بقلم : سامي جواد كاظم
شيء جميل عندما يكتب الكاتب في موضوع معين يتناول نقد او مدح فكرة معينة فيستعين باصحاب الخبرة في مجال هذه الفكرة حتى يدعم مقاله بالافكار والاراء التي تزيد من متانة طرح الراي والاجمل هو حسن الاختيار لهذه الكفاءة المتخصصة بالفكرة المراد الكتابة عنها والاروع من هذا وذاك عندما يكون راي المتخصص يصب في صلب الفكرة . والشيء التعيس عندما يروم الكاتب الحط من فكرة معينة مستعينا بكفاءة تنحرف عن المقصود من الفكرة والنظر الى بعد لا يرتبط باصل الفكرة ومن ثم ربط انتقاد الفكرة بدوافع كامنة اصلا في صدر الكاتب لا علاقة لها بالموضوع . والاسوء عند الكاتب عندما يستعين بخبرة مشهود لها عند ذوي الاختصاص بحيث لا يمكن لنا مناقشة رايها في اختصاصها .
الكاتب رشيد الخيون والكفاءة محمد مكية والموضوع تسقيف الصحن الحسيني الشريف ، والمقال نشر في جريدة الشرق الاوسط السعودية ليوم الاربعاء 11/3 وموقع صوت العراق لنفس اليوم عنوان المقال ( مكية : تسقيف الصحن الحسيني كارثة ) ، من خلال اقحام الفطحل المعماري مع قوة سلبية العنوان يوحي بمضمون المقال وكان القارئ حكم على التسقيف من خلال عنوان المقال . ولكني قرات بدقة ما كتبه هذا الكاتب والذي كثيرا ما كتبت عن شطحاته في كتبه وكتاباته لانه يدس بها سموم كما كان معاوية يدس السم في العسل .
العيب عندما تكتب بالاستماع الى طرف واحد من غير الطرف الاخر فان الحكم مهما كان سيكون جائر .نحن لا نشك ولا يمكن لنا ان نشك بخبرة وكفاءة المعماري محمد مكية وعلى الطرف الاخر هنالك معماري عملاق اخر هو السيد محمد علي الشهرستاني وللاول انجازات فللثاني كذلك ولاننا على مقربة وتماس مع مراحل عمل التسقيف في الصحن الحسين الشريف لهذا سيكون لنا كلام يختلف جذريا مع ماورد في المقال .يقول الخيون في مقاله (وما حصل من كارثة بتسقيف صحنها، هزت المعمار المعروف محمد مكية، وهو يُقلب صور عملية التسقيف. وقد سألني ماذا ترى؟! قلتُ: ورشة حِدادة! قال: «لم يُعتد على عمارة الروضة مثل هذا الاعتداء! بل أجدها فاجعة وإهانة»!) .
اقول للخيون ومكية ان الصورة التي قلبتماها كانت في المرحلة الاولى للتسقيف والان لو اتيحت لكم الفرصة واطلعتم على التسقيف لما رايتم اثر للحديد ، واما وصف السيد مكية التسقيف بالكارثة والفاجعة والاهانة فهنا نقف عندها . لنسال الاخ مكية هل انت ضد التسقيف اصلا ام انك ضد طريقة التسقيف ؟
فلو كان السؤال الاول والاجابة نعم فالمبررات التي قلتها يا سيد مكية والتي طبل لها الخيون مبررات واهية كثيرا ما ردت من غيرنا ولكن من باب في الاعادة افادة نود الرد فالتراث والاثار تلك تحفظ في اماكن خاصة ياتيها الزائر او السائح للتعرف على تاريخ ولها اوقات دوام خاصة لا يمكن تجاوزها من قبل الزائر ،اما ضريح الامام الحسين عليه السلام فهو منهل عقائدي روحي عبادي دعائي فاذا ما المت بشخص ما لائمة او نائبة فان الملجأ والملاذ هو ضريح الحسين عليه السلام فالعلاقة بيننا وبين صاحب الضريح وليس قبة الضريح فالقبة تبقى وقد تنسف كما هو الحال في سامراء والتي هي الان في طور البناء وكانها ورشة حديد !! فالكلام عن الاجواء الروحانية والنظر الى السماء وشرطها ان تكون بمسافة محددة من الضريح هذا امر عاطفي لا علاقة له بالواقع حيث ان الاخوة لم يطلعوا ولا اقول تجاهلوا الملايين التي تحيي المراسم الحسينية في المناسبات الحسينية والتي تزدحم للدخول الى الحرم تحت السقف مع استحالة الوصول الى الشباك ، فاذا ما سقف الصحن وجعل المنطقة المحيطة به هي الصحن الخارجي والمكشوفة للفضاء وبمساحة اوسع بكثير عن الصحن القديم والتي يمكن لها ان تستوعب هذه الاعداد المليونية الزاحفة صوب الحسين ما الخلل في ذلك ؟!!.
السير على الاقدام للحج فيه اجر عظيم والاجر على قدر المشقة فلا اعلم من الذي ادخل علينا خردة من الحديد والبلاستك مع استخدام الوقود تحت اسم السيارة او الطيارة او القطار لتمنع عنا الاجر وتتلاعب بعواطفنا !!!.في حديث لي مع السيد صاحب الحكيم والذي له راي نفس راي الكاتب ومكية قلت له لماذا لا تنظر الى العناء الذي يتحمله الزائر من حر او برد وهو يؤدي الصلاة او مراسم الزيارة في الصحن اجابني ان منظر القبة والمئذنتين منظر رائع وكان الصلاة والدعاء لا تقبل الا بالنظر اليها ،واسترسل بالحديث ليذكر لي زيارته للفاتيكان في ايطاليا وكيف اذهلته بناية الفاتيكان العملاقة والفن المعماري الحديث وشساعة المساحة قلت له عجبا تمتدح الفاتيكان واذا ما اردنا التطوير في كربلاء نلام اي قسمة هذه !!
ان مسالة الكارثية والفاجعة تعطي الدليل القوي للوهابية للتنكيل بالشيعة انها تعبد القبور ولا علاقة لها بالله عز وجل ولا اعلم لماذا تحاولون الحفاظ على الاحجار وترفضون التغيير والتطوير ؟ والعكس مع الاحكام الشرعية التي تريدون لها التغيير والتطوير ضاربين عرض الحائط النصوص الداعمة للاحكام .وذكر الخيون في مقاله المراحل التي تطور اعمار الروضة الحسينية وتوقف منتصف القرن الثامن للهجرة مع الاطناب والمديح لتلك المراحل ، لا اعلم لماذا نقف عند منتصف القرن الثامن ولا نستمر اسوة بما هو عليه العالم من تطور ؟ لماذا هذا الكيل بمكيالين ؟ ستجدون الاجابة في نهاية مقال الخيون وما بها من افرازات كانت غايته نفثها فاستنجد اولا بمكية ليجعل افرازاته شرعية ولكننا سنرد .
وان كان راي السيد مكية في كيفية التسقيف فكان الاحرى به ان يوضح الافضل والاصح كما وانه على بعد مسافة قصيرة جدا من صاحب الفكرة والمشرف عليها السيد الشهرستاني في لندن فمقره لا يبعد عن دار مكية بالقرب من المتحف البريطاني ،ناهيك عن اجهزة الاتصال الحديثة والعصرية حيث تستطيع الاتصال والاستيضاح والرد والنقد ، اما استخدام الكارثة والاهانة من غير ادلة يكون الكلام شعوري لا عقلي .
للسيد الشهرستاني عدة انجازات رائعة وناجحة على غرار مشروع التسقيف في بلدان اخرى يشار لها بالبنان والامتنان .التسقيف هو اضافة وليس هدم فلم يتم تغيير المعالم ( التراثية ) للبناء القديم ، ولو انجز هذا العمل بوقت اسرع مما هو عليه الان وشوهد بعد الانجاز لظهرت الروعة باحلى صورها ، واذا ما فكرت ادارة العتبة في الرد على مكية او الخيون فافضل حل هو بناء مشروع اخر اضافة للتسقيف فعندها سيكون التسقيف مبجل وتراث ولا يجوز المساس به والمشروع الجديد كارثة واهانة!!!
وختام المقال هو نوايا الخيون التي يريد ان يفصح عنها فقد ذكر (على الدولة ألا تجامل في أمر عمران مدن العراق، وتمنحها لمؤسسات خيرية إيرانية! ومنها ما لم يرسم خطاً، ولم يضع حجرة في مشاريع إيران العمرانية! اسألوا حوزات إيران ومعماريها: هل يعتمدون تلك الجمعيات لإعمار ديارهم! وهل يوافقون على تحويل عتبات خراسان وقُم إلى خانات! لا تعجبوا، فما يأتي من إيران ما ليس له رواج هناك ) ، هنا المغالطة عن جهل ام تجاهل فالرد اولى واوجب ، يا اخي الخيون لا اعمار في العتبات الايرانية لغير الشركات الايرانية هذا اولا وثانيا من اين لك ان الشركات الخيرية الايرانية هي المشرفة على مشروع التسقيف لماذا هذا الاتهام الباطل ؟ وما دخل الحوزات التي تشير اليها فان الاعمار ليس امره بيد الحوزة في العراق ، كما وان في مشهد الرضا هنالك عدة صحون ومسقفة وواسعة بحيث لو انك اخطأت وزرت خراسان فانك ستتوه في مشهد الامام الرضا عليه السلام .نعم قد لا يعلمون الاخوة القراء ان لك اكثر من مقال تتكلم فيه عن فكرة معينة ثم تعرج على علماء ومراجع وحكومات شيعية لا هوى يجمعك معها فتنفث سمومك وهذا امر مكشوف .
ولاحظوا اخواني القراء اخر عبارة قالها الخيون (ما رأيكم لو حدث التسقيف في العهد السابق، ألا نقيم الدنيا ولا نقعدها! ونعده خراباً لحضارة البلاد، وعبثاً طائفياً بمقدساتها!) اقول للخيون لو ان صدام يعلم علم اليقين ان التسقيف هو كارثة لاقدم عليه في كربلاء والنجف والكاظمية وسامراء ولكنه يعلم انه تطور واعمار وعليه فهذه المراقد حسب ادبيات صدام والبعث لا تستحق التطوير بل العكس .
https://telegram.me/buratha