوى .
https://telegram.me/buratha